|
النظام الدولي الجديد ما بين الإرهاب والسلام ؟ شؤون سياسية ومع اقتراب الموعد الذي حدده الأمين العام للأمم المتحدة « بان كي مون » لعقد المؤتمر الدولي في جنيف لبحث الأزمة في سورية وفتح باب للحل السياسي بإشراف ومساعدة دولية ، ومع ما قامت به العصابات الإرهابية من جرائم على الأراضي السورية يندى لها جبين الإنسانية ، ومع ظهور بوادر انتشار الإرهاب الناشط في سورية في باقي دول العالم ، بات من المؤكد بأن قضية الإرهاب الدولي العابر للحدود أصبحت تُشكل عامل قلق كبير على القوى والدول الكبرى ومن بينها تلك التي لعبت في ورقة الإرهاب على الساحة الدولية لزمن طويل ، و بعد أن تناقضت أهداف التنظيمات التكفيرية الإرهابية مع الأجندات الاستعمارية الجديدة التي حملها ما سمي « بالربيع العربي» وأعطت نتائج غير منسجمة مع التوقعات الاستخباراتية على الأرض في العديد من دول الشرق الأوسط وخاصة في سورية التي غيرت مفاعيل التحركات الدولية الجديدة من خلال صلابة موقفها وصمودها شعباً وجيشاً وقيادة ، واستطاعت أن تفضح الأهداف والنيات التي تعمل عليها تلك العصابات بما يختلف كلياً عن الأجندات والجغرافية التي رسمتها لها دوائر الاستخبارات الغربية ، ما يُثبت من جديد بأنه ليس للإرهاب دين محدد أو لون أو حدود ، وإنه لا أخلاقيات محددة تُقيِّد طموحات التنظيمات الإرهابية التي تهدف إلى تخريب المجتمعات والدول وضرب استقرارها في الصميم تحت يافطة إقامة الإمارات الإسلامية ، وعدم قبول الآخر تحت أي ظرف أو مسمى مهما كان نوعه ، يُعيد إلى الواجهة حقيقة بأنه في حال انتشار الإرهاب لن تكون هناك دولة في العالم بمنأى من شروره مهما كانت قدراتها الذاتية عظيمة ، وهنا يبرز سؤال مهم هو : هل يُمكن اعتبار التصريحات الأمريكية الأخيرة الموجهة إلى الدول الداعمة للإرهاب في سورية بأنها قراءة موضوعية لمستقبل المنطقة والعالم في ظل استمرار تلك الدول بمد الإرهاب بالمال والسلاح والتغطية السياسية ؟ و ما هو مصير الأنظمة والدول التي تبنت إنشاء التنظيمات الإرهابية ودعمها بكل الوسائل اللازمة لانتشارها من أجل ضرب أمن واستقرار الدولة المتخالفة معها بالرأي السياسي أو بالمذهب الديني أو غيرها ؟ هذه الأسئلة وغيرها هي اليوم في رسم المجتمع الدولي الجديد والمنظمات الدولية ذات الصلة وخاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذين وضعتهم الأزمة السورية أمام مسؤوليات تاريخية تفرض تحدياً لمدى قدرة السياسات الدولية الجديدة على التفريق ما بين الإرهاب والسلام ، ولو اعتبرنا التصريحات الأمريكية الأخيرة صحوة ضمير من إدارة الرئيس الأمريكي « باراك أوباما » قبل أقل من شهر على موعد انعقاد مؤتمر جنيف في الثاني والعشرين من كانون الثاني لعام 2014 من أجل دفع الاتفاقات التي تمت بين الولايات المتحدة وروسيا باتجاه التطبيق الفعلي على الأرض ليس في سورية وحدها فحسب ، بل كذلك على الساحة الدولية في عملية تقاسم جديدة للمواقع ، واتخاذ مواقف صارمة من أجل تطويق الإرهاب الدولي والعمل بالتشارك لتحقيق سلام دولي حقيقي ، ولكن هناك سؤال هام يفرض نفسه هنا ، هو : من هي الجهة التي تستطيع إعطاء ضمانات فعلية بأن تستمر الإدارة الأمريكية في الثبات على هذا الموقف ، وهي المشهورة في استخدام التكتيك أكثر من الاستراتيجيا في السياسة الخارجية لا سيما وأن التجربة تؤكد بأن الثقة معدومة بالولايات المتحدة ليس من قبل الدول والأنظمة والقيادات فقط، بل كذلك من قبل الشعوب وفي مقدمتها الشعوب العربية التي حصدت الويلات نتيجة انصياعها للكذب والوعود الأمريكية عبر العقود الماضية ، لذلك يجب أن يكون هناك بند أساسي على أجندة مؤتمر جنيف يتضمن آلية مكافحة الإرهاب الدولي بمشاركة دولية حاسمة ، وتحميل الدول والأنظمة الداعمة والمسهلة لحركة مرور الإرهابيين مسؤوليات جنائية قاسية من أجل وضع حد لانتشار الإرهاب ، وتجفيف منابعه الأساسية وهنا لا بدَّ من بند آخر يؤكد على محاسبة الدول التي خالفت القانون الدولي ودعمت التنظيمات الإرهابية ورعتها بشكل علني وعلى رأسها السعودية وقطر وتركيا وإسرائيل ، وإلا تبقى التصريحات مجرد مسكنات لا معنى لها في معادلة السياسة الدولية الجديدة . هناك مؤشرات تؤكد بانكفاء الدور الأمريكي المقرِّر على ساحة الشرق الأوسط وليس غيابه بالكامل ، وهذا بحد ذاته عامل إيجابي في حل العديد من المشاكل المستعصية في المنطقة نظراً لحصول توازن جديد في الرؤى حول تلك المشاكل وبالتالي انتهاء مرحلة الرؤية الواحدة التي كانت تتفرد بها الولايات المتحدة الأمريكية وبما يخدم سياساتها ومصالحها حصرياً ، وبالتالي على الإدارة الأمريكية اليوم القبول بالرأي الآخر ، بل التوافق معه لعدم قدرتها على فرض البديل ، وهذا وفق التحليلات المحايدة يُعتبر هزيمة أمريكية كبرى ، ستقود إلى تغيير كامل في قواعد اللعبة الدولية ، وفي الشرق الأوسط هناك دول كانت تعمل كأدوات رخيصة للإدارة الأمريكية ستجد نفسها في مقدمة من سيدفع ثمن تلك الهزيمة وعلى رأسها أنظمة الخليج ( بالتحديد السعودية وقطر ) وتركيا ، لأن الولايات المتحدة عندما توضع في الزاوية الصعبة من السهولة عليها التخلي عن جميع « حلفائها » أمام حفاظها على أمن ومستقبل إسرائيل في المنطقة ، وإن ما يحدث لحكومة « أردوغان » في تركيا من فضائح فساد وغيرها هي صناعة أمريكية للتخلص من عملاء أصبحوا يُشكلون ثقلاً كبيراً عليها ، وإن النظام السعودي على قائمة الانتظار Mohamad.a.mustafa@Gmail.com">! Mohamad.a.mustafa@Gmail.com
|