ولو حاول المواربة والتمويه بذر غبار التعمية على خبث مقاصده المفضوحة، ممتطياً صهوة ذرائع الحفاظ على أمن قومي تركي مزعوم أو غاز معتد مستغلاً تفاهمات آستنة كضامن للإرهابيين المنضوين تحت لوائه الارهابي.
وفي تفاصيل المشهد في الشمال السوري وفي عفرين تحديدا حيث يراوغ النظام التركي ليمارس طقوس غزواته، بانتهازية صارخة، عدوان عسكري على الجغرافيا السورية يروم من خلاله احتلال أراض سورية اذ يبرهن المشهد الشمالي في عفرين السورية على وجه الخصوص بأنه لا أحد من الاطراف المتنازعة هناك قادر على فرض معادلاته الخاصة، أو تغييرها بمفرده.. وعلى الرغم من أن أنقرة جاهرت منذ وقت طويل بعزمها على شن عدوان جديد يستهدف الأراضي السورية، نشهدها اليوم تغرق في مستنقعات الخيبة.
أما الميلشيات الكردية المدعومة أميركياً لم تكن هي الاخرى بأحسن حال من سابقتها بل على العكس فهي تدفع ثمن تحالفاتها المتهورة، والتي ادخلتها في أتون الترهلات التي اوقعتها في الفخ بما يؤيد نظرية «التخلي الاميركي».
أما اميركياً فقد دعت الاحداث المتسارعة هناك العقلية الاميركية الى مراجعة حساباتها بعد أن عادت خائبة نحو مربعها الاول التي حاولت مراراً تجاوزه والقفز سريعاً نحو الامام لتحقيق الهدف في قضية عفرين.
وعن مبادرتها المتعلقة بوهم ما يسمى المنطقة الآمنة التي اقترحته جوبهت بأولى حوائط الصد التركية والتي ان دلت على شيء فهي تدل على الشرخ العميق بين الحليفين الاميركي والتركي في عدد كبير من القضايا ومن ضمنها عفرين.
أنقرة أعربت عن رفضها المبادرة الاميركية بشأن إنشاء ما اسمته منطقة آمنة في شمال سورية محاذية لحدودها والتوقف عن دعم الإرهاب لتفادي الاشتباك مع القوات التركية. وذكر وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو أمس، في حديث إلى صحيفة «حريت» التركية أن الثقة المتبادلة بين الدولتين تضررت ولن يكون من المناسب بحث مسائل كهذه ما لم يتم استعادتها، وذلك تعليقا على اقتراح نظيره الاميركي ريكس تيلرسون بإقامة منطقة آمنة عرضها 30 كلم بغية التخفيف من حدة التوتر في منطقة عفرين، وخشية من تصادم قد يحصل بين قوات البلدين، وهو ما اسمته تركيا بأنه تهديد مباشر.
تجدر الإشارة إلى أن تيلرسون اقترح أثناء زيارته إلى أوروبا الاسبوع الفائت إقامة ما يسمى منطقة آمنة جديدة في سورية لتلجم الغضب التركي الذي ظهر بشكل ملحوظ مع بدء أنقرة في 20 الشهر الجاري عدوانها على منطقة عفرين ضد الفصائل الكردية. وعلى العكس تماما فقد فتح الاقتراح الاميركي شهية العثماني اردوغان لتوسيع دائرة عدوانه على مناطق أخرى، حيث أفاد نشطاء بأن سلاح الجو التركي اعتدى يوم أمس على مناطق في ريف مدينة منبج شمال سورية.
وأكد شهود عيان في مواقع التواصل الاجتماعي أن القصف التركي طال مواقع لـ»قسد» في محيط قرية أم جلود في ريف منبج الغربي، دون ذكر الأضرار الذي ألحقتها الغارات على الأرض.
كما قصف النظام التركي بمختلف أنواع الاسلحة المنازل السكنية في منطقة عفرين ما تسبب بوقوع ضحايا بين المدنيين وأضرار ودمار كبيرين في الممتلكات العامة والخاصة.
الوضع المتوتر في عفرين حضر على طاولات «الناتو» حيث قال وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، إنه طلب من الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبيرغ، عقد جلسة في الحلف لمناقشة الوضع في شمال سورية.
وفي وقت سابق أمس أكدت الحكومة الألمانية المؤقتة أنها أجّلت اتخاذ القرار بخصوص تحديث ترسانة دبابات «ليوبارد-2» الألمانية لدى تركيا على خلفية استخدامها هذه الآليات في حملتها العسكرية ضد الأكراد شمال سورية، وهذا الامر بحسب مراقبين يعطي تصوراً اضافياً لما يحدث في كواليس الناتو من خلافات بين اعضائه.
بين كل تلك التشعبات يبقى للسوري وحده فرض وقائع العمل على كافة الجغرافيا السورية والتي انطلق منها وزير الخارجية الروسي بقوله مجدداً خلال اتصاله أمس مع نظيره الاميركي ريكس تيلرسون بأن السوريين وحدهم لهم الحق في تقرير مستقبل بلدهم..والتي عكست مبادرات العمل الميداني والسياسي ايضاً التي تشهد بداياتها اليوم في فيينا في انتظار القادم في سوتشي الروسية.
مستجدات السياسة انطلقت يوم أمس من فيينا وذلك بعد نحو شهر من فشل جولة محادثات سابقة عقدت في جنيف حيث اخفقت في إحراز أي تقدم لحل النزاع المفتعل منذ نحو سبع سنوات وقد وصلت الوفود المشاركة الى العاصمة النمساوية لخوض جولة تاسعة من المحادثات «في مرحلة حرجة، وذلك قبل ايام من انطلاقتها في سوتشي الروسية.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية عن توجيه دعوات إلى نحو 1600 سوري لحضور مؤتمر «الحوار الوطني السوري» المزمع عقده في سوتشي في 29 و30 الجاري.
وأكدت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا أمس، أثناء موجز صحفي، أنه من المقرر أن يشارك في أعمال المؤتمر المقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
إلى ذلك، انتقدت الدبلوماسية الروسية سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية، مشددة على أن خطة واشنطن بزيادة تواجدها العسكري في هذه البلاد لا تصب في مصلحة التسوية السلمية فيها. كما فضحت موسكو سياسات الغرب المتعلقة بإعادة الاعمار ولا سيما في الرقة التي زعمو تحريرها حيث حذرت وزارة الدفاع الروسية من أن سياسة الغرب بشأن إعادة إعمار الرقة السورية ستبقي المدينة قابعة تحت الأنقاض، في حال عدم مراجعتها، معلنة عن استغرابها من التصريحات والخطط الغربية المتعلقة بإعادة إعمار المدينة، وخاصة تلك الصادرة عن رئيس الوكالة الاميركية للتنمية الدولية مارك غرين أثناء زيارته إلى الرقة الاثنين الماضي.