|
تجارة العلم في المدارس الخاصة مجتمع ليست القضية في التعليم, خاصا كان أم عاما.. فللخاص ميزاته, وللعام مكاسبه ومكتسباته, وإذا انطلقنا من أولويات وزارة التربية في الحفاظ على وطنية التعليم أو جودته, ونوعيته.. في ظل منافسة مشروعة بين الخاص والعام, ولا سيما بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 المتضمن تنظيم التعليم الخاص والمشترك في سورية من خلال مؤسسات تعليمية خاصة متنوعة قادرة على الإسهام بالاضطلاع بمسؤولية التربية والتعليم إلى جانب المؤسسات الحكومية لتطويرهما بما يخدم أبناء المجتمع بمختلف شرائحه وصولا إلى التطوير والتحديث. أقول إذا انطلقنا من هنا لا بد من وقفة تأن نراجع فيها الذات.. بالأرقام.. دعونا نشير بداية إلى أن عدد مدارس القطاع الخاص وصل إلى 401 مدرسة تضم 4437 شعبة صفية فيها 173448 طالبا وطالبة تتراوح أقساط القيد والقبول فيها من 20 ألفا إلى 200 ألف ليرة سورية قابلة للزيادة وليس النقصان طبعا, في حين يبلغ عدد المدارس الرسمية 18676 مدرسة فيها 151105 شعب صفية ويصل عدد طلابها إلى أكثر من 4783000 طالب وطالبة يدفع كل منهم رسما سنويا لمدرسته لا يتعدى 85 ل.س سنويا. في حين لا يدفع الطالب الجامعي الدارس في التعليم المفتوح أكثر من 30 ألف ليرة سورية سنويا, و35 ألف ليرة سورية يدفعها الطالب الدارس للآداب في التعليم الموازي.. وبما أن سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي تستدعي من الجهات المعنية التدخل عند فلتان الأسعار للجم جنونها ولا سيما عندما لا تتوافر لدى مدارس القطاع الخاص المواصفات الواجب توفرها لدى مدرسي هذا القطاع ومستوى تأهيل هيئاته التدريسية, وآلياته وأدواته.. فهذا يعني في النتائج مساءلة هذا القطاع بالتوازي مع القطاع العام عن مدى ماحققه فعلا في جودته ونوعيته دون النظر إلى حساب (الربح والخسارة) في استثمار خاسر لا محالة لأنه انطلق جشعا من استنزاف الجيوب قبل تحفيز العقول.. الأرباح تتوازن مع العطاء فؤاد لبنية مدير تربية: يرى أن العملية التربوية في القطاع الخاص مشروع اقتصادي بقدر ما هي عملية تربوية اجتماعية أيضا, ويقول: إن موضوع الربح المالي خط رديف آخر مع التعليم والأرباح تتوازن مع العطاء. ونحن معنيون بالمقولة التالية: التسابق الفعلي هو في خدمة التعليم والتحسين في شروط الخدمة وإلا قلنا للأخوة المربين افتحوا وأقيموا مدارس قبل مدارسنا وليكن القسط 85 ل.س سنويا وتساءل: لماذا الخصخصة في التعليم إذا أرادوا أن يكونوا مثلنا, في مدارس القطاع العام 50 طالبا في القاعة الدرسية أي هناك اكتظاظ في العدد وضيق في المساحات.. ما بتوفي معنا أصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة برروا ارتفاع الأقساط على هذا النحو بقولهم: (هيك مواصفات بدها هالقد مصاري). فصاحبة روضة السعيد تقول: إن روضة للأطفال فئة (1) عدد الأطفال فيها 24 طالبا توجب حسب التعليمات التنفيذية للمرسوم 55 أن تكون مساحة الصف 60م2 وإذا كان في الروضة 300 طفل فستكون المساحات اللازمة للمبنى ليصار لترخيصه كالتالي: 750م2 لمساحات الصفوف, 