بحزن يملأ عينيها قالت مايا صليبي 12 عاما التي كانت تسير برفقة خالتها وشقيقها كريم ابن خمس السنوات على الاقدام إلى الطريق الدولي دمشق -حمص : خرجنا من مدينة عدرا دون أبي وأمي.. لقد اقتادهم الإرهابيون منذ 12 يوماً ولا نعلم عنهم شيئاً.
ويقول علي البكار الذي خرج من بيته بحقيبة صغيرة وضع فيها بعضا من حاجياته الاساسية.. كنا نعيش بأمان في مدينة عدرا العمالية بعد ان اضطررنا لترك منازلنا في بلدة حجيرة إلى ان دخلت المجموعات الإرهابية المدينة وارتكبت الجرائم الفظيعة بحق المئات.. لقد دمروا وقتلوا وشردوا عائلات باكملها.
بينما يروي حسين 12 عاما الذي كان برفقة والده كيف تغيرت الحياة بالمدينة مع دخول الإرهابيين كل شيء اصبح سيئا من حولنا.. قتل واطلاق نيران في الليل والنهار .
العشرات لا بل المئات من سكان مدينة عدرا يغادرون مناطق سكنهم للمرة الثانية أمس بسبب إرهاب المجموعات المسلحة لانهم سبق أن هربوا من قرى الغوطة الشرقية بعد ان اجبرتهم المجموعات الإرهابية على ترك منازلهم... تقول عبير سلام التي نزحت واسرتها من حي جوبر إلى عدرا العمالية: أتينا إلى عدرا بحثا عن الامان حتى ابتلينا بهم من جديد.. اخرجونا من البيت إلى الاقبية ومن ثم إلى النادي الرياضي.. عشنا أياما على فتات الخبز اليابس وتضيف: قتلوا عشرات المواطنين وألقوا جثثهم في مقبرة جماعية خلف النادي الرياضي.
طريق ودرب طويل من التهجير سلكته عبير يوسف من عين ترما إلى حرستا ومن ثم ضاحية قدسيا وانتهى بها المطاف في عدرا العمالية حيث ارتكب الإرهابيون جرائم فظيعة ضد الأهالي اذ تقول: اقتحموا البيوت ونهبوا كل شيء.. لم يتركوا شيئاً.
يدعون الاسلام.. يكبرون باسم الله ويقتلون الناس ويعتدون على الناس بهذه الكلمات بدأ صبحي سلام حديثه قبل أن يتابع بغضب وغصة وحرقة وتكاد انفاسه تتقطع من شدة التعب بعد المسافة التي قطعها سيرا على الاقدام: أخذوا حاجياتنا ونهبوا بيوتنا.. اعتدوا على النساء واحتموا فينا كدروع بشرية.. عمري 82 سنة ولم أعش أياما بقسوة ما رأيت من ظلم هؤلاء القتلة.
ولا يختلف حال احمد زين الدين ابن الـ 65 عاما عن حال أهالي عدرا العمالية واسرته من بلدة القاسمية حيث كان يقطن في ج 14 من المدينة اذ يشير إلى أن الإرهابيين اقتحموا المدينة عند الساعة الثالثة صباحا سمعنا اطلاق نار.. نظرنا من النوافذ.. رأينا الإرهابيين امام الابنية يصرخون انزلوا إلى الاقبية.. مرت الساعات طويلة ملؤها الرعب والبرد حيث مكثنا أياما محشورين في زوايا البيت متلحفين بما لدينا من اغطية.
بحماس اندفعت الشابة وزيرة ابراهيم باتجاهنا لتروي ما شاهدته من فظائع.. تقول ابنة الثامنة عشرة من عمرها: كنا نقطن في الجزيرة 11 اجبرونا على النزول إلى القبو مهددين من لا يستجيب لاوامرهم بالقتل.. كان بينهم اردنيون وسعوديون وقطريون.. قتل الناس امر بسيط لديهم.. ذبحوا شابين أمامي.. من شدة الخوف بقيت اياما لا استطيع الكلام.. والآن أكاد لا أصدق.. كان كابوساً فظيعاً.. الحمد لله أننا الآن بأمان.
أما سامية حوا المهجرة من بلدة الجربا فتقول: كنت أقيم في ج11.. احتجزنا الإرهابيون في قبو البناء عشرين يوماً.. قاسينا البرد والجوع.. خبأنا بعض الطحين وخبزناه على قطعة من الحديد.. قطعوا الماء وسرقوا المازوت من خزانات السيارات لم يتركوا شيئاً.
ولم يستطع محمود خولان أب لستة اولاد كبح دموعه وهو يسرد بحرقة الاذلال الذي احس به مع اسرته: زوجتي مريضة لا كهرباء ولا ماء ولا اكل لنا.. مكثنا أياما دون طعام.. انه الجحيم.
اما احمد فقد نجا بأعجوبة ولا سيما أنه جندي في الجيش وكان في اجازة عند دخول الإرهابيين المدينة.. حيث يقول: لم يتركوا وسيلة للتعذيب الا واستخدموها ضدي.. القوا رجلا في السبعين من عمره على الارض واخذوا يضربونه أمامي.. لم يرحموا أحداً.. كل من له علاقة بالدولة هو مجرم بنظرهم حتى الاطباء والممرضين.. كانوا اشد قسوة على أهالي قرى الغوطة من الوافدين إلى عدرا العمالية لانهم خائنون بنظرهم سرقوا السيارات ومولدات الكهرباء ومنعوا تشغيل الفرن ودمروا كل شيء.
حتى المعوقين لم ينجوا من جرائم الإرهابيين تقول ام شادي التي جاءت من دوما إلى عدرا العمالية زوجي معوق ومع ذلك لم يسمحوا لنا بأخذ سيارته الخاصة بالمعوقين.. حتى العربة التي يبيع عليها ابني الفول النابت سطوا عليها بينما تؤكد ام خالد أنها اضطرت للتخلي عن حاجات اساسية كانت تحملها بيدها بعد ان اطلقوا النار والقذائف باتجاههم لمنعهم من الخروج وسقطت على الارض وهي تركض خوفا من نيران غدرهم على أطراف المدينة.. قبل أن تحس بيد حانية تساعدها على النهوض.. لترفع نظرها إلى الاعلى فتجد أمامها بطلا من جنودنا البواسل يمد لها يده لتتوازن في مشيتها وتسير بثقة منقطعة النظير.. كيف لا وهي بحماية الجيش العربي السوري.