تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مقترحات لإحلال السلام قابلة للتنفيذ

جيروزاليم بوست
ترجمـــــــــــة
الأحد 3-3-2013
 ترجمة: ليندا سكوتي

لقد بدا واضحا للعيان تعذر النهوض بتفاهم بناء بين أولئك الذين يؤمنون بأن التوصل إلى اتفاقية سلام ستفضي بالضرورة إلى وضع حد للنزاع القائم وبين الذين يرفضون السلام ويرون بأن الزمن قد تجاوزه بعد أن أصبح العديد من الإسرائيليين يعيشون في مستوطنات أقيمت وراء الخط الأخضر ويتذرعون بمقولة عدم وجود شريك في الجانب الفلسطيني.

وفي واقع الأمر لم نقف على وجود شركاء يسعون بجدية لصنع السلام إذ يلاحظ أن المفاوضات التي انقضى عليها ما يناهز العشرين عاما مازالت تراوح في مكانها ولم تسفر عن اتفاق يقبل به الطرفان ويفضي إلى إنهاء الخلافات القائمة بشأن القضايا الجوهرية الثمانية لكننا على الرغم من تلك المعوقات نرى امكانية التوصل إلى اتفاق في إطار تنازلات تجعل كل من الطرفين يقف أمام شعبه معلنا توصله إلى أفضل اتفاق ممكن وأنه حقق نصرا مؤزرا جراءه وسنعرض باختصار عما يمكن اتخاذه من معالجات للقضايا العالقة:‏

1- الدولة الفلسطينية: لقد أصبح وجودها أمراً واقعاً ويصب في مصلحة الطرفين وعبر وجودها يمكننا أن نحظى بالاعتراف بهويتنا القومية من قبل الأمم المتحدة تنفيذاً لقرارها رقم 181 الصادر بتشرين الثاني عام 1947 الذي ينص على إنشاء دولتين أحدهما يهودية والأخرى عربية على أرض تعرف باسم فلسطين.‏

2- ينبغي ترسيم الحدود بين البلدين وفق اتفاقية الهدنة الصادرة عام 1949، واعتبار ذلك خطاً للحدود بين الدولتين حيث تقوم الدولة الفلسطينية على 22% من إجمالي الضفة الغربية ويكون لإسرائيل 78% منها. وأن يتاح للأخيرة ضم 4% من الضفة الغربية الأمر الذي سيحقق البقاء لحوالي 80% من المستوطنين الإسرائيليين في الكتل الاستيطانية القائمة مقابل حصول الفلسطينيين على مساحة مماثلة من الأرض الواقعة داخل إسرائيل حيث سيتاح لهم استخدامها كمناطق للتطوير باعتبارها جاءت تعويضاً عن الأراضي التي ضمتها إسرائيل إليها.‏

3- القدس: أن تتمتع إسرائيل بكامل السيادة على مناطق القدس التي يعيش بها اليهود. وتكون القدس اليهودية موحدة ومعترفاً بها من قبل دول العالم أجمع كعاصمة لإسرائيل. أما الفلسطينيون فلهم السيادة الكاملة على كل جزء من القدس يعيش به الفلسطينيون، والقدس الفلسطينية ستكون أيضا موحدة ومعترفاً بها من قبل العالم أجمع كعاصمة للدولة الفلسطينية، وستبقى القدس بشقيها شأنها شأن التوأم السيامي أي أنهما يبقيان على اتصال مباشر وبالتالي ستبقى المدينة مفتوحة للحركة الحرة في جميع أنحائها. ويشترك شطرا القدس بالعديد من البنى التحتية والأهم من ذلك أن الطرفين سيكونان مسؤولين عن العمل معا لتوفير الأمن الحقيقي للمدينة. أما المدينة القديمة والأماكن المقدسة فيترك أمر إدارتها إما للواقع الديموغرافي القائم أو الاتفاق على جهة أخرى يعهد إليها ذلك الأمر نيابة عن الشعبين. أما بالنسبة إلى جبل الهيكل أو الحرم الشريف فإنه سيشهد تحولا في الحقائق الراهنة عبر اتفاقات مع السلطات المسلمة تتيح السيطرة على الجزء الأعلى من المسجد، بينما تسيطر السلطات اليهودية على حائط المبكى. وبذلك سيفسح المجال لملايين الحجاج المسلمين من القدوم لإكمال فرائض الحج التي تبدأ في مكة المكرمة والمدينة المنورة وتختتم في مدينة القدس.‏

4- اللاجئون: بإمكان كافة اللاجئين الفلسطينيين أينما كانوا العودة إلى دولتهم المستقلة ذات السيادة بما فيها الأراضي المضافة الناجمة عن عمليات التبادل والتي يمكن استخدامها لأغراض إعادة التوطين الأمر الذي يمكن الفلسطينيين من القول بأن ثمة عودة ولو جزئية لأراضي ما قبل عام 1948 لا سيما في ضوء كون إسرائيل وفلسطين والمجتمع الدولي يولون اهتماما لتحقيق بداية لحياة جديدة للاجئين عبر تقديم المانحين الدوليين لمعونات فعالة بمشاركة من إسرائيل بغية تأمين السكن اللائق والتعليم والعمل لهم. ويمكن بناء مدن جديدة في الضفة الغربية، وتقديم تعويضات عن الأراضي والممتلكات التي فقدت عبر تشكيل لجنة دولية للتعويضات تشارك إسرائيل بتمويلها. بينما يصار إلى الاتفاق على عودة رمزية لفلسطينيين يقدر عددهم بـ 50000 فلسطيني مما يمكن الفلسطينيين من القول بتنفيذ حق العودة ولو بشكل جزئي لكن على الجميع أن يأخذ باعتباره بأن القادمين الذين سيعيشون في داخل إسرائيل سيخضعون لقوانينها وسيادتها، أما بالنسبة لاسرائيل فتستطيع القول بأن تلك العملية كانت مبادرة إنسانية منها تهدف إلى لم شمل العائلات المتفرقة. وفضلا عن ذلك ثمة إمكانية لللاجئين الفلسطينيين بالحصول على المواطنة في دول أخرى قد تقدم تلك الميزة لهم بحيث يستطيع المواطن الفلسطيني حمل جنسيتين معا.‏

