|
النظام العالمي الجديد والبرمجة اللغوية العصبية آراء ولا يمكن لرجال السياسة أن يتمتعوا بطموحات الصعود إلى أعلى المناصب إلا بعد تحقق بعض الشروط الموضوعية المتعلقة برسوخ بنيات جديدة من لغة المفاهيم المطلوبة من النواحي النفسية والعصبية, وهي شكل صارم لضبط التصرفات والسلوكات وتقنينها في حالة برمجية لا يمكن الخروج عليها إلا بعد ظهور شكل بديل آخر قد يكون متضادا ويقوم على شروط غير مسبوقة التداول, ومجمل هذه الشروط هي: انعكاس لثقافة مغايرة للثقافات التقليدية, وللثقافة المعاصرة والحديثة منها, ولقد أصبح السياسي مرتبطا بعمله وكأنه في مهمة تحتاج لمهارة وإتقان ولياقة بإطار عملية نمذجة ومن ثم الاعتياد على ممارسة حياتية في ضوابط هذه النمذجة,أساسها:العيش في حالة الوضع الراهن وبعيدا عن آثار الماضي, وبحيث يُجرّد الكيان من الذاكرة, إلا ما يتعلق منها بمحرضات الاقتداء في جانب من تعلم النمذجة, مما يستدعي الاقتباس والاستعارة على قدر ما يفيد في تثبيت عنصر البرمجة 0 إن أفكار البرمجة اللغوية العصبية بدأت تعم في أوساط النخب السياسية والإقتصادية والعسكرية وحتى التربوية, وفي الكثير من البلدان, وهي تقوم على أبحاث تجريبية تعتمد التدريب المستمر باستخدام مهارات خاصة بالإقناع والتأثير والاستجابة والتنظيم والانسجام, وهذه تعتمد برامج عليا تحول الإدراك لدى متلقيها من متردد أمام الصورية المحْكمة التي تنتهجها إلى خاضع تلقائي لطموحات معتَقَد هيمن على عالمه الداخلي بعد صراع الإرث القابع في فُسَحه, وبين إغراءات إبداعية في إطار الكفاءة المستحدثة برمجيا لتكون النفَس التكويني لأوامر تعاليم المعتقد الجديد 0 وكل ما تعِدُ به البرمجة اللغوية العصبية هو تهيئة المرء لاعتماد قيم ومعايير هي الحصيلة أو الهدف الذي سيتحكم بالبيئة الاجتماعية نتيجة تفجّر طاقة من داخل هذا المرء المنسجم داخليا والذي يأخذ دور المعالج النفسي بلغة تتصاعد هرميا فتبدو كأنها لغة حوار وتفاوض لتستقر في دماغ متابعها مفهوما قد يبدأ بزعزعة انسجامه الداخلي هو الآخر, وقد يظهر لديه ملمحٌ ما لصراعٍ بين ما به من خوف وقوة, أو شكٍّ ويقين, وإنه بذلك يصبح متعاملا, وهذ ما سيؤكده الزمن القادم والذي قد يحقق استراتيجية إجمالية هي غاية البرمجة أساسها إنشاء حوار حسي سمعي نظري داخلي لدى المرء كمتدرب, وسيُعبّر عنه بحوار مع الآخر, وهنا تكون قد طُبّقت الفكرة المنشودة للبرمجة وهي حصول المرء المبرمج على مرتبة:القيادة ويصل إليها الشخص الذي غيّر سلوكه ضمن مقدار من الألفة بغرض أن يتبعه أشخاص آخرون في إطار عام يسمى النظام القائد الجديد والذي تتحقق فيه إمكانية إدخال المعلومات إلى وعي أي مرء 0 وبالتأكيد إن عموم قراءة ثقافة البرمجة اللغوية العصبية تكون هي المحك لمدى قدرة المرء على مواجهة ما بها من مهارات للتأثير وتغيير فهم الآخرين, أو فهمه كشخص محدد ومقصود بالذات, وبالتالي تكون أمامه فرصته لإنهاض خصائص إيجابية في إرثه الثقافي الخاص به أولا وبمجتمعه تاليا, وهذا بدوره معتقد راسخ لارتباطاته التاريخية, ويجب تجديده حسب ضرورات طارئة وتحتاج لمواجهتها والتعامل معها بوسائل مبتكرة, وبأفكار عصرية مقنعة 0 وخلال الثلاثين سنة الماضية سيطرت على الساحة الثقافية الأمريكية ثقافة البرمجة اللغوية والعصبية وبات كل من يسمون بالمحافظين الجدد من الممارسين والمقتدين المنضويين سلوكيا بتعاليم هذه الثقافة التي نجحت في تماسكهم الجماعي لتحقيق مصالحهم الفردية, وعندما أقول: ثقافة البرمجة اللغوية العصبية فيجب