تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معركة حسم السلطة في أبيدجان

شؤون سياسية
الاثنين 4-4-2011
توفيق المديني

بعد أن استنفد السبل كلها لإقناع الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو بترك السلطة في ساحل العاج. على إثر خسارته في الانتخابات الرئاسية التي جرت في ساحل العاج يوم 28 تشرين الثاني 2010م والتي اعترف فيها الاتحاد الإفريقي ، وكل الدول الغربية ،

،هيئة الأمم المتحدة بفوز الحسن وتارا فيها، هاهو الرئيس الشرعي في ساحل العاج يلجأ إلى حسم معركة السلطة، في ظل تعنت خصمه غباغبو، وتشبثه بالبقاء في القصر الرئاسي ،رافضاً بذلك الانصياع لمبدأ التداول السلمي للسلطة.‏

فقد شنت قوات الرئيس الحسن وتارا التي كانت تسيطر على شمال البلاد منذ 2002م ، هجوماً واسع النطاق منذ الأسبوع الماضي على الجنوب ،لإنهاء الأزمة الناجمة عن الانتخابات الرئاسية في 28تشرين الثاني 2010م والتي أوقعت استناداً إلى الأمم المتحدة 500 قتيل غالبيتهم من المدنيين.‏

وسرعان ماامتدت المعارك، إذ لم تواجه مقاومة سوى في منطقة الغرب التي يتحدر منها غباغبو، إذ استولى أنصار وتارا ولاسيما على العاصمة السياسية ياموسوكرو في وسط البلاد ، وسان بدرو أكبر مرفأ لتصدير الكاكاو في العالم في جنوب غربها.‏

وفي اليوم الخامس من الهجوم كان الجميع يتساءلون عما سيفعله غباغبو الحاكم منذ 2000م وما إذا كان لايزال في مقر إقامته إذ لم يدل بأي تصريح علني منذ أسابيع ولم يوجه بعد خطابه إلى الأمة الذي أعلن عنه مراراً حتى الان.‏

وتابعت القوات الموالية لوتارا تقدمها باتجاه العاصمة أبيدجان ، حيث استولت على مبنى التلفزيون الرسمي« ار تي أي» رمز النظام، فحرمته بذلك الرئيس المنتهية ولايته غباغبو من وسيلة إعلامية أساسية ، ووشنت هجمات على القصر الرئاسي ومقر إقامته في أبيدجان . وقد دارت معارك عنيفة في أبيدجان حيث تقاوم قوات الحرس الجمهوري التابع للوران غباغبو بشراسة مقاتلي خصمه الذي يعترف المجتمع الدولي بانتخابه رئيساً الحسن وتارا حول مقر إقامته والقصر الرئاسي، بينما أعلنت حكومة الأخير أنها أعادت فتح الحدود الجوية للبلاد ، لكن الحدود البريةوالبحرية لاتزال مقفلة. وفي حي بلاتو قرب القصر في وسط المدينة ، ترددت طوال ليل الخميس - الجمعة 1 نيسان الجاري أصداء الرشقات الرشاشة والقصف بالأسلحة الثقيلة ، واهتزت جدران المباني من شدة بعض الانفجارات ، فيما خلت الشوارع من المارة ولزم السكان منازلهم . وكان الوضع مشابهاً في حي كوكودي الراقي في الشمال قرب المقر الرئاسي .‏

وصرح رئيس وزراء وتارا غيوم سورو أن قوات وتارا تحاصر أبيدجان، ودعا غباغبو إلى الرحيل الآن مؤكداً أن عدداً كبيراً من جنرالات الجيش أعلنوا انشقاقهم عنه.‏

وقال : هناك الآن جنرالات انضموا إلينا لقد تبادلت وجهات النظر مع عدد كبير من الجنرالات الموافقين ،.وفي الساعات المقبلة سيدلون بإعلانات عامة.‏

وشدد على أنه ينبغي أن يستسلم غباغبو الآن.‏

لقد رصدناه ونحن نتابعه دقيقة بدقيقة ...نعتبر أنه ينبغي تجنب حمام دم في أبيدجان إننا نمنحهم بضع ساعات .‏

تعود جذور الأزمة في ساحل العاج إلى زمن الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس البلاد هنري بيد في ديسمبر 1999، حيث فرضت المؤسسة العسكرية نفسها بقيادة الجنرال روبرت جي على الحياة السياسية .‏

وحينئذ دخلت ساحل العاج في دائرة الصراعات الإثنية العلنية والعنيفة .‏

وعندما جرت الانتخابات الرئاسية في 22 تشرين الأول 2000تم استبعاد السيد واتارا على أساس أنه من بوركينا فاسو، الأمر الذي أدى في الوقت عينه إلى إبعاد ثلث الناخبين وهؤلاء من الشمال وقد وجد السيد غباغبو نفسه إذاً وحيداً في مواجهة الجنرال غاي.‏

في اليوم التالي للانتخابات الرئاسية أدرك غباغبو أنه خسر فقام الضابط المنقلب بإيقاف عملية فرز الأصوات .‏

وقام أيضاً بتوقيف أعضاء اللجنة الانتخابية وأسرع إلى مركز الإذاعة والتلفزة العاجيين RTI وأعلن نفسه فائزاً .‏

وفي 24 تشرين الأول 2000 قام غباغبو ،تدعمه وسائل الإعلام الدولية ،وبالأخص إذاعة فرنسا الدولية RFI بدعوة مناصريه للنزول إلى الشارع وأضاف: « منذ هذه اللحظة أنا رئيس ساحل العاج».‏

مشى مناصروه باتجاه مركز الإذاعة والتلفزة RTI وحدثت اشتباكات مع عسكريين ظلوا موالين للجنرال، أما مناصرو السيد واتارا ، الذين تظاهروا بدورهم مطالبين بإجراء انتخابات جديدة فسيقمعون بصرامة ... وبدعم من سلاح الدرك.‏

وبعد أن هزم الجنرال غاي أعلنت اللجنة الانتخابية أخيراً فوز السيد غباغبو بنيله 60٪ من الأصوات لكن نسبة المشاركة بلغت 37٪ وقد ذهب خلال الأيام التي عقبت الانتخابات حوالي ثلاثمئة ضحية .‏

وسيعترف الرئيس الجديد لوران غباغبو بالأمر حين قال:‏

« لقد انتخبت في ظروف كارثية».‏

وكانت فرنسا أول من اعترف بانتصار الاشتراكي العالمي وبعد بضعة أسابيع من الانتخابات استعادت تعاونها مع ساحل العاج ، الذي كان قد توقف أثناء الانقلاب في ميلاد سنة 1999.‏

ينقسم ساحل العاج إلى فئتين من السكان: هناك أكثرية مسيحية تقطن جنوب البلاد (نحو 30٪ من السكان) متأثرة بالثقافة الفرنسية ومهمينة على القطاعات الاقتصادية الحيوية في البلاد بحكم سيطرتها على الساحل الذي يمثل منفذ تصدير السلع الزراعية والمعدنية التي تمثل ثروة البلاد الرئيسية .‏

وهناك أكثرية مسلمة في الشمال نحو 35٪ من السكان وهم السكان الذي ينتمون في معظمهم لقبائل الفولتا 17٪ من السكان والقبائل الشمالية 16.5٪ من السكان والتي تمثل امتداداً لقبائل في بوركينا فاسو.‏

ويعتبر الشمال أقل غنى من الجنوب لذا هاجر قسم من سكانه إلى المناطق الجنوبية للعمل في أثناء فترة الانتعاش الاقتصادي التي عرفتها ساحل العاج في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.‏

 كاتب تونسي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية