تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قصف ليبيا.. بين كذبة «النيات الحسنة» والأجندات المفضوحة

شؤون سياسية
الأثنين 18-4-2011م
منير الموسى

تبين الأرقام الحالية والتواريخ أن العدد الأكبر من النازحين في ليبيا وكذلك اللاجئون قد فروا إثر سقوط قنابل الناتو على المدنيين، ولانزال نلحظ في الصحافة الغربية أن القصف لم يستثن المدنيين.

وقيادة حلف الأطلسي لم تقدم أي اعتذار رغم أن قادة الغرب يزعمون لمواطنيهم أن القصف هو تدخل إنساني لحماية المدنيين، ويسود انطباع قوي مؤيد بالبراهين أن ثمة نيات سيئة عند الغرب تتكشف من حرمان ليبيا من الحل السياسي الذي تؤيده ألمانيا ومجموعة بريكس (روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا) ولاسيما في قمتها الأخيرة، حيث أعلنت أن الأطلسي خرج عن المهمة المحددة له بالقرار 1973 وهو تطبيق حظر جوي وليس تدمير المدن والقرى الليبية وجوانب التنمية الاقتصادية فيها، ومصادرة هذه التنمية لمصلحة الغرب من خلال سيناريو يشبه إلى حد بعيد ماجرى في العراق من فرض النفط مقابل الغذاء السيئ الصيت.‏

وعندما نسمع أن سفيرة النيات الحسنة أنجلينا جولي قدمت إلى الحدود الليبية التونسية إلى مخيمات اللاجئين،كما قدمت إلى حدود العراق مع سورية عام 2008م، فهذه النيات الحسنة لاتكفي لأن الغرب هو سبب معظم حالات اللجوء في العالم.‏

وكل الصراعات الأهلية كان سببها في العصر الحديث عين الغرب على النفط وليس على الشعب، فقد قام جيش تحرير كوسو عام 1999م بتقويض كوسفو بمساعدة الاستخبارات الأميركية والبريطانية لخلق ذريعة التدخل الأطلسي آنذاك واستمرت حملة القصف 78 يوماً، حيث قتل المدنيون ودمرت البنية التحتية بلجوئه إلى العنف من حل نزاع داخلي لم يكن فيه قبل التدخل لاجئون، وكان عدد القتلى في ذلك النزاع لايبرر التدخل.‏

ويبدو أن صلب المشكلة يكمن في تصميم قادة الولايات المتحدة في الإدارات المتتالية على اعتبار المنطقة العربية ومناطق أخرى من العالم منطقة نفوذها الخاصة، حيث لا تسري عليها قوانين الشرعية الدولية، ويرون أن البلدان العربية وسكانها مجرد جنس أدنى وعلى هامش القوانين فيفعلون مايشاؤون.‏

وثمة منظر للامبريالية هو جيفري روبيرتسون هو الذي أعلن أنه على الرغم من ظواهر الأمور، فإن خرق القانون الدولي، أمر شرعي لتحسين الرفاهية الكونية وفي الوقت نفسه كي تخدم الولايات المتحدة مصالحها.‏

وهذا الخلل أوالنزعة الحربية دفعت الأطلسي إلى قصف ليبيا بدلاً من تطبيق حظر جوي حسب القرار 1973 وهذا الخروج على الشرعية يشكل ضربة قاصمة لبنية السلام والأمن في العالم.‏

واليوم لم يعد الأمر متعلقاً بالموقف من نظام لم يفقد شرعيته، ولاندري بأي حق ينبري قادة الغرب لنزع الشرعية في هذا البلد، وكان على الجامعة العربية ألا تكون شريكة في منح الامبرياليين ولو ضوءاً خافتاً لقصف ليبيا كي لايصل هذا البلد العربي الأثير إلى حالة مشابهة لماجرى في العراق وغيره.‏

وما هو بين سطور أي قرار دولي أو أي تحرك أطلسي ومن المشاهدات المتتالية يظهر جلياً أن الغرب لم تهمه قط، في يوم من الأيام، حرية الناس أو حماية المدنيين، بل الهدف بأي تدخل هو الغزو، وليبيا بنفطها وموقعها الجغرافي كانت مخولة أن تكون شرارة النهضة في إفريقيا ولكن كما في صربيا أزمة ليبيا غدت في عيون الصقور فرصة لاتفوت لإثبات القوة، فعام 1999م قال بيل كلينتون وتوني بلير لشعبيهما: إن قصف صربيا هو تدخل إنساني، وبشأن ليبيا الآن يؤكد الإعلام الغربي «أن الحملة العسكرية» غير الشرعية هي تدخل إنساني ولكنه يضع قواعد الأمم المتحدة البالية جانباً ويتحدث البعض عن قذائف يورانيوم منضب سيظل أثرها السام عقوداً وكل ذلك من أجل مصادرة نهضة الشعوب لمصلحة الغرب وإسرائيل، بمؤازرة استخدام القوة المفرطة وغير الشرعية وإعلام الغرف السوداء، ذلك الإعلام المعادي الوحشي الذي تريده إمبراطوريات الإعلام الفاسدة حول العالم لإشعال حرب أهلية هنا وهناك ثم التدخل بدبلوماسية المدافع، وغدا أي اجتماع دولي أو إقليمي بشأن ليبيا أو غيرها من الدول يبعث على الاشمئزاز لأن الهدف منه التوتير وليس الحل.‏

ومادامت التصريحات الحالية في اجتماعات كهذه تبين أن هجمات الناتو على ليبيا لن تؤدي إلى إيقاف الحرب الدائرة في ليبيا،فعلى العرب الذين استحسنوا الحملة عليها، وهم لهم أسبابهم أن يقفوا الآن موقفاً آخر وعلى جامعة الدول العربية وبمؤازرة دول العالم الصاعدة ومجموعة بريكس التوصل إلى حل سياسي عاجل لما يحدث في ليبيا، والطلب من المرجعيات الدولية إيقاف هجمات الناتو ودعوة الأطراف المتنازعة إلى الحوار والمصالحة الوطنية بما يتفق مع مستقبل الشعب العربي الليبي، كي لاينجرف هذا البلد إلى التقسيم الذي تسعى إليه دول الغرب بشكل حثيث،ونقول: إن قوات الناتو لن تحمي المدنيين ولا بناهم التحتية.‏

ويسلط الإعلام الضوء على أن الذين غادروا ليبيا كان بسبب ظلم النظام ولكن هذا الإعلام لايسلط الصورة سوى على أمور سطحية دون البحث عن الأسباب الحقيقية، فهناك ثمة نزاع داخلي بين حكومة ومتمردين تحدث قرار الأمم المتحدة رقم 3314 وفق فقرته (ز) عن أمثالهم، وجرى اعتبار النزاع أنه أزمة إنسانية دائماً المذنب فيه بنظر الناتو هو طرف واحد هو الحكومة الليبية، أما الطرف الآخر المتمردون فلاذنب لهم، علماً أن الناتو لايحق له التدخل بأي شكل في ليبيا، لأن الأخيرة لم تهدد أي دولة من دول الناتو.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية