تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التهديدات الإسرائيلية لإيران ... إلى أين ؟

شؤون سياسية
الأحد 3-6-2012
هيثم عدرة

إن تأجيج المواقف تجاه إيران بين الفترة والأخرى له أسبابه إن كان على المدى القريب أو البعيد , والهدف المعلن هو برنامجها النووي ,والذي يلاحظه أي مراقب هو لعبة تبادل الأدوار ,

فتارة تتصاعد حدة التهديدات من الجانب الأمريكي وتارة من أوروبا ومن ثم تخبو حدة الهجوم لتبدأ من جديد إسرائيل بالتهديد والوعيد بتوجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية ولوكان ذلك بدون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية ,فالواقع يشير إلى أن هذه التهديدات لها أسبابها الإقليمية والدولية من وجهة النظر الإسرائيلية , والمحاولات كثرت وتنوعت من اجل التأثير على الموقف الإيراني عبر التهديدات المستمرة بضرب مواقعها النووية , بالرغم من التحذيرات الروسية التي تؤكد أن أي عمل عسكري سيكون له انعكاسات كارثية على مستوى منطقة الشرق الأوسط , الاستعدادات في هذا الإطار وما تقوم به الولايات المتحدة من ترتيب الأوراق وإيجادا لأرضية المناسبة للقيام بمثل هكذا عمل , إضافة إلى الزيارات السرية والعلنية من قبل قادة عسكريين إسرائيليين وأمريكيين تأخذ طابعاً تنسيقياً وتشاورياً والتي زادت في الفترة الماضية , ويرى بعض المحللين أن المفاوضات التي تجري مع إيران بشأن برنامجها لايعني ذلك أن احتمالات الضربة العسكرية غير موجودة وانماربما تأخذ شكل المفاجأة , والدليل على ذلك هو تفعيل النشاط الاستطلاعي والتجسسي في الأراضي والأجواء الإيرانية , وطائرة التجسس الأمريكية التي استطاعت إيران إسقاطها والحصول عليها تعطي مؤشرا على النوايا الأمريكية في هذا الاتجاه , إضافة إلى تزويد إسرائيل بالقنابل الأمريكية الثقيلة للغاية والتي تتميز بقدرات تدميرية كبيرة برأي الاستراتيجيين العسكريين , وتهديدات تل أبيب المتتالية بأنها يمكن أن تضرب إيران حتى من دون موافقة الولايات المتحدة , وثمة آراء عديدة تتحدث عن أن الحرب غير المعلنة على إيران قد بدأت فعلا من خلال الوسائل التخريبية , عبر التفجيرات التي حصلت سابقا في بعض المواقع العسكرية والمؤسسات الصناعية الإيرانية واغتيال علماء ذرة , كل ذلك لم يحصل بمجرد الصدفة وإنما هي عمليات تخريبية مبيتة , فخلال العامين الأخيرين حصل في إيران حوادث وعمليات تخريبية متنوعة , التي استهدفت البرنامج النووي والصاروخي لإيران .‏

ومن وجهة أخرى يمكن للخطوات الجوابية التي قد تتخذها طهران لدرء العدوان المرتقب , مثل ضربات صاروخية إلى إسرائيل أو إغلاق مضيق هرمز وما إلى ذلك من احتمالات يتحدث بها المحللون والتي تشكل بمجملها عقبات في وجه التدخل العسكري الأجنبي ,إلا أن تصميم إيران على مواصلة برنامجها النووي مهما كلف الثمن , ونقل منشآتها لتخصيب اليورانيوم إلى أماكن آمنة ,قد يؤدي بنظر العديد من المراقبين إلى تسريع ضربها , وفي هذه الحالة يصبح الحديث عن اندلاع حرب إقليمية جديدة طويلة الأمد امراً مطروحا .‏

لابد من القول إن الموقف الجيوسياسي الناشئ حول إيران يثير قلقاً ملحوظاً لدى دول الجوار , بما فيها روسيا , وهو يدفع موسكو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لنشر قواتها المسلحة وإعادة توزيعها في مناطق القوقاز الجنوبي وبحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود .‏

إن المحاولات الرامية إلى الهجوم على إيران أخذت أشكالا مختلفة وهي تسير عبر أكثر من محور ومنذ فترة , ولعل العودة إلى الوراء تفيد في هذا الإطار وكيف تفكر الولايات المتحدة بإيجاد الأرضية المناسبة ليكون الهجوم واحتمالات نجاحه كبيرة , فلا بد من القول إن حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان وصمود المقاومة الأسطوري كان يهدف إلى إيجاد معطيات جديدة على الأرض ولكن ذلك تبين انه فشل على الواقع .‏

الأمر الآخر هو تصاعد حدة العقوبات الاقتصادية على إيران والتي أخذت أشكالاً مختلفة , والتي تهدف إلى التأثير المباشر على الواقع الاجتماعي والاقتصادي عبر الوصول إلى غايات سياسية تضعف إيران , ولكن هذا الأسلوب تبين انه لايجدي نفعا , بل على العكس جعل ذلك إيران تعتمد على نفسها وتوجد بدائل تصنيعية جعلتها تقوم بحرق مراحل مما أعطاها القوة والمرونة أكثر .‏

الذي يحصل الآن ليس ببعيد عن متابعة المحاولات ولكن بأشكال مختلفة ,فما يجري في منطقة الشرق الأوسط هو محاولة لعزل إيران من جهة , ومن جهة أخرى إضعاف خندق المقاومة لأن ذلك يضر بإسرائيل وبشكل وجودها , فاستهداف سورية بهذا الشكل هو محاولة يائسة لإبعادها عن إيران وإضعاف خط المقاومة , لذلك نرى شراسة الهجمة , والمحاولات التي جرت للنيل من صمود سورية باءت بالفشل , وهذا يجعلنا نؤكد أن جميع المحاولات التي جرت لإيجاد الأرضية المناسبة لإضعاف إيران وشن هجوم عليها ذهبت أدراج الرياح , ويبقى أمام إسرائيل أن تواجه خط المقاومة الذي سيلحق بها الهزيمة تلو الهزيمة وصولا إلى تهديدها بوجودها الذي بالأصل بني على الاحتلال والقتل وتشريد الشعب الفلسطيني.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية