فقد شكلت تلك المعطيات ركائز السياسة التركية والتي دفعت أردوغان الى اتخاذ الخطوة الاكثر عدائية واجراماً في ما يقوم به من عدوان سافر على الاراضي السورية في محاولة لفرض اجندات يظن واهما ان بامكانه فرضها وتحصيل مكاسب لن يحصلها مهما استطالت اوهامه وزادت حدة فجوره العدواني السافر.
اردوغان المأزوم يبحث عما يعيد له بعضاً من اوهام التوسع بعد أن بدأ الجيش العربي السوري يسحب البساط من تحت احلامه العثمانية مع وصول عمليات الجيش العربي السوري الى خواتيمها في آخر معاقل الارهاب.
أما على الصعيد الداخلي فتتراوح كوارث النظام التركي بين اقتصاده المترهل وخوفه من سقوط «خلافته» الديكتاتورية المبنية على السطوة الداخلية قبل الخارجية، وليس انتهاء بتباكيه الكاذب على اللاجئين والعمل على مساومة الاوروبيين على حالهم، فيشكل بذلك العدوان مسارا يأخذ به معارضيه في الداخل الى ما يلهيهم عن تلك الازمات التي بدأت تنخر كرسي حكم اردوغان.
مجلة أميركية طرحت تلك الحقائق من خلال مقال لها حيث اعتبرت أن رئيس النظام التركي رجب أردوغان يسعى من خلال عدوانه على شمال سورية إلى تعزيز قبضته الاستبدادية على الحكم.. وعلى عكس المزاعم فهو لا يهتم بالمأساة الإنسانية لملايين اللاجئين السوريين في بلاده بل يسعى لتأمين عقود اعمار ضخمة لشركاته لبناء منازل لهؤلاء اللاجئين على حساب اوروبا التي يقايضها بفزاعة تدفق اللاجئين اليها.
ورأت مجلة «العلاقات الخارجية» الاميركية أن سياسة أردوغان تجاه سورية تواصلت بين دعم الارهابيين، مع لهاث مزعوم لمنع إقامة «حكم كردي» في شمال سورية، ثم إلى التخلص من اللاجئين السوريين في تركيا، والذين أصبح أردوغان يدعي انهم اصبحوا عبئا كبيراً على الاقتصاد التركي المترنح أصلاً.
وأوضحت المجلة في تقرير مطول عن العدوان التركي على الجزيرة السورية، والذي بدأ أمس الاول، أنه من غير المؤكد أن مثل هذا العدوان يمكن أن يحل ازمات أردوغان، لكنه يبدو أنه عازم على المحاولة لإنقاذ حكمه ومنع انهياره.
وقالت المجلة إن أردوغان بدأ أخيراً يرى بأن سياسته الاستبدادية أصبحت تضعفه، وأنها أسهمت في خسارته في انتخابات إسطنبول ومدن رئيسة أخرى، لافتة إلى تنامي الغضب الداخلي تجاه سياسات اردوغان المتهورة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
«المنطقة الامنة» المزعومة كانت عنوانه الابرز لمد مساحات وهمه العثماني، فبعد أن بدأ الجيش العربي السوري استعادة المناطق المحتلة من قبل الارهابيين ويكتب السطور الختامية للحرب على الارهاب سارع اردوغان للوقوف خلف انسانية اللاجئين والتذرع بالحرص عليهم وطرح تلك الفكرة على انها نوع من انواع ذلك الحرص عليهم بحيث يهدف الى إسكانهم ضمن حدودها، وهو في الاصل قد أحدث هذا المد من النزوح بسبب عملياته الوحشية بمساعدة ارهابييه، وليس العكس كما يدعي.
وأشارت المجلة إلى أن تلك المنطقة قد يبلغ طولها بالنهاية نحو 100 ميل وعمقها 20 ميلًا، وستكون تحت سيطرة قواته التركية المحتلة.
وقالت إن الاقتراح يشمل بناء نحو 200 ألف منزل إلى جانب مستشفيات ومدارس وملاعب ومنشآت أخرى يتم إنشاؤها من قبل شركات تركية، على أن يتم تمويلها من قبل المجموعة الدولية؛ ما سيتيح لتركيا الحصول على العملة الصعبة التي تسعى إليها لدعم قطاع الإنشاءات الذي يعاني مثله مثل بقية القطاعات في الاقتصاد التركي، وهذا ما يفضح تلك المزاعم.
وأضافت: إن تأمين هذه المبالغ لا يعد سهلًا، لكن يبدو أن أردوغان مستعد للمحاولة، خاصة أنه هدد في الشهر الماضي بأنه سيفتح الأبواب ويتسبب بأزمة لاجئين جديدة للدول الأوروبية ما لم يحصل على ما يسعى إليه.
وتابعت قد يكون اقتراح أردوغان حلًّا مثالياً لمشكلاته الداخلية، لكنه من المؤكد أنه سيتسبب في مشكلات ونزاعات جديدة لدول ومناطق أخرى، لأنه يدفع إلى تغيير ديمغرافي خطير سيشعل توترات ونزاعات في تلك المنطقة التي كانت ولا تزال مستقرة نسبياً، فضلًا عن أنه سيؤدي إلى نزوح جماعي كبير في هذه المناطق. ولفتت المجلة في تقريرها إلى أن عدداً كبيراً من المسؤولين والمشرعين الأميركيين من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري أدركوا هذه الحقائق، ولهذا وجهوا انتقادات شديدة للرئيس دونالد ترامب للسماح لأردوغان بتنفيذ العدوان، وهي عملية كان على الولايات المتحدة العمل بقوة لمنعها، وفقاً للتقرير.
وختمت قائلة: من الواضح أن أردوغان يرى أن حكمه بات في خطر، وهذا كل ما يهمه الآن، حتى وإن كان ذلك سيؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية أميركية على تركيا، ومزيد من المعاناة لسورية وشعبها.
ومن المعروف بان ان رئيس النظام التركي فتح الأبواب أمام 170 ألف إرهابي كي يمارسوا القتل في سورية، وكل ما يدعيه هو كذب ونفاق.