2400م2 للباحات, 3600م2 مساحات خضراء ومواقف سيارات, و600م2 غرف إدارة وخدمات. أي أن مجموع المساحات 7350م..2 هل من المعقول هذا? وهل من المعقول أيضاً أن يكون لكل طفلين منهل ماء واحد, ودورة مياه لكل 6 أطفال.. أمعقول أن يكون لدى 300 طفل 150 منهلاً مائياً و50 دورة مياه... أكثر صعوبة وتعجيزاً المربي محمد قجة, مسجل على ترخيص يقول: في جدول التعليم الأساسي الوضع أكثر صعوبة وتعجيزاً, فالمساحة المطلوبة لصفوف 500 طالب هي 1200م,2 و8550م2 للباصات ومواقف السيارات, و1000م2 للخدمات الإدارية... فمجموع المساحة 10750م2 يعني ما يقارب مساحة الجامع الأموي في حلب..أما في المرحلة الثانوية, فالمساحة المطلوبة أكبر بكثير, والتكاليف تزيد. وبعدها ما هي الأقساط والأجور?! هذا مكلف صاحبة روضة العلماء الصغار تطمح للتوسع في عملها التربوي للمرحلة الابتدائية, ولكنها أحجمت بعد أن علمت أن الممرات المطلوبة ما بين الصفوف حسب المادة 31/9 من التعليمات التنفيذية للمرسوم 55 يجب أن تكون بعرض ثلاثة أمتار, وهذه المسافة ليست موجودة بأي بناء مرخص وهذا مكلف. بعدد أصابع اليد صاحبة روضة السلام تقول: يطالبوننا حسب المادة 80/1 بوجود مرشد نفسي واجتماعي والسؤال: هل يوجد العدد الكافي لمثل هذا الاختصاص? لو نظرنا إلى مدارسنا الرسمية لما وجدنا مرشدين إلا بعدد أصابع اليد. خارج الملاك صاحب معهد دريم للغات والدورات التعليمية يريد التوسع في مشروعه ولكنه يعاني ولم يحصل على ترخيص بسبب شرط حضور دورة تأهيل وتدريب لمدة 6 أشهر وحين راجع مديرية التربية يقول كان الجواب, هذه الدورات مخصصة لكوادر الوزارة ومديريات التربية ولأنكم من خارج الملاك لا يحق لكم. ** وجهاً لوجه نحن نقف وجهاً لوجه أمام رأيين متناقضين الأول رأي أصحاب المصلحة التجارية والخدمية للتوسع في التعليم الخاص وحسب المرسوم 55 لعام 2004 وتعليماته التنفيذية التي يريدونها استثماراً لأموالهم بشكل تقديم مشروع خدمي أولاً ومن ثم تعليمي ثانياً, ويطالبون بتقديم التسهيلات من الجهات الوصائية وخصوصاً وزارة الإدارة المحلية ووزارة التربية الجهة المانحة للترخيص والمراقبة والموجهة للعملية التربوية. وهذا حق لكل مستثمر في تطوير مشاريع استثمارية ولكن وفق خطوط بيانية نحو الارتقاء في العملية التربوية للقطاع الخاص من حيث البناء والنوعية والخدمات وذلك لأن الأجر المادي الذي يدفعه أهالي الطلاب مرتفع ويساوي أضعاف ما يأخذه التعليم الرسمي في حين نجد بالمقابل معظم الأهالي خرجوا بنتيجة أن المبالغ المدفوعة يجب أن توازي الجهد الذي سيبذل لتطوير معارف أولادنا كماً ونوعاً وإلا ما الفرق بين القطاع الخاص التعليمي ومدارس الوزارة. والذي فضل معظمهم ابقاء أولادهم فيها أو الردة إليها في حال كونهم قد سجلوهم سابقاً بهذه المدارس. ** قول مردود المعنيون في وزارة التربية أكدوا لنا أخيراً أن ما ذهب إليه أصحاب المنشآت الخاصة لتبرير جشعهم في أخذ الأقساط التي يرغبون قول مردود عليهم. فالوزارة تريد الأفضل والأرقى معمارياً وتربوياً وتعليمياً وإن أبنية التربية ليست معياراً عند الخطأ.
|