تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


2013 في جردة حساب ..

فنون
الثلاثاء 31-12-2013
فؤاد مسعد

تحديات الدراما السورية ومطب الـ (وراء در)

مما لا شك فيه أن الدراما السورية استطاعت عام 2013 كسب الرهان في الحفاظ على تواجدها ضمن الساحة العربية وخاصة تلك الدراما التي صوّرت داخل سورية التي تجاوز عدد أعمالها العشرين عملاً ، إلا أن كسب الرهان من ناحية (الكم) والوقوف في وجه التحديات ابتداء من انسحاب المال العربي الممول للكثير منها وليس انتهاء بأزمة التسويق وهجرة عدد من مبدعيها .. فكسب هذا الرهان قابله خسارة تتمثل في النوعية المقدمة والتي أتت متفاوتة بشكل صارخ مع غياب للمسلسل الفيصل الذي يشكل حالة تفرد في الانتاج .‏

السمات الأبرز‏

غياب المسلسل التاريخي وأعمال السيرة الذاتية وانتصار الأعمال الخفيفة مقابل حضور للبيئة الشامية والكوميديا ، إضافة إلى انجاز مسلسلات تناولت الأزمة السورية وتفاوتت بين التناول المباشر ورصد تداعياتها على الناس .. كلها كانت السمات الأبرز لإنتاج عام 2013 ، كما استطاعت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي من تحقيق أعمال هامة ودخل قسم الانتاج في التلفزيون على خط الانتاج من جديد ، في حين غابت شركات إنتاجية عن الواجهة مفضلة التريث والانتظار ، وصعّدت شركات أخرى من وتيرة إنتاجها لتحقق أعمالاً منافسة ومختلفة المشارب . وكان هذا العام عام تغريد بعض الفنانين والمخرجين خارج سورية بحثاً عن فرصة ، أما داخل سورية فتم التصوير في أكثر من مكان ، وخرجت الأعمال بأقل الخسائر الممكنة . لكن سجل غياب للنص الدرامي الهام واعتمدت بعض الأعمال على الارتجال ، واللجوء إلى مخرجين لا يمتلكون رؤيا إلا إغراء أن يسبق اسمهم لقب (مخرج) ، وبالطبع الحالة ليست بهذا السوء فكما أن هناك نصفاً فارغاً من الكأس هناك نصف ملآن يتجلى بمبدعين قدموا ما لديهم وسط ظروف صعبة وسعوا لتكريس حضور ملفت على الساحة .‏

الفخ الكوميدي والشبابي‏

الكارثة التي لم يتوقع أحد مقدار ضحالتها هي أعمال اصطُلح على تسميتها بالدراما الشبابية والتي جاءت مخيبة للآمال وانفرد بعضها بهبوط وصل حد الابتذال والغرق في مستنقعات ومطبات السطحية والصراخ والكوميديا الساذجة في حين حاول بعضها الآخر تلمس خطه إلا أنه وقع في مطب الارتجال ، وإن كان يُحسب لتلك الأعمال قدرتها على التقاط فكرة أهمية التوجه لهذه الشريحة بالذات إلا أن الفارق فيما بينها أن بعضها كان هدفه تسليط الضوء عليها لما تحتله من حيز هام في المجتمع ، وبعضها الآخر اكتفى بهدف التسويق .‏

والفاجعة الكبرى كانت حضور أعمال كوميدية تمتعت بقدر كبير من الفجاجة واستجداء الضحك ، والبقاء على السطح دون الاستفادة من الإرث الكبير للكوميديا السورية المُقدمة في سنوات ماضية ، كما عادت في الموسم الأخيرة أعمال كانت غائبة إلى الساحة عبر أجزاء جديدة ولكنها لم تلقَ الصدى الذي حصدته في أجزاء سابقة .‏

مستنسخات شامية‏

أما أعمال البيئة الشامية فجاءت في غالبيتها مستنسخة لشكل يبدو أنه بات طابعاً ملاصقاً بها بالضرورة بهدف التسويق من خلال تشابه البيئة وتكرار في الملابس والحركات والديكور وأحياناً بالممثلين ، حتى ليكاد يظهر بعضها وكأنه مسلسل واحد لكن بعدة وجوه ، والخطورة أن ما تم إنتاجه سابقاً من أعمال شامية تحوّل إلى خارطة طريق للكثير من المسلسلات اللاحقة وباتت الشام لا تُرى إلا بعين واحدة فقط ، وهي التي ترضي رغبات المحطات ، في حين أن دراما البيئة الشامية تحتاج لمن يعطيها حقها لأنها تستحق ذلك، فهي بيئة غنية تحمل عمقاً وحياة أبعد بكثير مما يُقدم . ولكن إن اعتبرنا أن مسلسل (حدث في دمشق) ضمن عداد أعمال البيئة الشامية فيمكن القول إنه عمد للتغريد خارج السرب ، كما سعى مسلسل (ياسمين عتيق) لتقديم صورة مغايرة تذهب باتجاه الإبهار .‏

