تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحــرب النفســية ودور الإعــــــلام فيهـــا .. قد يشوه الإعلام بعض الصور.. لكنه لن يستطيع تشويه الحقائق

تقارير
الاثنين 18-4-2011م
موسى الشماس

كثرت القنوات والمحطات الفضائية التي تدعي المهنية وتعتبرها العمود الفقري لعملها عبر نقلها للأحداث الساخنة من أرض الواقع إلى المواطن مباشرة، المواطن الذي ينجر إلى تلك القنوات التي يتهيأ له للوهلة الأولى أنه يرى فيها الجانب المنير من الحقيقة، حيث يعتقد أن إعلامه الرسمي يغيبها عنه.

وهنا يقع المواطن أمام رشقات إعلام خارجي ذات خطط ممنهجة ومدروسة قادرة على أخذ المواطن إلى حيث يريد هذا الإعلام, في حرب نفسية تديرها آلته الإعلامية بشكل أعنف من تدمير الدبابة والمدفع، شأنه شأن الإنسان الوصولي الذي يعرف من أين تؤكل الكتف؟؟‏

مثال حي‏

بتاريخ 26-3-2011 الساعة الرابعة وعشر دقائق كانت المنار أول محطة فضائية تنقل خبر استيلاء مجموعة من أفراد العصابات المسلحة الغريبة عن محافظة اللاذقية (تبين فيما بعد أن بينها لبنانيين وجنسيات أخرى، على أسطح بعض البنايات وإطلاقها النار بشكل عشوائي على المواطنين في الشوارع, كان وصول الخبر بالسرعة اللازمة للمتلقي بمثابة الجاذب الحقيقي له كمتلق حصل فيه على معلومة بدقة ومهنية معينة ستجعله لاحقاً يقارنها مع نفس الخبر الذي تم طرحه بأسلوب وآلية مختلفة تماماً على العربية والجزيرة والحرة والمستقبل وال ب ب س، حيث ورد الخبر ليقول إن رجال الأمن يطلقون النار على عدد كبير من المواطنين في مدينة اللاذقية وذلك بناء على شهادة شاهد عيان؟؟؟ وبشكل فاضح أكثر على فضائية المشرق التي أوردت الخبر أن عشرات القتلى في اللاذقية على يد أجهزة الأمن والحسكة تشهد مظاهرات صاخبة لتكون هي الفضائية الوحيدة التي استطاعت اكتشاف تظاهرة في الحسكة لم يرها أحد سواها؟؟‏

الملايين أصبحت آلافاً‏

وبتعبير صادق وعفوي خرج 11 مليون سوري من 11 محافظة، فالعامل والفلاح والطالب والموظف وربة المنزل والمقعد على كرسيه المتحرك... هبوا معاً ليقولوا لا لمشروع الفتنة ونعم للّحمة الوطنية بقيادة الرئيس الأسد، كانت تلك المحطات والوكالات العالمية التي تغذيها، تبرز على شريطها الإخباري «آلاف من دمشق وحلب خرجت تأييداً للأسد».‏

محاولة دحض الوعود‏

كان الهم الوحيد لتلك القنوات الأخيرة نقل صورة واحدة للمتلقي أن كرة الثلج تكبر بهدف دحض الوعود التي طرحتها الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية مساء 24 - 3- 2011 وهي التي كانت قد نقلت للجميع تعليمات السيد الرئيس بعدم تعرض الأمن للمتظاهرين مع وجود140 مصاباً من رجال الأمن في مستشفى الأسد الجامعي والمستشفى الوطني باللاذقية في ذلك اليوم كان أكبر دليل على دقة تنفيذ تلك الوعود وهذا ما أوضحه مديرا المشفى آنذاك حيث ذكر الدكتور منير عثمان مدير مشفى الأسد الجامعي في اللاذقية أن المشفى استقبل في ذلك اليوم 80 مصاباً من رجال الأمن في حين أكد الدكتور منذر بغدادي مدير المشفى الوطني باللاذقية أن المشفى ضم في نفس اليوم ستين عنصراً أمنياً مصابين بجروح مختلفة, مع عشرة مصابين من المواطنين‏

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ألم ير شهود العيان الذين يتواصلون مع تلك المحطات (وما أكثرهم عدداً وقدرة على التواجد في موقع الحدث) تلك الصورة أم إنهم لا يريدون رؤيتها, أم إنها حرب نفسية تأثيراتها أشد وطأة من الحرب المعلنة؟؟‏

الوعي والانتباه‏

مدير عام مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي ديانا جبور رأت أن بداية الأزمة قدمت مجموعة من المعطيات المؤكدة التي أثبتت للجميع وجود توجهات وأجندات سياسية لتلك القنوات والتي هدفها أن ينزلق البعض عبر المخطط الذي يرسمونه للأحداث ما يجعلهم غير موضوعيين على الإطلاق ويمسكون ببعض الصور التعبيرية التي لا تكون في حقيقة الواقع ذات صلة بما يجري، بل تقوم تلك المحطات بفبركتها وبثها لتبدو صورتهم على أساس أنهم الغيورون على المجتمع السوري والحريصون على حريته وأنهم هم وحدهم القادرون على إعطاء المتلقي الحقائق الدامغة, تلك الحقائق التي يحاول نظامهم حرمانهم منها تماماً كما يحرمهم من حقوقهم المشروعة، من جانب آخر لا يجب أن ننكر أننا لم نستطع دائماً تصدير وجوه يمكنها الدفاع عن الحقيقة التي تكون على أرض الواقع.‏

خروج آلاف المتظاهرين‏

الدكتورة نهلة عيسى نائب عميد كلية الإعلام بجامعة دمشق رأت أن العربية والجزيرة وال ب ب س والحرة والمستقبل والمشرق هي محطات ذات اتجاه وتوجه واحد مضلل وأوردت عيسى العديد من الأمثلة التوضيحية منها استخدام صور مسيرات التأييد للتعليق عليها على أساس أنها مظاهرات غاضبة وضد النظام وخاصة المسيرة التي خرجت من الجامع الأموي، كانت تلك المحطات تركز على عشرات المحتجين وتتجاهل الملايين من الجماهير التي خرجت تهتف لسورية وقائدها وللاستقرار والحفاظ على تنوع المجتمع السوري والتصدي لمشروع الفتنة الذي يحاول النيل من سورية.‏

20 % من الصورة حقيقية‏

وأضافت عيسى: لقد دخلنا في عصر لم يعد فيه للمهنية الصحفية والأمانة الصحفية مكان، فأي شخص لديه خبرة بالكومبيوتر وتقاناته يستطيع أن يعطي لنفسه مكاناً معيناً حسب المواد التي يروجها، من جانب آخر ذكرت عيسى أنه لم يعد للصورة هوية، فإمكانية التزوير انطلاقاً من حيز ضيق تنطلق من أرض الواقع باتت كبيرة جداً, وهذا ما حدث ويحدث في سورية حيث تم بث صور 20 % منها صحيح والباقي تلفيق وتم تسويقها وبثها على الفضائيات على أساس أنها منطلقة من أرض الواقع 100 % وكانت بعض الصور والمشاهد يتم بثها قبل وقوعها بدقائق كدليل دامغ على فبركتها وأنها غير حقيقية على الإطلاق.‏

ويجب الانتباه إلى الموبايل الذي بات له دوران، دور إيجابي وآخر مدمر، فالثورات يمكن أن يكون بطلها الموبايل ولذلك فقد تحول إلى أداة تدميرية في بعض الظروف.‏

صناعة الحدث‏

وأوضحت عيسى أن تلك المحطات لديها أجندة خاصة وسياسة معينة تريد من خلالها أن تخرج من منطلق الناقل والمصور للحدث إلى المتحكم بزمام وكيفية تحريك الحدث بل صناعته إن أمكن لهم ذلك، فإذا التقوا بأحد معين ولم يتكلم بالطريقة التي يريدونها فإن لم يكن حكيماً وينتبه سيجعله الإعلامي ينطق بما تريده المحطة وبالكيفية التي يرتؤونها في تلك المحطة ضاربين عرض الحائط بالحاجة الحقيقية للمجتمع والمتمثلة بالوحدة الوطنية والأمان الذي تنعم به سورية.‏

العقل والعاطفة‏

الدكتور إبراهيم حسين الاختصاصي في كلية التربية جامعة دمشق قال: عندما يتم تغليب العاطفة على العقل يفقد الإنسان القدرة على التفكير ومحاكمة الأمور بشكل منطقي وسليم لتحكمه بذلك الغريزة ما يفقده بعضاً من أهم صفاته الإنسانية ألا وهي العقل ورجاحته فينساق وراء مصدر تلك الشحنات العاطفية بشكل آلي لتحركه في الاتجاه الذي يرسم له.‏

هذا هو صلب الحرب النفسية التي يلعب الإعلام فيها دوراً جوهرياً في التجييش العاطفي ومخاطبته ليكون بديلا عن العقل، ما يوفر الأدوات المناسبة لتنفيذ أي مخطط بالكيفية والسرعة اللازمين وهذا ما حاولت أن تقوم به البروباغندا الإعلامية لمحطات مثل العربية والجزيرة وال ب ب س وفرنسا 24 والمشرق والحرة والمستقبل، فمنظر الدماء والقتل والأذى الذي تحمله صورهم وفق توليفات إخراجية وتعليقية مفبركة كفيل بأن تنطلي حيله على بعض الناس ولبعض الوقت فقط‏

في قفص الاتهام‏

الأستاذ غالب فارس مدير الأخبار والبرامج السياسية في التلفزيون العربي السوري قال:حول الفكر المسبق الذي تم وضع التلفزيون العربي السوري فيه على أنه لا ينقل الأخبار الحقيقية فإننا نسعى لتكون لنا بصمتنا المميزة كتلفزيون رسمي وأن المشاهد العربي السوري أو المتلقي لا بد له أن يلحظ اليوم التطور الذي يتم فيه التعاطي مع الأحداث بكل صدق وشفافية وبشكل يحترم المتلقي ودقة ملاحظته من جهة ويبتعد عن الأسلوب التحريضي من جهة ثانية وتجاه قدرة المتلقي على التمييز بين من يقدم له الحقائق ومن يضع له السم في الدسم ويقول كلمة حق يراد بها باطل.‏

طريقة تعاط جديدة‏

وأضاف فارس: إننا اليوم عبر مجموعة من الكوادر الشابة القادرة على التواصل بشكل جيد والأقرب لنبض الشارع نسعى لتقديم الحقائق كاملة، ثم نترك للمتلقي حرية التقييم, كما أن طريقة التعاطي مع المادة الخام اختلفت كثيراً عما سبق، قديماً كان نظام نيو ستار، أما الآن فعبر تقنية ال ف س ن أصبح لدى المحرر فرصة أن يصبح مونتيراً أيضاً, المحرر اليوم هو مونتير ومخرج وأصبح لدينا فريق عمل كبير يغطي الحدث من أرض الواقع مباشرة بمواضيع تهم المواطن بكل مصداقية وشفافية.‏

قرارات ومراسيم‏

إن أكبر برهان على التطور الكبير بمستوى التعاطي مع الأحداث حتى تفوت الفرصة على المحطات المغرضة والأعداء المتربصين هي سلة الإصلاحات التي خرجت لتعالج الألم الشخصي للبعض ولتعالج المشكلات الكبرى لكل أبناء الوطن في آن معا من قرارات ومراسيم أخذت تتعامل مع الأحداث بواقع اليوم والساعة، غير منكرة التقصير الذي برز في معالجة الكثير من الملفات العالقة والتي هي مطلب محق لكل أبناء الوطن الواحد، واضعة حدا لتلك الحرب النفسية التي أدارها الإعلام الخارجي بكل ما استطاع من قوة‏

أبلغ رسالة‏

لم يكن وقوف جميع المفاصل الشعبية يدا بيد خلال الأيام القليلة الماضية إلا أبلغ رسالة لكل من يفكر بالعبث بأمن سورية ابتداء من توجيه المحطات الفضائية بأجندات سياسية خاصة أو أكثر من ذلك، فالمشاهد الرائعة لأبناء الوطن من كل ألوانه وأطيافه المختلفة الذين هبوا يطاردون أعداء سورية مشكلين لجاناً شعبية محلية للحماية والحفاظ على الأمان الذي تتمتع به سورية دون دول العالم، وظهرت الوحدة الوطنية بأرفع أشكالها السامية والتي طالما اعتز كل سوري بها قوة شاملة بوجه أي اعتداء مهما كان نوعه، وأدرك كل من يريد أن يرى من يمكن أن يواجهه فيما لو استباح حرمات البيوت الآمنة وإذا به يواجه كل سورية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية