فالسعودية أنفقت مئات المليارات من الدولارات لبناء شبكة علاقات مع دول قريبة وبعيدة، وهي اليوم تفرط بها وما كانت تحققه بالمال والسياسة الهادئة، تنجزه اليوم بالسلاح وتفجير الخلافات الداخلية في هذا البلد وذاك، كما هي حال السياسة السعودية حالياً في سورية وليبيا وتونس والسودان واليمن والعراق ولبنان.
ما يخرج به المراقب لأداء السياسة الخارجية السعودية كما يرى الباحث والناشط والسياسي السعودي فؤاد إبراهيم هو أن الأخيرة لا تعرف ماذا تريد، وإذا كانت تعرف فإنها لا ريب تخطئ التقدير والطريق، وبمقدمات فاسدة كهذه تتحقق أخس النتائج .
قنوات اتصال السعودية والتنسيق مع الكيان الإسرائيلي باتت مكشوفة، وعلاقات السعودية مع دول عربية وأجنبية عديدة تتدهور لمجرد أنها لا تتفق معها في المقاربة، ولا تريد السير في خط الهلاك الذي تسلكه الرياض وتصرّ على (جرجرة) كل من تحسبه في معسكرها.
فسياسة نظام آل سعود الحاكم في بلاده يرسمها « فريق من الأمراء الموتورين»بندر والفيصل وشقيقه تركي» يدير دفة الدولة من دون تبصر في العواقب» ويتولى ملفات تندرج كلها في سياق «رهانات عمل عليها الفريق نفسه منذ سنوات تكاد تنقلب إلى مغامرات قاتلة» وتتعلق بـ» مواصلة الحرب على سورية والخصومة مع إيران « وفي هذه السياسة « عملية تهشيم ممنهجة لعلاقات السعودية مع كثير من الدول والقوى», ما جعل السعودية التي تريد الانتقام دولة منبوذة إقليمياً ودولياً.
الحقد الذي يسيطر على مملكة الرمال والممارسات والانتهاكات لحقوق الإنسان والحريات والاعتقادات التي ترتكب في السعودية حدت بالكاتب التشيكي لوكاش لهوتان لوصف السعودية بأنها الدولة «الأكثر جنونا وعنفا» في العالم وهي اليوم مع أخواتها من دول داعمة وراعية للإرهاب في سورية يحاولون تلميع أدواتهم الإرهابية.. تقول صحيفة الوطن العمانية في هذا الشأن.. من الأشياء اللافتة والثابتة في الأزمة السورية هي أن رتم الأحداث لم يتوقف عن التسارع كعادته ولو لحظة، ولكنه تسارع مربك للأطراف المتآمرة، وذلك للأداء البطولي والصمود الأسطوري لسورية شعبًا وجيشًا وقيادةً أمام أعتى قوى دولية وإقليمية لديها من الخبرات المتراكمة الكثير في توظيف الإرهاب سلاحًا لتدمير الإنسانية .
هذا الرتم المتسارع في الأحداث بدأ يشعر به وبضغوطه دعاة «الحرية والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان»، لا سيما بعدما أصبحت كل مراهناتهم تتحطم على صخرة الصمود السوري، في وقت يرون فيه أن الطريق إلى مؤتمر جنيف الثاني تبدو سالكة وأن التحضيرات تسير على قدم وساق، ولكن يقلِّبون أكفهم رغم ما بذلوه من دعم مالي وتسليحي غير مسبوق للجماعات الإرهابية التي عولوا عليها أن تمنحهم أوراقًا من القوة بمكان تمكنهم من التفاوض، فما المخرج من هذا الوضع الآسن للقوى الداعمة للإرهاب وأدواتها الإرهابية؟
المخرج أن يقوم الرعاة والمتحالفون مع الإرهاب وأدواته تلميع أدواتهم الإرهابية والتخلص من الأجنحة التي أصبحت منبوذة دوليّا ، من خلال الدفع بالأجنحة الأخرى للقيام بتصفية إحدى جماعاتهم وأدواتهم الإرهابية التي شغلوها ودعموها، أي تحاول الأطراف الداعمة للجماعات الإرهابية تلميع الوجه القبيح للإرهاب بالحديث عن جماعات متطرفة وجماعات «معتدلة»، في حين أن الجامع بينها هو الإرهاب ولا حقيقة لما يروج له من «اعتدال»، بل هناك تطرف وإرهاب لم يسبق له مثيل ولم تشهده الأرض من قبل.
واضح أن الهدف من هذا التلميع هو إعداد الأطراف الداعمة للإرهاب لجماعات إرهابية تحت مسمى «الاعتدال» من أجل الذهاب إلى مؤتمر جنيف الثاني تحت شعار «محاربة الإرهاب»، لعل هذا المدخل يسمح بتوظيفه ورقة يمكن التفاوض بها بعد أن احترقت جميع الأوراق وسقطت كافة المراهنات وتهاوت كل الأقنعة، فالسعودية وأميركا وقطر هم حماة المجموعات الإرهابية المسلحة والأستاذ الجامعي الأميركي لورنس ديفيدسون لم يقل هذه العبارة من فراغ بل من الوقائع وإصرار تلك الدول على عرقلة الحلول السلمية في سورية .