تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


(الغراب) .. سحر الأدب في عالم الأسطورة

سينما
الاثنين 25-2-2013م
فاتن دعبول

عندما يتحول الكاتب والشاعر إلى واحد من أبطال نتاجاته، يختلط الواقع في الخيال، وتتوه الأفكار ليأتي من يلتقطها ويستثمرها ..

تبدأ الحكاية من ذاك الموظف الذي يعمل في مطبعة الصحيفة التي ينشر فيها ذاك الكاتب، ويبدو أنه لا يمتلك من الوعي والنضوج ما يؤهله للفصل بين ما يكتب وبين ما يسود على أرض الواقع، فتثيره أحداث تلك الروايات الغارقة في عالم الجريمة والإثارة ، فيلطخ يديه بدماء ضحاياه .‏

تبدأ أحداث الفيلم بظهور عدد كبير من الغربان تغطي المدينة، توحي بشيء من الرعب عندما ترمي بقاذوراتها على أنحاء المدينة، ومن ثم ينتقل بنا المخرج جيمس ماك تيج إلى موقف الصدام الذي جمع بين الكاتب والشاعر (إدخار آلان بو) يجسده بطل العمل براندون لي وبين رئيس التحرير الذي يرفض نشر إعماله لأنها تفتقد للإثارة والتشويق، ويتهمه بإفلاسه من الأفكار والإبداعات الجديدة، ما يثير حفيظة الكاتب، وغضبه . وفي هذه الفترة، تحدث جرائم قتل عديدة، يتبين فيما بعد أن الجاني يقوم فيها باستخدام دواوين الشاعر المعروف (إدخار آلان بو) ما يضطر المحقق لأن يستعين به لحل لغز تلك الجرائم، بعد أن أقتنع أن نتاجاته هي بمثابة البوصلة التي توجه ذاك المجرم إلى اصطياد ضحاياه ، وهنا يثور الكاتب على رئيسه ويحمله مسؤولية ما يحصل من جرائم، لأنه يكبت على رغبته لتزيد نسبة مبيعات صحيفته .‏

تتوالى أحداث الفيلم المليئة بالرعب تارة والتشويق تارة أخرى، حتى ليكاد المشاهد يحبس أنفاسه، منذ اللحظة الأولى وحتى نهايته ، حيث وضع المخرج بطله وجهاً لوجه مع شخوصه الدموية التي رسمها في مخيلته ليواجهها مرغماً في تفاصيل يومه ضمن سلسلة عوالمه المثيرة في دهاليز ومقابر وأقبية المدينة وسط مجموعة كبيرة من الحقائق المظلمة حيال قيمة الحب وأهمية الحياة بكل ما تحمله من تناقضات من الحقد والانتقام، إلى جانب الحب والتضحية، الاختلاف والصدام تارة، والتعاون في سبيل نصرة العدالة تارة أخرى .‏

لكن يبدو أن النصر لا يكون مجاناً دائماً، بل ربما تكون حياة أحدهم هي الثمن، كما حدث لبطل فيلم (الغراب ـ The Raven) الذي تجرع السم طواعية لانقاذ من أحب، وينتهي به الأمر في إحدى حدائق بالتيمور ينازع الموت وظلت وفاته لغزاً غامضاً، ترك الباب مفتوحاً للاحتمالات والتأويلات .‏

لاشك أن الفيلم شكل دعوة جديدة للتعرف أكثر على الكاتب إدخار آلان بو ، خاصة أن الفيلم قد بني على أساس الأسطورة التي تقول : إن الشخص إذا مات وقدر له أن يكون غراباً فهو حي عند موته، فروح الغراب تأتي إليه وتعيده للحياة حتى يجد من ظلمه أو من تسبب في قتله، ويظل هكذا إلى أن يجد من قتله، ثم يفقد قوته ويعود للموت ثانية .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية