هذا في الوقت الذي وجّهت فيه هيلاري ليفر يت المسؤولة السابقة في البيت الأبيض انتقاداتٍ حادة للرئيس أوباما ولحلفاء الولايات المتحدة الذين يسعون وبشتى الوسائل لدعم المسلحين ونشر الفوضى سبيلاً لقلب النظام في سورية من أجل الحصول على ترتيب إقليمي سياسي جديد في المنطقة.وقالت ليفريت : إن الولايات المتحدة وحلفائها يرتكبون اليوم في سورية ذات الخطأ الاستراتيجي السابق في العراق وليبيا وأفغانستان ولو كان ذلك على حساب حياة مئات الآلاف من الأبرياء .
في هذا الوقت كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون وفي مقابلة مع صحيفة « نيويورك تايمز» تدافع عن عملها وأدائها خلال السنوات السابقة ضمن إدارة الرئيس أوباما وبدت كلينتون منشغلة بالدفاع عن بعض المواقف التي كانت قد اتخذتها سابقاً للحفاظ على حظوظها في الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2016 التي يبدو أنها تعتزم خوض غمارها والترشح لها مع نهاية أوباما الثانية .
ولقد جهدت كلينتون عبر تصريحاتها للصحيفة لدفع أي مسؤولية لها عن الفشل والتورط الأمريكي في عامين من الحرب السرية على سورية من خلال إلقاء التهمة على الرئيس أوباما بتسليح الإرهابيين ودعم المجموعات المسلحة تمهيداً للتدخل الأطلسي وقلب النظام في سورية. بينما بقي الرئيس بشار الأسد في مكانه وأكثر من أي وقت مضى رجلاً لا يمكن تجاوزه. والدبلوماسية الأميركية التي كانت تعلن كل أسبوع عن «سقوط الطاغية» بدت سخيفة وهزيلة في حين بدت روسيا والصين اللتان صفعتا هذه الدبلوماسية بثلاثة فيتوات هم الرابحون الكبار .كل هذا كان نتيجة عدم إصغاء الرئيس أوباما لآراء ونصائح الآخرين.
لكن الحقيقة تقول: إن كلينتون كانت قد عرضت، مع خصمها السابق والذي صار حليفها لاحقاً مدير الاستخبارات المركزية الأميركية دافيد بترايوس، في نهاية حزيران 2012 خطة دعم عسكري للمجموعات المسلحة في سورية، وحده الرئيس أوباما الذي كان مشغولا بحملته الانتخابية رفضها لمصلحة وثيقة جنيف التي قدمها كوفي أنان.
إن التحرك الذي قامت به كلينتون كان بهدف استعادة السيطرة على المجموعات المسلحة لأن كلاً من فرنسا وبريطانيا ودول الخليج أساؤوا استخدامهم فهؤلاء اعتمدوا على المتطرفين الإسلاميين. على حين عملت كلينتون على «إيجاد معارضة مسلحة يمكن استخدامها من خلال الضغط عبرها على نزع شرعية الحكومة السورية . ومن أجل تصحيح أخطاء حلفائها عرضت أن تسلح وتؤطر الولايات المتحدة مباشرة المجموعات المسلحة.
وخلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أكد رئيس الأركان مارتن ديمبسي
وجود مثل هذه الخطة وأضاف إن وزير الدفاع ليون بانيتا وهو كانا متوافقين عليها.
والحقيقة ليست أنيقة أيضاً باعترافهم بالعمل على قلب النظام من خلال إيجاد «معارضة شرعية» أي «ديمقراطية ومتعددة الطوائف» كلينتون تعترف أن هذه المعارضة ليست ديمقراطية وليست متعددة الطوائف. وتعترف أيضاً أن الشرعية كانت وما زالت للرئيس بشار الأسد.
وباعترافها أنها قدمت خطة تدخل للرئيس أوباما في حزيران فإنها تعترف أنها تعارض وثيقة جنيف وكل شيء يدعو للاعتقاد أنها مع السيد بترايوس من عرقلها آنذاك. وبعكس ما قالته حول أن انشغالات الرئيس أوباما الانتخابية هي التي دفعته لرفض الخطة ولكن هذه الانشغالات هي التي جعلته يمتنع عن مراقبتها بسبب عرقلتها لتنفيذ اتفاقية جنيف. فالبيت الأبيض انتظر الفوز الانتخابي ليدفع الجنرال بترايوس للاستقالة ودفع هيلاري كلينتون للابتعاد شهراً كاملاً عن عملها ومكتبها..
أما اعتراف الجنرال دومبسي بدعمه لخطة بانيتا فإنها من أجل القول إنه كان جاهزاً للتدخل وأنه ليس مسؤولاً عن الفشل والحقيقة أن هؤلاء كانوا متوافقين بعد الفيتو الروسي- الصيني على أن بإمكانهم قلب الحكومة السورية باستخدامهم «المرتزقة » على نطاق واسع..
إن جلسة الاستماع الأخيرة في مجلس الشيوخ الأمريكي بخصوص السياسة التي تتبناها واشنطن تجاه سورية كشفت الكذب الذي تسوقه وتتعامل به واشنطن ,ومهما يكن من أمر فإن مجرد أن يبحث المسؤولون الأميركيون في التبريرات هذا يعني اعترافاً ضمنياً بالخطأ..