تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


القـاص علاء الـدين حسـو.. مســاحـات صغيرة مــن اللــون

رسم بالكلمات
الأثنين 18-4-2011م
 كتب القاص (علاء الدين حسو) مجموعته القصصية الجديدة (عمى ألوان) في أقل من مئة صفحة تقاسمتها سبع عشرة قصة قصيرة، حمل ما يقارب ثلثاها عنواناً مؤلفاً من مفردة واحدة، فالقاص يعلن صراحة منذ عتباته السردية الأولى ميله إلى الاختصار.

ثم نكتشف في المتن السردي أيضاً أن القاص يفضل الإيجاز مبتعداً عن الحشو، ويميل إلى البساطة متجاهلاً التعقيد، ويختار المواضيع المألوفة متحاشياً الغرابة. لذلك كانت قصصه قريبة من المتلقي العادي الذي يحلو له الخلود إلى قصص تتناول جزئيات مألوفة من الحياة الاجتماعية التي قد يعرفها جيداً، ورغم ذلك يريد رؤيتها مكتوبة، وربما طلباً لرؤيتها من زاوية جديدة.‏

لكن هذا لم يمنع العثور على جمل مقحمة لا مبرر لها في سياق السرد أحياناً: (قفزت من سريري واتجهت نحو المطبخ، أخرجت عبوة بلاستيكية كولا من الحجم العائلي خصصتها أمي لشرب الماء بعد استخدامها) في قصة (احتلال). كما نجد بعض الموضوعات النافرة عن باقي موضوعات القصص كقصة (الرقاص) التي تروي قصة رجل احترف رقص (الدبكة) كمهنة، ثم يُطلب منه الرقص في إحدى الجنازات مقابل مبلغ كبير من الدولارات، دون الإشارة إلى أسباب هذا الطلب الغريب، أو الإلماح إلى الإسقاطات في حال وجودها. وقد تكون بعض الشخصيات تفتقد إلى البناء النفسي المقنع، فالعامل البسيط في قصة (التحدي) يتحدث بجدية أنه سيصير مديراً لأنه قوي العضلات فحسب، ولكنه يواصل العمل تحت إمرة المدير كأي عامل دون أدنى اعتراض. كذلك معظم خواتيم القصص تأتي متسقة مع ما سبقها دون صدمة غير متوقعة أو دهشة، ولكن قد تجنح بعض تلك الخواتيم إلى الابتعاد عن المباشرة التقليدية كقصة (عمى ألوان) التي تميزت بنهايتها (اكتشفت على ضوء الشمس أن قميصه أزرق اللون وليس أخضر كما بدا لي على ضوء المكتب). كما تعددت القصص التي حملت مقولات شائعة ومتداولة كقصة (كي لا يلدغ من الجحر مرتين).‏

   ثمة تعالقات في معظم القصص بشأن بطل القصة، فهو غالباً رجل متوسط العمر، يشغل وظيفة لا ميزات لها، ولكن حالته المادية جيدة. مكتف بمستوى ثقافي محدود، ولا يشغل نفسه بقضايا اجتماعية أو سياسية. يدخن بشراهة، ويشرب الخمر مع أصدقائه ولكن دون إفراط في المجون. وهو متزوج من امرأة تقليدية تدير البيت بروتين معهود، ولكن رغباته غير المشبعة تحرضه على القيام بعلاقات جنسية في حال ضمن العواقب، وحتى إذا كان من رواد المسجد، ومقبل على الصيام، وينفق بعضاً من ماله على الفقراء، لا يتورع عن ارتياد الملاهي الليلية لرؤية النساء شبه العاريات. وهذا الرجل قد يشعر بتأنيب الضمير حين تتقدم به السن, فيفكر في نهاية الأجل لا غير، دون أن يحمل الأمر أبعاداً ميتافيزيقية.‏

  لابد من القول إن القاص يتقن بدرجة جيدة مهارات القص الفني من زوايا اختيار الموضوع، وتناول الفكرة، وتقديم الشخصية، وصناعة الحبكة. ولكنه لم يحاول الاشتغال بعمق على هذه العناصر والأدوات التي يجيد التعامل معها بنسبة معقولة. فكانت قصصه تميل إلى السطحية، وتنأى عن العمق الإنساني، وهذا أفقدها شدة التأثير في المتلقي، وأضعف حظوظها في احتلال مكان مرموق في القص. وآمل في حال تدارك هذه الهنات واختيار العمل بجدية على المضمون دون إغفال الشكل الفني سيكون القاص (علاء الدين حسو) في عداد كتاب القصة القصيرة المرموقين في سورية.‏

العنوان: عمى ألوان‏

المؤلف: علاء الدين حسو‏

الناشر: دار نون- حلب 2011‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية