|
|
الفن التشكيلي ونبض آذار.. ألوان بعبق الحياة ثقافة
تجلت ثمارها في قيام الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد، والتي هدفت إلى بناء القطر العربي السوري، بناءً قومياً ووطنياً، فشهدت سورية نهضة كبيرة أسست لبناء دولة تقوم بالاعتماد على ذاتها وعلى سواعد أبنائها، فكانت المعامل والمصانع وكانت المدارس والمزارع، وبدأت كل القطاعات بالنمو والازدهار. في مجال الثقافة تحديدا صدر قانون الآثار الجديد آنذاك فرممت الآثار التي هي موضع فخار لنا وتمت صيانتها واعدادها لتُعرض في المتاحف، وكان حدثا مهما في تطوير الحركة الثقافية في سورية والوطن العربي، كما نظم القانون عمليات التنقيب والترميم والكشف الآثاري، ووضع العقوبات للحد من عمليات الاتجار بالآثار والحفريات السرية. سورية الرائعة في سوريتنا أوابد ومساجد وكنائس وقلاع وبقايا لمدن عرفتها الحضارات التاريخية في زهوها، وهناك مواقع كثيرة تنتظر القيام بعمليات التنقيب والترميم والكشف الآثاري فيها، فكيف لهذا البلد الغني أن لا تكون له الصدارة ؟. سورية هذا البلد الرائع الغني بكل شيء على مر العصور، استطاع تسجيل العديد من المواقع الآثارية في التراث العالمي لدى منظمة اليونيسكو، مثل: دمشق القديمة، وحلب القديمة، بصرى، تدمر، قلعة الحصن، قلعة صلاح الدين وهناك الكثير الكثير مثل قلعة سمعان ومحيطها في شمال سورية وايبلا وماري وعين داري، كما اننا بنينا حتى يومنا هذا ما يزيد عن الخمسين متحفاً في شتى المدن السورية. المعارض الآثاريّة.. سفراء الحضارة عرفت سورية بآثارها وأمجادها وحضاراتها من خلال المعارض الآثارية التي جالت العالم مثل معرض الاختام السورية الاسطوانية في مدينة اتوبنغن الألمانية ثم في معرض سورية أرض بعل في باريس، ومعرض سورية ايبلا أصل التمدن، ومعرض الكنوز السورية في طوكيو وهيروشيما وكيوتو، وغيرها من المدن اليابانية، ومعارض أخرى أقيمت في واشنطن ونيويورك، وكندا وروسيا، وبولونيا وغيرها. هذه المعارض المتجولة هي سفراء للحضارة العربية السورية التي أينعت على أرضنا وازدهرت منذ مليون سنة خلت وحتى يومنا هذا ليعرف العالم أبجديتنا التاريخية. في أوائل الستينيات نشرت وزارة الثقافة ورممت كتب التراث العربي للتعريف بها فقامت بنشر وتحقيق ما يزيد عن (300) كتاب من عيون التراث العربي وشاركت بها في معارض الكتاب العربي والدولي، كجزء من الهوية والموروث الثقافي. الفن التشكيلي وليد المجتمع كذلك يشارك الفنانون السوريون في إحياء هذه الذكرى المباركة سواء بمعارض فردية أو بلوحات تشاركية في معارض جماعية، ليتحدثوا عن ثورة الثامن من آذار المجيدة وسورية ماضياً وحاضرا ومستقبلا، من خلال ذاكرتهم البيئية والتطورات التي شهدتها البلاد، بجهود استثنائية قاموا برسم هذه الذكرى وتسجيل معالم من الواقع تظهر فرح آذار الذي دخل كل بيت، وكل مدرسة وكل شارع، لان بلدا مثل سورية يمتلك ارثا حضاريا وتاريخيا يفرض نفسه ويؤمن به العالم لا بد أن يتغنى به شعبه كل فرد بطريقته. الفن قيمة انسانية عالية بمفرداتها والفنان يستطيع أن يعكس بيئته لأنه ابن بيئته، ووليد مجتمعه، ويكتنز مفردات البقعة الجغرافية التي يولد فيها في داخله محتفظا بهويته في المشهد البصري الذي يحيط به، لقد استطاع الفنان التشكيلي السوري أن يحقق هذه المعادلة ويعكس مفردات بيئته في أعماله بكل فخر واعتزاز، طارحا رسائله عبر نتاجه التشكيلي الذي اختزل فيه أفكاره و حاكه من جذوره وتراثه وسلاسل الاحداث التي مرت بها سورية والفترة التي قامت بها الحركة التصحيحية. ربيع آذار يتفتح أزهر آذار في منشآت فنية