أن أشير إلى عدد من الكتب المهمة التي تستند إليها ومنها ( مدخل إلى البرمجة اللغوية العصبية ) تأليف:جوزيف أوكونر وجون سيمور 1990 و ( طاقة بلا حدود ) أنطوني روبنز 1986 و( تأملات في التفكير باستخدام البرمجة اللغوية العصبية ) جوزيف بيجر 1985و( البرمجة اللغوية العصبية:الأيام الجامحة 1972 - 1981 ) تيري ماكليندون 1989 و ( مبدأ التفوق ) س0ل جن 1991 و( الضبط الدقيق لعقلك )جيني لا بورد 1988 و( تكوين حالة الغشْية:البرمجة اللغوية العصبية وتركيب التنويم المغناطيسي ) و ( من ضفادع إلى أمراء ) جون جرليندر وريتشارد باندلر 1981 و1979 و ( دراسات متعددة عن البرمجة اللغوية العصبية ) و ( تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية ) روبرت ديلتس 1983 و( دفتر عمل للبرمجة اللغوية العصبية ) فيل بوس وجين بروكس 1985 و ( إطار للتميز )تشارلوت بريتو 1989 و ثمة عشرات الكتب الأخرى كُرِّست لتكون هي الثقافة المعلنة لإعادة خلق الإنسان معرفيا وجعله ينطق وفق مقتضى برنامجها والذي يحدد له كيفية الرد على أي تساؤل مستندا إلى توجه لا يحيد عنه ومهما استفحلت التحديات, وهنا يكفيني أن أذكر بالكثيرين من متحدثي المعاهد السياسية الأمريكية على الفضائيات الإخبارية العربية وعلى مدى السنوات الأخيرة حيث يظهرون ومهما اختلفت الأسئلة أو تنوعت أو تعددت وكأنهم يؤدون شهادة ملقّنة واحدة مشتركة بالمفردات والتعابير والتوجهات والإشارات وتصل إلى مدلول ثابت وبعد تزوير متعمد لأوصاف الواقعة وبعد إلغاء أي وقع عاطفي لمشهديتها المأساوية ومع استهجان واستنكار لإقحام الذاكرة التاريخية, وبشكل يقصد صورة الوضع الراهن والايحاء بأن المستقبل يتولد منه وحسب 0 وإذن, أصبحت فكرة النظام العالمي الجديد عامة منذ عمت الثقافة البرمجية في أوساط نخبوية تخاف من ماضيها, أو لا ماضٍ لها, وثمة إشارة تحتاج لأن تتكشف كحقيقة وهي تبين أن معظم مروجي البرمجة اللغوية العصبية هم من اللوبي الصهيوني الذي يسيطر على مقدّرات القرار في الولايات المتحدة ويخاف من الإرث الأدبي الأمريكي وجمالياته والذي يكاد أن يصبح من أهم لبنات الثقافة الأدبية للحضارة الحديثة, وهنا ولأن مفهوم صراع الحضارات بدأ يُشاع واقعيا بالحروب المندلعة في الشرق الأوسط, فهي في حقيقتها حروب بين قوى مبرمجة لغويا وعصبيا,- أي قوى لا حضارة تاريخية لها,ولا علاقة لها بأي دين. بل تستند إلى ثقافة حولتها إلى قوى: كائنات آلية ناطقة وبلا عواطف أو ذاكرة أو تفكير روحي ومفعمة بالإخلاص لهدف مرسوم - وبين قوى تستند إلى إيمان روحي ومنسجمة نفسيا ولغويا وفي إطار حضارة مترامية ولها تراثها الضخم وهنا أقصد: الحضارة الاسلامية, وهنا أيضا أشير إلى أن ثقافة البرمجة اللغوية العصبية تُترجم بشكل واسع في دول الخليج وتكاد بعض دور النشر أن تحصر ما تترجمه من ثقافة الحضارة الغربية بما هو فقط من فكر ثقافة البرمجة اللغوية العصبية, وأصبحت كتب هذه الثقافة تحقق مبيعات تفوق بكثير مبيعات كتب التراث الديني في السعودية مثلا, وهذا ما سيترك دلالات مستقبلية لنخب عربية تتقبل أي مصطلحات تُعرض أمامها, وكما يحدث بالنسبة لعدد كبير من الإعلاميين العرب الذين يستعملون الألفاظ نفسها وبقصد الوصول إلى الهدف عينه الذي يرمي إليه مروجوا البرمجة اللغوية العصبية من المحافظين الجدد في اليمين الأمريكي, ومن يقف وراءهم من المخططين في اللوبي الصهيوني الذين يقصدون تحويل البشرية إلى آلات بلا أرواح وقيم وهوية حضارية لتبقى منقادة وفق معايير تهدف لتحقيق مآربهم 0
|