بالسلاح والمال والعمل الاستخباري، ويستغرب من البلادة التي راحت تنخر في عقولهم، ويصاب المرء بخيبة أمل أكبر عندما يعرف أن النخب الغربية وراء الأعمال الإرهابية في العالم في ظلّ مجتمع دولي عقيم، يدّعي الشرعية التي هي أشبه بالشرعية التي ينسبها لنفسه كل من يدمر مقدرات الشعب السوري من ائتلاف الدوحة إلى كل مشغليهم.
حكام الغرب يتباكون على السوريين وفي الآن نفسه يدمرون مرافقهم الحيوية ويقتلونهم باسم حقوق الإنسان، هؤلاء هم أحفاد القتلة ممن استعمروا الشعوب وقتلوا في الأميركيتين أكثر من 100 مليون إنسان، فكريستوف كولومبس ارتكب أفظع الجرائم بالشعوب الأصلية في هاييتي والدومينيك ومزّق جنوده الأطفال الرضع وسحلوا رؤوسهم بالصخر وألقوا بهم للكلاب تنهشهم، وبقروا بطون الناس وهم أحياء، وقد مارس الغزاة هذه الإبادة في ولاية كاليفورنيا خلال القرن الثامن عشر بشكل منهجي، وأنشأ أحد المبشرين الفرانسيسكان ويدعى جاني بورا سيرا سلسلة من الإرساليات، وارتكب أفظع المجازر ومع ذلك جرى تطويبه عام 1988، والتطويب بأنه وضع على يد رجال الدين بعد موته بأكثر من مئتي عام في رتبة السعداء والأبرار، وهي مقدمة لمنحه رتبة القديس، واليوم يتطلب الأمر إجراء بسيطاً لإعلانه قديساً!.
وفي نيو إنجلاند حاصروا قرى السكان الأصليين وقتلوهم وهم نيام، وانتشرت المجازر غرباً، وأيد ذلك على أعلى المستويات جورج واشنطن الذي أمر بتدمير كل منازل الإيروكوا وأراضيهم. وأعلن توماس جيفرسون أن الحروب مع الهنود يجب أن تستمر حتى إبادتهم أو ترحيلهم إلى ما وراء الميسسبي، وخلال مذبحة سندكريك عام 1864 قامت القوات في ولاية كولورادو بذبح شعب أعزل يرفع راية السلام، وقتلت الأطفال والرضع، ومثَّل الجنود بكل الجثث، وقد وصف تيودور روزفلت هذه الحادثة بأنها مشروعة ومفيدة أكثر من أي عمل حربي على الحدود! والآن لم يخفِ وزير خارجيتة أميركا جون كيري علاقة بلاده بداعش وجبهة النصرة ويريد أن يأتي بممثلين عنهما إلى المؤتمر الدولي في جنيف رغم كل المجازر التي ارتكبوها في سورية.
والدول المسؤولة عمّا جرى في الأميركيتين ولا سيما بريطانيا، والولايات المتحدة وغيرها، هي التي تتابع المجازر حول العالم في حروب مباشرة أو بالوكالة، وما جرى في الأميركيتين كان ذا دلالات عميقة لا تقل عنها أهمية دلالات اليوم بما تفعله هذه الدول، فهؤلاء الذين قادوا الحملات وتلطخت أيديهم غدوا وطنيين، أو أبطالاً، أو قديسين، مثلما يحلم جورج بوش الملقب بالمعتوه في بلاده والذي دمّر العراق أن يصبح قديساً في يوم من الأيام وكذلك أوباما الذي يشنّ حروب الربيع الأسود على الأمتين العربية والإسلامية مستندين إلى اليمين الغربي، وخاصة المحافظين الجدد الذين يرفضون مراجعة السلوك الغربي وإعادة النظر في أسس قيام الدول الغربية في الأميركيتين، التي استندت في تأسيسها إلى مبادئ الشمولية والإبادة الجماعية، وهذا ما يجري في البلدان العربية اليوم من سورية إلى مصر إلى اليمن إلى ليبيا، وخير الأمثلة على موت الحسّ الإنساني عند أولئك الذين يتشدقون بحقوق الإنسان عندما عتِّم الإعلام الأميركي والغربي المتصهين على ما جرى من مجازر ارتكبتها إسرائيل داخل غزة وما يجري في البلدان العربية ومجازر الإرهابيين من تنظيم القاعدة ووصف أفعالهم بأنه ثورة دوماً يجري الحديث في الغرب عن الأخيار والأشرار لتسويغ مجازر جورج بوش في العراق وأفغانستان ومجازر أوباما وأدواته من القاعدة والإخوان المسلمين في مصر وسورية واليمن وليبيا، التي تندرج في إطار حروب القرن الحادي والعشرين، ولكن البحث عن النفط هو البديل عن الذهب والأرض، ترى ماذا سيكتب التاريخ عنها؟ وما بين ماضً وحاضر إن السلوك لم يتغير والتعتيم، والتسويغ والحديث عن حقوق إنسان في البلدان العربية كلها تثير الارتياب، فحقوق الإنسان كلمة تثير الاهتمام وغالباً ما يكون وراءها محاولة لشيطنة مقاومة الغزو، فانقلبت المفاهيم وغدت مقاومة الاستعمار الذي يريد انتزاع الحقوق من الناس، إرهاباً، وغدت مجازر إرهابيي إمبراطورية الناتو الصهيونية ثورة.
الشعب السوري سيعيد إعمار سورية وإذا أحب حكام الغرب بعد إقالتهم وربما طردهم من مناصبهم على يد الشعوب الغربية يمكن للشعب العربي السوري أن يبني لهم أيضاً مشفى للأمراض العقلية، وأهم شيء في إعادة الإعمار ألا تراهن دول الغرب على عقود إعادة إعمار سورية التي لن تعطى لشركات ودول ساهمت بهذا الدمار.
وآل سعود الذين شوّهوا الإسلام بالقتل والتدمير باسم الإسلام والذين ما زالوا يرسلون أكلة الكبود إلى سورية، ولا همّ لهم سوى التلذذ بمناظر الدم وسفكه، لأنهم سئموا كل متع الحياة التي حصلوا عليها بالمال، ولم يعد للمال وللحياة عندهم معنى لأنهم وصلوا حدّ التخمة من كل شيء، سيأكل السيف من لحومهم، وإن غداً لناظره قريب.