ومُلتويا ًتخشى خَريطةَ تَرْحالِكْ
أمازالَ سرداباً خيالُكَ غامضاً
دُجى الوهمِ يكسو كلَّ حرفٍ بمنوالِكْ
تغيّر قاموسُ المحيطِ فلمْ نَعُدْ
نذوقُ الأغاني من تِلاوةِ موّالِكْ
لبسنا ثيابَ الشمسِ في كلِّ كِلْمةٍ
فضاقَ فضاءُ الليلِ في طقسِ أقوالِكْ
لنا في الهوى أرجوحةٌ وحدائقٌ
وأنتَ تُخيفُ الزهرَ في ضِرسِ زِلزالِكْ
مضى عصرُك المجهولُ من دونِ رجعةٍ
وغطّى قميصُ البوحِ أسرارَ سِروالِكْ
مضى شعرُك الباغي فكانَ ضَلالةً
يباعُ رخيصاً مثلَ رقْصةِ خَلخالِكْ
فمن قالَ للأشعارِ إنّك روحُها
وإنّك سلطانٌ على رأسِ أجيالِكْ
إذا كنتَ موجوداً تكلّمْ وهاتِنا
ولو( رنّةً ) تحكي خصائصَ ( نقّالِكْ )
قصائدُك العصماءُ شاخَ لهيبُها
وشاختْ حروفُ الجرِّ في جَرْس صَلصالِكْ
( كجلمودِ صخرٍ ) كان شعرُكَ جامداً
ومازالَ ليلاً بارداً فوقَ أوصالِكْ
فطرتَ ببيتٍ، يا امرأ القيسِ، جاهلٍ
وشعرُك دوما هلَّ من غيرِ شوّالِكْ
شربتَ نبيذَ العشقِ من كأسِ ماجنٍ
فصارتْ نساءُ الحيِّ قمحاً بغربالِكْ
لقد غابَ من عينيكَ وجهُ ( عُنيزةٍ )
ليشرقَ حبُّ الذاتِ في روحِ شَلاّلِكْ
لماذا ركبْتَ العمقَ في كلِّ رحلةٍ
وخلّفتَ أمواجَ الخفايا لأطفالِكْ
كتابُكَ عنوانٌ لوجهٍ مُظلَّلٍ
وسُكنى الزوايا ذكرياتٌ لأمثالِكْ
وعنكَ لسانُ الشعرِ يكتُبُ شعرَهُ
بأنّكَ لم تمنحْ زكاتَكَ من مالِكْ
ظننتَ كثيراً أنّ عشبَك باسقٌ
وكنتَ تريدُ الشمسَ عبداً لإجلالِكْ
غرورُك مسمومٌ سقاكَ عباءةً
وصارَ كوجهِ السحرِ وهماً لإشعالِكْ
* * *
نسيتُك حقّا.. ما تكونُ؟ أشاعرٌ؟
فلستَ بربِّ الشعرِ.. أخرجْهُ من بالِكْ
سأنسى سنينَ القحْطِ.. فالشعرُ ماطرٌ
أنا لن أُجاري ما أريدُ بمكيالِكْ.