والتسلح بالقناعات الاضطرارية في زمن الأزمات وحرب الأمعاء، و لكن أقول لك: من رضي عاش.. فلا سبيل إلا تقبل الواقع و التأقلم معه، فالقناعة كنز لايفنى رغم أنها لا تغني من جوع و لا تدفء القلوب، ومن راقب الناس مات هماً وغماً من قلة اللحم والزفر والدسم، لذلك فالصبر مفتاح الفرج.. والخبز طعام الأغنياء كما الفقراء ولو كان «حاف »..
ناس مليانة و ناس مفلسة .. و لكن على قد لحافك مدَّ رجليك حتى لو اضطررت لضمهما إلى صدرك من قصر اللحاف .. و بحصه بتسند جرة .. فالاشتراكية لم تعد شعاراً وطنياً فقط و ليست خياراً أسرياً بل هي مسألة جوع وشبع .. ألم ينصحوك يوماً بالقول : خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود .. فذهب الأسود بالأبيض و اشتاقت الجيوب لكليهما معاً.. و غيرها الكثير من الأمثال التي تمثل حبة مسكّن للنفس و العقل و البطن ، أو إبرة مخدر تخفف وجع الجيوب قبل الجراحة اليومية .
ربما لم تكن مرفهاً و لكنك لم تجُع و لم تعرَ .. و كان شعارك التدبير نصف المعيشة ، و الآن مع تسونامي الأسعار الذي لم يترك بيتاً إلا و جرفه بتياره و أغرقه بدواماته ، بات لزاما ً على الكثيرين ممن لم يتخذوا من التدبير و الترشيد خطة معيشية أن يعيدوا جدولة حساباتهم وترتيب أولوياتهم، فلا مكان للمبذرين وسط اعصار الغلاء.
لا ندعو أن تكون أيديكم مغلولة إلى صدوركم لتنافسوا بخلاء الجاحظ.. ولا أن تبسطوها كل البسط في تحدٍ لحاتم الطائي في الجود ، بل التوسط في الصرف والموازنة بين الضروريات والكماليات.. فإن كنت على البير اصرف بتدبير، ومن دبر ما جاع.. هكذا قال الأجداد في زمن الرخاء !!