ولا يوجد أشطر من هؤلاء (السماسرة) في اقتناص الفرص التي تكون على حساب طرفي التعامل وغالباً ما يكونون الرابح الأكبر على حساب جيب بقية الأطراف، وفيما يصرف المنتج الزراعي والصناعي الوقت والمال لإنتاج سلعته يأتي الوسيط لتسويقها إلى المستهلك وفق شروط لا يعنيه فيها مدى ربح أو خسارة الطرفين، وإنما المهم ما يجنيه من ثمن لوساطته التي لا تحتاج ربما لأكثر من مكتب خشبي وهاتف وكرسي.
وللأسف ودون تعميم فإن تلك الحلقة ساهمت في أكثر من مكان بزيادة الأسعار ورفعها بطريقة خلبية ولا سيما فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية واستغلت قلة حيلة ودراية المزارع، وعملت على شراء محاصيله بأسعار بخسة وصلت إلى المستهلك بأسعار مرتفعة وهذا الأمر نستطيع أن نسقطه على قطاع بيع العقارات وكل أنواع التعاملات المالية لمختلف المنتجات، فكم من مرة تقاضى السمسار أرباحاً إضافية على أسعار منازل غير أجرته كوسيط بين طرفين؟.
ولا شك أن الحلقة الوسيطة دخلت ميدان التعامل التجاري بشكل لافت خلال السنوات السابقة وتطور عملها لتبقى مهنة غير مكلفة ومربحة في آن واحد وبقيت دون ضوابط فعالة تقوم عملها وتضع أسساً أخلاقية لهذه المهنة.. ولكن مؤخراً بدا تحرك حكومي بهذا الاتجاه عبر إلغاء تلك الحلقات في مكان ما لتأخذ مؤسسات الدولة دورها وما زال خجولاً، وفي مكان آخر العمل لتنظيم عمل تلك الحلقة .
ولعل الانطلاقة ستكون من أسواق الهال وهو من أهم الملفات التي يجب أن تسهم في استقرار الأسعار في السوق وإنصاف المزارع من جهة والمستهلك من جهة أخرى، ومن الأهمية أن تتوسع التحركات لتضع أسسا قانونية ومكانية تردع من يقوم باستغلال الناس أوأي قطاع تحت مسمى (حلقة وسيطة).