كثيرة منها كلية الفنون الجميلة التي اتسعت في فروعها واختصاصاتها وامكاناتها، وأوفدت العديد من الفنانين الخريجين إلى دول الجوار ودول أجنبية لمتابعة التعليم والاطلاع على فنون الآخرين لتقاطع الثقافات وجلب الخبرات، كذلك المعاهد الفنية والمراسم وصالات العرض فقد تم افتتاحها في أرجاء المراكز الثقافية السورية ولعبت دوراً هاماً في حياة الفرد والمجتمع ودعم العمل الفني ودعم الحركة التشكيلية السورية بشكل عام، من خلال ما تقدمه من ثقافة فنية وتماس مباشر بين النتاج الفني والمجتمع. كما انتشرت صالات العرض الفنية الخاصة بكثرة على امتداد المدن السورية وشجعت الفنانين فكثرت المعارض وكثر النتاج الفني، وانطلق الفنان التشكيلي بأعماله من المحلية إلى العربية والعالمية من خلال المشاركات في ورش العمل والملتقيات، ولمعت اسماء في الفن التشكيلي السوري على المستوى المحلي والعربي والعالمي. مكاسب ثقافية فنية بعد ثورة الثامن من آذار تأسست نقابة الفنون الجميلة وكان لها دور رئيسي في تنظيم العمل الثقافي التشكيلي، وهي اليوم تصبح اتحادا للفنانين التشكيليين في سورية لتسهيل مهمة انشاء الصناديق النقابية التي تنعكس ايجابياً وتكون من مكاسب الفنان التشكيلي لتشجعه وتساعده على مزيد من العطاء والابداع، ليصبح للفن التشكيلي الدور الاساسي في تكوين الذوق العام من خلال المعارض التي تقربه من المواطن وانتشار النتاج الفني بكثرة في المنشآت العامة، والحدائق العامة أيضا التي تزهو بوجه يتألق حضارة وجمال، هذه النهضة الفنية التي عاشها الفنان السوري بكل مكتسباتها، في وجدانه يحمل ذكراها وبكل جوارحه، ويحييها في أعماله بسخاء فيترك في نتاجه انطباعا بحجم المسؤولية تجاه الوطن والتشكيل السوري، الفنانون جملة وفرادى يرسمون في ذكرى هذه المناسبة من كل عام، وقد سبق وشارك أربعة وخمسون فناناً وفنانة في التصوير والنحت والخزف في معرض للفن التشكيلي بمناسبة ذكرى ثورة الثامن من آذار المجيدة في صالة الشعب للفنون الجميلة وكان من بين المشاركين أسماء لأهم الفنانين السوريين المبدعين، وقد ضم المعرض ما يقارب ستين عملاً بين لوحة ومنحوتة للفنانين التشكيليين الذين جسدّوا في أعمالهم موضوعات عديدة بأساليب ومدارس فنية معروفة ومتنوعة مثل الواقعية والتعبيرية والرومانسية والحروفية والانطباعية وغيرها، وهذا غيض من فيض، يتسارع إليه فنانون سوريون كثر. إنجازات هامّة استطاعت ثورة آذار التي فجرتها قواعد حزب البعث العربي الاشتراكي تجاوز الكثير من المحن والعقبات والمؤامرات والمحاولات لحرفها عن مسارها وحرق أهدافها، ولكن صمودها أمام مختلف التحديات والمؤامرات جاء بفضل العلاقة والثقة القائمة بين الشعب والقيادة فعبرت عن هموم الناس وطموحاتهم وتطلعاتهم وحققت للبلد والشعب إنجازات عظيمة ومهمة على صعيد التحديث والتطوير، مدركة أن مواجهة المخططات المشبوهة والاحتلال الغاشم والغزو الجائر والعدوان يتطلب قدراً عالياً من المسؤولية القومية والتلاحم الوطني وتضافر الجهود لدعم المقاومة وتعزيز ثقافتها وتعميق دورها في إفشال المخططات الاستعمارية الجديدة القائمة على التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية وزرع الفتن بين الأشقاء وتعميم الفوضى وتكريس الانقسام في أرجاء الوطن العربي، لذلك نحن على يقين أنه مهما طالت مدة الأزمة التآمرية التي تعيشها سورية اليوم فلابد من الفرج القريب على هذا البلد العنيد الذي تعود على الصعاب والمقاومة ومواجهة العدو، هكذا قرأناه في التاريخ وهكذا عرفنا التصحيح وعرفنا آذارنا المجيد.
|
||||||||||||||||||||||||||
