إنها المرأة السورية التي ذاع صيتها في أصقاع الأرض ..
وباتت محط أنظارهم وآرائهم , فالبعض تهجم وتجنّى عليها وأساء لها عمدا أو عن جهل ,وآخرون جعلوها قدوة للنساء لرقيّها وتحضّرها وقوة عزيمتها.
ورغم كل ما قيل وما يقال عنها ورغم آرائهم المتباينة فإن المرأة السورية تبقى شيئاً آخر.. شيء أكبر مما يظنون وأعمق مما يفكرون.
العمل ...ثم العمل
في مقاربة من الواقع الحياتي اليومي وأهمية الدور الذي لعبته المرأة السورية خلال الأزمة وما قبلها كانت لنا وقفة مع مجموعة من النساء اللواتي وقفن في خضم الأزمة منهم السيدة أم فهد اسليم التي قدمت ابنها شهيدا للوطن وبعد وفاة زوجها لم تعد تجد معيلا لها ولأولادها القصّر فباعت اسوارتها الذهبية الوحيدة التي تملكها وفتحت ورشة صغيرة لتجهيز الخضار وبيعها في السوق (تفصيص الفول - البازلاء - الفاصوليا - تقوير الكوسا والباذنجان واليقطين والجزر- فرم البقدونس)الذي بات يعرف بالسوق باسم سوق التنابل وقد تخطت عتبة الفقر والحاجة بصبرها وعزيمتها ,فاستطاعت إعالة عائلتها وتدبير شؤون معيشتها.
الشابة فاطمة.ع ارتأت أن تعمل في تنظيف الفنادق وأدراج البنايات بعد فقدانها بالحرب والدها ولأنها لم تتح لها الفرصة في التعليم فقد وجدت نفسها وجها» لوجه أمام مسؤولياتها تجاه عائلتها وكان العمل خيرا من الاستجداء والبقاء عالة على الآخرين .
أما السيدة خلود خادم السروجي فقد بينت في محاضرة ألقتها مؤخرا حول (دور المرأة في نشر ثقافة الاعتدال والمواطنة) أن المرأة السورية كانت قبل الأزمة وما بعدها سيدة لها مكانتها ووجودها وبتفاوت حسب ظروفها ومؤهلاتها .ففي الهند كانت المرأة تحرق بعد وفاة زوجها , وفي اليونان اعتبرت المرأة روح رجس من عمل الشيطان بينما تعاملت معها الثورة الفرنسية على أنها كائن مخلوق ليس إنسانا ولا تملك روحا, في حين قدمتها الثقافة الفرعونية قربانا أوقات الجفاف والقحط.
أما في المجتمع السوري فيندر أن يكون هناك أسرة لا يوجد فيها شهيد أو مفقود أو مخطوف حيث وقفت المرأة بكل قوة وعزيمة وصبر وتحملت تبعات الحرب ووقفت صامدة صابرة مضحية ولم تتوان عن تقديم الشهيد تلو الشهيد كيلا تدنس الأرض السورية , وذكرت السيدة رجاء أسماء عدداً من النساء فقدن في الحرب أكثر من خمسة أبناء شهداء ومع ذلك بقيت المرأة صامدة مفتخرة بشهادة فلذات كبدها , والعديد منهن فقدن أزواجهن أوالمعيل الوحيد للأسرة ولكن بصمودها وقوة عزيمتها استطاعت أن تتحدى ظروفها وتتحايل على الواقع لتحمي العائلة من التشتت والضياع , ورغم حجم الألم والمعاناة التي انصبت على رأسها إلا أن المرأة السورية استطاعت أن تكون صخرة الصبر والصمود وقوة العزيمة .ومن هنا كانت المرأة عماد المجتمع من قبل ومن بعد الأزمة وكل امرأة في موقعها ومكانتها.
سبع سنين ومازالت صامدة
سبع سنين مريرة عاشها السوريون, سبع سنين طحنت بويلاتها المرأة السورية بشكل خاص .. خرجت منها مثالا للتضحية والعزيمة وقوة الصبر وباتت مضرب مثل لكل نساء العالم فهي زوجة الشهيد وأمه وأخته وابنته وعمته وخالته وهي القوية وهي الأبية وعرفت كيف تعلم الأبناء والرجال حولها حب الوطن فهي لم تعد فقد نصف المجتمع بل هي المجتمع كله لأنها تربي وترعى النصف الأخر وهي دائما على موعد مع تحد جديد ونجاح أخرفي المحن.
فقد أثبتت المرأة أنها القوة الفاعلة من قبل وبعد وأنها الذهب الذي لا يعرف إلا بحرقه ..هكذا هي المرأة السورية.
من خلال اللقاءات مع بعض النساء السوريات اللواتي قدمن شهداء , نعرف معنى الصبر والتضحية ونعرف أن المرأة السورية لا يمكن إلا أن تنحني لها الهامات ، وبقيت رمزا للعنفوان والشجاعة ولم تساوم على حبة تراب من بلدها ...هذه هي المرأة السورية ..هي قصة خالدة لكل البشرية.