5- بالنسبة للمعبر الواصل بين الضفة الغربية وغزة الذي يمتد حوالي 40 كيلومترا يمر بأراض خاضعة لسيادة دولة إسرائيل، أرى بأنه من الأفضل إقامة سكك حديدية لنقل الركاب والسيارات والبضائع مع وجود محطة في غزة وأخرى في الضفة الغربية، والابقاء على الاقتراحات الأخرى التي تقول ببناء الجسور والطرق والأنفاق وغيرها. واقترح الإسراع ببنائها على أن يؤخذ 1 كيلومتر من غزة بديلا عن المساحة التي تشغلها تلك الطرق. أما بالنسبة إلى غزة فإنها ستكون جزءا من اتفاقية شاملة، يستأخر تطبيقها حتى صدور موافقة النظام في غزة عليها.‏

6- العلاقات الاقتصادية: يتعين تنظيم العلاقات الاقتصادية بموجب اتفاقات بين الطرفين تنص على إقامة اتحاد جمركي بين الطرفين واتاحة الفرصة للدولة الفلسطينية بجباية الرسوم الجمركية في الحال التي يكون لها حدود واضحة معترف بها، أما في حال الرغبة بقيام نظام تجاري مختلف فبامكان الفلسطينيين تقديم اقتراحات بهذا الشأن وفي سائر الأحوال يتعين على إسرائيل أن تقدم مساعداتها لتحقيق التقدم والازدهار في فلسطين.‏

7- المياه: بعد أن تضاعف كميات المياه المتوفرة نتيجة لتحلية المياه والتخفيف من الهدر لم يحدث أي خلاف بين الطرفين حول هذا الأمر ذلك لأنه سيحصل الفلسطينيون على نصيب عادل من المياه المتوفرة في الأراضي الواقعة بين الأردن والبحر في حال توصل الدولتان إلى اتفاق لإعادة التخصيص، لكني أرى بأنه عند وجود سلام حقيقي فبالإمكان اتباع نموذج الإدارة المشتركة التي تعتبر بأن كل المياه مورد مشترك ولا يقتصر فقط على المياه المتوفرة في الضفة الغربية وحينها لا بد من الأخذ بالاعتبار حاجة غزة إلى محطة تحلية للمياه تخصها لوحدها.‏

8- الترتيبات الأمنية: بدون تحقيق الأمن لن يتيسر الاتفاق على أي شيء لأن الترتيبات الأمنية هي التي ستحقق الأمن الحقيقي لكلا الشعبين. علما بأن المسؤولية عنها تقع على عاتق الطرفين كل في إطار حدوده وأن يسود التعاون الأمني البناء بينهما يضاف إلى ذلك ضرورة وجود قوات متعددة الجنسيات (على غرار القوات في سيناء) بقيادة الولايات المتحدة أو منظمة حلف شمال الأطلسي وبمشاركة إسرائيليين وفلسطينيين على امتداد نهر الأردن. مع ضرورة وجود مراقبين دوليين على الأرض لضمان التطبيق الكامل للترتيبات الأمنية.‏

لا بد أن نأخذ باعتبارنا وجود أقلية يهودية ستبقى في فلسطين وتدعو الضرورة إلى ربط حقوقها بحقوق المواطنين العرب في إسرائيل كما يجب أن تكون الحدود مفتوحة قدر الإمكان بحيث يكون التعاون بين الدولتين هدفا لكلا الجانبين في شتى المجالات وإن أي اتفاق بينهما يجب أن ينهي النزاع ويمهد لإقامة علاقات سلمية.‏

يجب أن نعلم بأن فضائنا صغير جدا، وكلانا يحتاج إلى تعاون في مجالات عدة تتعلق بالبيئة وقضايا أخرى تثير لدينا الكثير من المخاوف والهواجس لذلك ينبغي أن يبني الاتفاق جسوراً للتعاون بدلا من جدران الفصل.‏

من المسلم أن تنفيذ الاتفاق سيكون بشكل تدريجي، ومع مرور الزمن وبالاعتماد على الالتزامات المنصوص عنها في الاتفاقات لذلك فإن طرفا ثالثا (مثل الولايات المتحدة) لا بد من الاعتماد عليه للمساعدة في تنفيذ هذا الاقتراح.‏

إن التوصل إلى الاتفاق أمر ليس بالعصي عن التنفيذ والتنازلات بموجبه لن تكون خسارة بل ربحا يمكن كل من الجانبين الوقوف بشموخ واعتزاز والإعلان على الملأ عن تحقيقه النصر والسلام.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية