ونضال مرير تكلل بالانتصار في السابع عشر من نيسان عام 1946، فما إن دخل الاستعمار الفرنسي بلادنا حتى اشتعلت أرض الوطن بالثورات، فكانت ثورة الشيخ صالح العلي في المنطقة الساحلية الذي أدار المعارك ببسالة وشجاعة.
وجاءت ثورة البطل إبراهيم هنانو في جبل الزاوية مسطرة صفحة ناصعة من النضال الوطني وشهدت مدينة حلب وريفها ومدينة إدلب وريفها ضروباً نادرة من البسالة والبطولة في مواجهة المحتلين وامتدت الثورة لتشمل غوطة دمشق وسهول حوران وهضاب الجولان ومناطق حمص وحماة ودير الزور بحيث لم تبق بقعة من أراضي سورية إلا وشهدت معارك وملاحم بطولية ضد الغزاة المستعمرين.
من جبل العرب الأشم انطلقت الشرارة الأولى للثورة السورية الكبرى بقيادة المغفور له سلطان باشا الأطرش والتي شكلت محطة نضالية كبرى على طريق مقاومة الاحتلال وتحقيق الجلاء، وعندما نفتح صفحات النضال والجهاد ضد الظلم والقهر والاستعمار يندرج اسم سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى واحداً من أبرز رجال التحرير والنضال المشرف ومدرسة في الوطنية.
ويذكر منير الريس عن شجاعة السلطان باشا الأطرش حادثة فيقول: «وأذكر يوماً رافقت فيه مع عدد من إخواني السوريين سلطان الأطرش لأول مرة من بلدته القريا إلى السويداء ومعه عدد من الفرسان الثوار فصادفتنا في الطريق طائرة كانت على علم كما يظهر بأن سلطاناً في بلدته وسيعود إلى السويداء لأنها كانت منخفضة تتعقب الطريق غير المعبدة لتكشفه، فلما سمعنا هدير محركها ورأيناها، ترجل الفرسان وتفرقنا في السهل مبتعدين عن الطريق وتوسدنا الأرض اتقاء للقنابل التي أخذت تلقيها علينا، إلا سلطان الأطرش فقد ظل على صهوة جواده يتابع سيره دون أن ينحرف عن الطريق حتى أفرغت الطائرة حمولتها ست عشرة قنبلة لم تصب بها أحداً منا، فعجبت يومئذ لرباطة جأش سلطان.
ومن منا لايتذكر ويذكر المجاهد عقلة القطامي الذي كان في مقدمة الذين لبوا نداء الثورة واندفع إليها مع رفاقه الثوار ليخوض معارك الثورة السورية الكبرى دون أن تنطلي عليه حيل الاستعمار ودسائسه بين صفوف المواطنين السوريين، تارة باسم الطائفية وتارة باسم الإقليمية الضيقة وكان يقف دائماً وبإصرار مع قائد الثورة المغفور له سلطان باشا الأطرش إلى جانبه الأيمن وذلك إمعاناً بالرد على دعاة الطائفية التي غذاها الاستعمار الفرنسي للإخلال بالوحدة الوطنية، وصمد أمام المغريات الفرنسية التي بنت أوهامها بأن هذا الثائر سيبقى تحت المظلة الفرنسية ولكن خابت آمالهم في هذا الثائر الوطني.
وحذر المجاهد عقلة القطامي الجنرال غورو بقوله «إن الدورة الدموية التي تسري في عروقنا ليست فرنسية ولا بريطانية إنها عربية المنبع» وسجلت أحاديثه صفحات مشرقة يوم كان يجيب عن الدوافع التي حملته على امتشاق سيف الجهاد في سبيل امته وبلاده فيقول: إنني أعتز بقوله تعالى: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) وبما ينسب إلى الرسول الكريم (أنا عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي) إن العروبة هي روح الإسلام والقومية العربية تعززت وتشرفت بالإسلام.
سيبقى السابع عشر من نيسان من صنع سورية، سطر بدماء الشهداء وسنحتفل به مادامت الشمس تشرق كل يوم، وإن المعاني السامية للجلاء تتعمق ويحمل رايته ورسالته الخالدة بكل أمانة وإخلاص السيد الرئيس بشار الأسد بهمة عالية متدفقة بالحيوية والإصلاح والتطوير والتحديث في كل مناحي الحياة.