حضور للاجتماعي وللأزمة‏

تفاوتت الأعمال التي تناولت الأزمة السورية بين طرحها بشكل مباشر وتناول تداعياتها على المجتمع والناس ، وتبقى تجارب أولى لها السبق في ولوج هذا المضمار ومحاولة ملامسة الوجع الحقيقي . ولكن غالبية المسلسلات الاجتماعية المعاصرة حُمّلت بانعكاسات الأزمة لتأتي أعمالاً طازجة تلامس الراهن . أما الأعمال الاجتماعية المعاصرة التي ابتعدت عن مجريات الأزمة خرجت عن السائد واتجهت نحو الجرأة ولكن منها ما جنح نحو جرأة مفبركة كدخول عالم الخيانة الزوجية بطريقة فاقعة ما جعلها أعمالها تحمل غربتها عن واقعها وتبتعد عن الجمهور المُفترض لها .‏

رهان على المستقبل‏

الحالة التي وصلت إليها الدراما السورية في الفترة الأخيرة وتجلت معالمها في الموسم الدرامي الأخير ، في وقت شهد بروز نجاحات لدرامات عربية أخرى ، كلها عناصر شكلت في مجملها أسباب تدفع باتجاه قرع ناقوس الخطر محذراً من النتائج الكارثية التي يمكن أن تصيب الإنتاج الدرامي إن لم يسارع القائمون عليه إلى فرملة تدهوره ودفعه بجرعة أعمال قوية تسجل صحوة جديدة لدراما بنيت على مر السنوات بعرق وجهد الكثيرين ، ويبقى السؤال رهن القادم من الأيام إلا أن إشارات إيجابية تنذر بعودة قوية لدراما بنيت على أرض صلبة .‏

** ** **‏

المشهد السينمائي السوري في عام‏

على الرغم من الظروف الصعبة إلا أن الكاميرا لم تتوقف والشاشة لم تُطفئ .. هي عبارة قد تلخص حراك سينمائي امتد خلال عام كامل كان الرهان فيه على وجود أو عدم وجود هذا النشاط والحراك في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلد ، وكان الانتصار للفن السابع ولجمهور السينما ومحبيها ، فبدا المشهد السينمائي السوري نشطاً سعى ليقدم ما يستطيع ليكون له حضوره على الساحة ودوره الفاعل والمؤثر فيها ، لكن مما لا شك فيه أن هذه السنة لم تكن كسابقاتها خاصة من حيث ارتياد الجمهور للأنشطة وانكفاء القطاع الخاص عن إنتاج الأفلام ، ولكن بالمقابل شهد هذا العام نشاطاً ملحوظاً لعدد من الأندية السينمائية التي خرجت من إطار (عرض الفيلم وإقامة ندوة مرافقة له) إلى فضاء أكثر رحابة يصل حد إقامة ورشات سينمائية متخصصة .. وفيما يلي نرصد عبر نظرة سريعة للمفاصل الهامة في الحراك السينمائي السوري خلال عام مضى .‏

أفلام جديدة‏

تم خلال عام 2013 تصوير فيلمين روائيين طويلين والبدء بفيلمين آخرين في المؤسسة العامة للسينما ، فقد صور فيلم (الرابعة بتوقيت الفردوس) الذي كان اسمه (ملائكة النهار) وهو من تأليف وإخراج محمد عبد العزيز ، كما تم تصوير فيلم (بانتطار الخريف) إخراج جود سعيد ، سيناريو عبد اللطيف عبد الحميد وجود سعيد ، استشارة درامية محمود عبد الواحد ، شارك في السيناريو علي وجيه ، وهو من تمثيل : سلاف فواخرجي ، عبد اللطيف عبد الحميد ، كامل نجمة ، ربا الحلبي ، رنا ريشة ، بشار اسماعيل ، مرام علي ، علاء قاسم ، وائل رمضان .. وقد انطلقت مؤخراً عمليات تصوير الفيلم الروائي الثالث وهو فيلم (الأم) للمخرج باسل الخطيب وتأليف مشترك بينه وبين أخيه تليد الخطيب ، وبطولة عدد من الفنانين ، منهم : سلاف فواخرجي, نورا رحال , بشار إسماعيل, ديمة قندلفت علي صطوف , عامر علي .. كما بُدِء العمل بفيلم ديكودراما بعنوان (حماة الديار) للمخرج نضال دوه جي .‏

وتم إنجاز مجموعة من الأفلام القصيرة ، منها الفيلم التسجيلي (النفق) إخراج وتصوير سيمون سمير صفية إنتاج (الأفلام الفقيرة ـ poor film) بالتعاون مع النادي السينمائي بطرطوس وموقع طرطوس الآن ، وهناك فيلم (العداء) لياسر نصر الله وفيلم (طريق بيروت - مولهولاند 150 ألف كيلومتراً) لفجر يعقوب ، وقد أنتجت المؤسسة العامة للسينما عدد من الأفلام القصيرة ، هي : (الرجل الذي صنع فيلماً) إخراج أحمد ابراهيم أحمد ، (اليوبيل الذهبي) لمحمود عبد الواحد ، (الحافلة) ليوسف خليل يوسف ، (وليمة مسعود) لوضاح الفهد ، (رحلة الحرير السوري) و (توتر عالي) إخراج المهند كلثوم ، (الباشا) لغسان شميط .‏

التظاهرات والإصدارات‏

سعت مؤسسة السينما إلى إقامة مجموعة من التظاهرات السينمائية التي أغنت الحراك السينمائي ومنحته شيئاً من حرارة باتجاه الارتقاء بالذائقة الجماهيرية وتم عرضت الأفلام في كل من (كندي دمشق ، كندي دمر ، كندي طرطوس) . و التظاهرات التي أقيمت هذا العام هي : أحدث انتاجات السينما العالمية ، سينما حديثة بامتياز، الفيلم التلفزيوني ، أفلام قوس قزح ، أفلام من تاريخ المؤسسة العامة للسينما ، بورتريه المخرجين . كما تم إقامة عروض أولى لفيلمي (صديقي الأخير) و (صديقي الأخير) وكلاهما عرضا تجارياً في الصالات ، وعرض مؤخراً فيلم (ملك الرمال) للمخرج نجدت أنزور بانتظار اطلاق عرضه التجاري بداية العام .‏

ومع استمرار صدور المجلة الفصلية (الحياة السينمائية) عن وزارة الثقافة ـ المؤسسة العامة للسينما والتي تعنى بالحراك السينمائي المحلي والعربي والعالمي، تم إصدار مجموعة من الكتب السينمائية الهامة ضمن سلسلة الفن السابع ، وهي : (ألكسندر ألوف فلاديميير ناعوموف) وهو لمجموعة من المؤلفين ، (دكتاتورية التباين السينمائي) لمحمد نعيم الخيمي ، (فن رسم الحبكة السينمائية) ليندا ج. كاوغيل ، (تشريح الأفلام) برنارد ف.ديك ، (سيناريو خيط الحياة) ديانا فارس ، (كتابة النص السينمائي الإبداعية في فهم البنية العاطفية) كريستينا كالاس ، (فن كتابة السيناريو) فرانك هارو ، (السينما التعبيرية الألمانية عالم الضوء والظلال) إيان روبرتس.‏

مهرجانات وأندية سينمائية‏

مع استمرار تعليق مهرجان دمشق السينمائي ، لم يتحقق للأفلام السورية المشاركة في العديد من المهرجانات التي اعتادت المنافسة فيها بسبب وضع الحصار الذي امتد ليشمل المنحى الثقافي والفكري والفني والابداعي ، إلا أنه رغم هذا الحصار استطاعت عدة أفلام أن تحقق حضوراً في أكثر من مهرجان كما حصد فيلم (مريم) للمخرج باسل الخطيب جائزتين الأولى هي الجائزة الكبرى لمسابقة الأفلام العربية في المهرجان الدولي للسينما بمدينة الداخلة المغربية في دورته الرابعة ، أما الثانية فالجائزة الكبرى في الدورة السابعة من مهرجان وهران للفيلم العربي في الجزائر مناصفة مع فيلم (هرج ومرج) . كما حصد الفيلم القصير (دوران) عدة جوائز وهو من إخراج وسيم السيّد وسيناريو علي وجيه والمنتج ضمن إطار أفلام مشروع دعم سينما الشباب . ولكن مقابل هذا الانحسار شهد الحراك السينمائي في عدد من المحافظات نشاطاً ملحوظاً ، فالنادي السينمائي في طرطوس كان له انشطته الهامة التي تعدت موضوع عرض الأفلام إلى إقامة ورشات للإخراج ولكتابة السيناريو السينمائي ، كما انطلقت عروض النادي السينمائي في دريكيش ، وحقق النادي السينمائي في اللاذقية خطوات هامة نحو الأمام ، وكانت هناك أنشطة مماثلة في دمشق وعدد من المناطق الأخرى .‏

سينما الشباب‏

خمسة وعشرون فيلماً قصيراً لمخرجين شباب مازالوا يتلمسون خطواتهم الأولى في عالم الفن السابع ، هي الحصيلة التي خرج بها (مشروع دعم سينما الشباب) لهذا العام في نسخته الثانية عبر تجربة مفصلية أطلقتها المؤسسة العامة للسينما ، والهدف منها اكتشاف المواهب الجديدة . وقد بلغ عدد النصوص التي قدمت بهدف الحصول على هذه الفرصة أربعة وثمانون نصاً تم تقديمها للجنة القراءة المتخصصة بناءً على خطة مؤسسة السينما ، وصورت الأفلام في أكثر من مكان في سورية .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية