بل هناك أكثر من ذلك قيام بعض العاملين في الدوائر المالية بتعليم المكلفين على كيفية التهرب الضريبي.
المشكلة أننا نسمع ذلك من أعلى جهة مسؤولة عن التهرب الضريبي وإصلاح النظام الضريبي في سورية دون اتخاذ أي إجراءات رادعة مع معرفته بواقع الحال في الدوائر المالية، فهل نشهد بعد هذا الكلام تقييما لأداء العمل وخاصة مع حملة التغييرات التي طالت بعض الأقسام المهمة في مديرية مالية دمشق؟
لا شك أن تراجع الإيرادات يمثل مؤشراً على تواضع الأداء أو نشوب علاقات غير سليمة مع المكلفين، وهذا يفرض على القيمين على الدوائر المالية الإسراع بتعديل النظام الضريبي بما يحقق العدالة الضريبية التي ستكون إحدى الأدوات لمنع التهرب الضريبي.
وقبل ذلك لابد من إيجاد معايير لمراقبي الدخل تحث على النزاهة والعدالة التي من شأنها أيضا تقليص مساحات التهرب الضريبي بدلا من الذهاب نحو محاباة المكلفين وتدريبهم على التهرب والتلاعب الذي يؤدي بالتأكيد إلى حرمان خزينة الدولة حقها الطبيعي بتلك التحصيلات.
اقتصاديا وفي كل دول العالم تتقاطع أهداف السياسة الضريبية حول تحقيق مجموعة من الأهداف، يتم من خلالها وبها قياس درجة كفاءة هذه السياسات،فعلى المستوى المالي تضطلع الضريبة بدور تمويل النفقات العامة،أو جزء منها على الأقل وهي في بعدها الاقتصادي تعمل للحفاظ على دوران عجلة الإنتاج ومواجهة التقلبات الاقتصادية كالتضخم والانكماش وأخيرا وليس آخرا إعادة توزيع الدخل والحد من التفاوت في الدخول وهو الهدف الاجتماعي لكل ضريبة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل تتمتع سياساتنا الضريبية بقدرة على توليد إيرادات توفر قنوات تمويل للنفقات العامة المتزايدة وخاصة مع مشروع الموازنة للعام القادم والذي يقدر بـ 4000 مليار ليرة والأمر الأكثر أهمية تأمين إيرادات الدعم الاجتماعي الذي اعتبرته وزارة المالية الأهم للموازنة القادمة.
وهنا مرة أخرى نتوجه لوزارة المالية للبحث عن المطارح الضريبية الحقيقية التي تحقق إيرادات لخزينة الدولة دون أن تمس الوضع المعيشي للمواطن في ظل الظروف الاقتصادية الحالية فهل تنجح من خلال السياسة الجديدة بتقييم الأداء ومحاسبة المقصرين بحصاد أرقام تتناسب وطموحها؟.