ومبادرات التسوية السلمية مع الجانب الفلسطيني، لكن ما لا يمكن فهمه حتى هذه اللحظة هو اصرار المجتمع الدولي على اتباع تلك السياسة الممنهجة حيال الملف الفلسطيني لجهة السلبية المفرطة مع الكيان الصهيوني وعدم التعامل بنوع من الجدية والشدة مع الممارسات الارهابية الاسرائيلية المتواصلة والمتصاعدة على الرغم من حالات التبرم التي صدرت عن بعض الدول الغربية التي عبرت عن رفضها حرب الاستيطان التي تشنها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني من جهة وضد كل محاولات التسوية السلمية للقضية الفلسطينية من جهة اخرى .
ودون الذهاب بعيدا في التحليل فان سياسة المجتمع الدولي عموما والولايات المتحدة خصوصا تجاه اسرائيل تعكس الى حد بعيد تناقضا وتباينا واضحا في المواقف والاراء فهي تظهر ذلك البون الشاسع في مواقف بعض الدول الغربية ومواقف الولايات المتحدة حيث بدأت تطفو الى السطح في عدد من الدول الاوروبية مواقف منددة ورافضة لسياسة التعنت الاسرائيلية التي تتجاوز بحدودها كل القرارات والقوانين الدولية حتى النصائح التي كانت حتى وقت قريب تقدمها بعض الدول الحليفة لاسرائيل رمتها الاخيرة بمكبات اللامبالاة والعنجهية والصلف ، مع الاشارة في هذا المجال الى تلك الموجات الشعبية العارمة التي اجتاحت الشارع الاوروبي عموما والاميركي خصوصا نهاية العام الماضي والتي لاتزال تداعياتها واثارها تضرب عقل المواطن الغربي والاميركي الذي لايزال يتساءل عن جدوى اصرار بلاده دعم الكيان الصهيوني رغم عدم انصياعه لقرارات وقوانين المجتمع الدولي الذي يقف عاجزا عن التحرك واتخاذ اي اجراء فعلي يتم تطبيقه على الارض لمعاقبة هذا الكيان الخارج عن القانون منذ نحو سبعة عقود .
بالمحصلة فان هذا التناقض والتباين في المواقف والاراء من قبل الغرب والولايات المتحدة يعكس سياسة ازدواجية المعايير والنظر بعين واحدة التي يتبعها المجتمع الدولي مع الكيان الصهيوني ، وهذه السياسة كما اكدنا مرارا تفتح الباب على مصراعيه على جملة من التساؤلات المشروعة التي تتقاطع جميعها عند السؤال عن جدوى تلك الخطط والمبادرات التي لايزال الغرب يرسمها ويصيغها لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ما دام الاخير يعرف مسبقا ان اسرائيل سوف تغتالها مسبقا كما فعلت مع كل اتفاقيات وخطط التسوية السابقة، لكن البحث عن اجابة لهذا السؤال قد يصبح مجرد اضاعة للوقت اذا اعدنا استحضار التاريخ القريب منه والبعيد الذي لايزال يحكي تآمر الغرب ومشاركته بقتل العرب والفلسطينيين ، وهو الامر الذي يعني ان كل الطروحات والخطط الغربية والاميركية لصنع السلام في المنطقة ليست الا كذبة ووهما للفت الانتباه عما يجري خلف الكواليس من مشاريع ومخططات ومؤامرات لاغتيال العرب وقضاياهم .
وفي سياق الجهود الغربية لاحياء عملية السلام الميتة اصلا بين الفلسطينيين والاسرائيليين فقد كشفت مصادر دبلوماسية غربية عن وجود جهود مكثفة لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هناك مقترحات تتضمن 3 مسارات رئيسة، اولها أن تستند المفاوضات إلى مرجعية واضحة تفضي إلى تطبيق حل الدولتين، واتخاذ إجراءات من شأنها تعزيز مكانة الحكومة الفلسطينية مثل الإفراج عن أسرى قدامى، وتمكينها من تنمية وبناء المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية، وإخراج رام الله من أزمتها المالية بدعم من المانحين.
وأضافت المصادر أن الإشكالية الرئيسة أمام هذا التوجه تكمن في مواصلة الاستيطان وسط توجه لممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية لتجميد البناء خلال مدة المفاوضات.
ورجَّحت المصادر أن تتضح معالم هذا التحرك ونتائجه خلال زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة قبيل زيارة من الرئيس الأميركي باراك أوباما في اذار المقبل .
اسرائيل وكعادتها سارعت الى توجيه ضربة استباقية لكل جهود وخطط السلام الوهمية سواء تلك التي يحملها الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارته للاراضي المحتلة او تلك التي اعلن عنها الاتحاد الاوروبي الشهر الماضي ، حيث اعلنت حكومة الاحتلال نيتها بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية ، ما يعني ان إسرائيل ماضية في مشروعها الاستيطاني و الاحتلالي،وغير وارد في حساباتها أو خططها الحالية أوالاستراتيجية أي تغيير في سياستها أو حتى مجرد وقف لممارساتها الاحتلالية والإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، وهذا يوصل إلى نتيجة مفادها أن أي خطة سلام سيكون مصيرها الفشل كسابقاتها مالم تهيأ لها الأرضية والقاعدة المناسبة التي سترتكز عليها والتي سيبنى فوقها كل الملفات والمواضيع المعقدة والمفصلية بين الكيان الصهيوني والجانب الفلسطيني .
وكانت مصادر أوروبية في القدس المحتلة قد اكدت الشهر الماضي أن الاتحاد الأوروبي يعكف على بلورة خطة سياسية لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود عام1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الخطة ستحدد جدولاً لمناقشة جميع القضايا الأساسية للملف في عام 2013، وتوقعت المصادر أن الخطة ستعرض في آذار المقبل بعد تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل وتتضمن الخطة التي لا تزال قيد الإعداد طلباً بتجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية الجديدة.
وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن الخطة الأوروبية تنص أيضاً على خلق قاعدة لإنشاء لجنة إقليمية شرق أوسطية بمشاركة مصر والأردن ودول الخليج، الأمر الذي سيهمش إسرائيل، حسب رأي الصحيفة.