وهاجموا ما جرى لانهم اعتبروه مؤيدا لحق الفلسطينيين في العودة والقضاء على دولة اليهود. وخرجت ردا على هذا التجمع جموع غفيرة من اليهود في مسيرة في حي الشيخ جراح في شرقي القدس ،الحي الذي غيرنا اسمه إلى حي الصدّيق شمعون .
كيف يمكن لحفيد يهودية جاء أمس من كييف الحصول على مفتاح لبيته الجديد في قلب الخليل، ومع ذلك نتبجح بأننا نطلب السلام و نبحث عن التفاوض ؟. وفي مقابل هذا ننظر الى المفتاح الذي يحتفظ به اللاجئ العجوز من حي الطالبية في القدس الذي حولنا اسمه الى «كوميميوت» على أنه مؤامرة فلسطينية للقضاء على دولة اليهود مع ان الحقائق تشير إلى ان الفلسطينيين طلبوا من الامم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين في حدود 1967 التي تعيش بسلام الى جانب دولة اسرائيل.
يستطيع الفلسطينيون ان يحلموا بالعودة الى يافا فقط . بينما لا يكتفي الاسرائيليون بتحقيق حق العودة إلى بيت إيل بل يمضون بحقهم في سلب الاراضي الذي تمنحه الحكومات المتعاقبة لهم. وقد قال وزير المالية يوفال شتاينيتس مؤخرا أثناء حديث له مع المستوطنين «انه لو تبين وضع يشبه ذاك الذي تبين في جفعات الأولبانه في رمات أفيف لما سمحت الحكومة بهدم المباني مضيفا «لا حدود للمنطق والاخلاق». ولكن احدا من المجتمعين لم يسله كم من الوقت تحتاجه الشرطة لإخلاء واعتقال ناس لا سكن لهم لو قاموا بإنشاء خيمة احتجاج في ساحة عائلة شتاينيتس.
لم تكن الفضيحة في قيام شتاينيتس ورفاقه في الحكومة والكنيست ببناء بيت بعد بيت على اراضي سكان منطقة دورا القرع في رام الله ، بل عندما أدلى المدير العام للشركة التي بنت الحي بتصريحاته في الشرطة . «اعتقدت لسذاجتي انه لا يوجد أي مانع من بناء البيوت كون وزارة الاسكان قد شاركت في النفقة على البنية التحتية للمشروع» . وبرغم ذلك اغلقت الشرطة في حزيران 2010 التحقيق لعدم ثبوت الادلة الكافية . وهنا أوجه سؤالي للدكتور شتاينيتس: هل كان بوسع الشرطة إغلاق ملف التحقيق مع شخص اعترف ببناء حي على أراض تعود ملكيتها لآخرين في تل أبيب ؟
وليست هذه الحادثة الوحيدة . فقد أمر المستشار القانوني للحكومة قبل ثلاث سنوات الشرطة بالتحقيق في قضية بناء في مستوطنة عوفرة على اراضي قرية عين يبرود. وحفظت القضية في أيار 2010 لعدم وجود الأدلة كما قال متحدث وزارة العدل. وقبل ست سنوات ايضا أبلغت النيابة العامة محكمة العدل العليا ان الشرطة بدأت تحقيقا جنائيا في قضية البناء غير القانوني لمئات الشقق في مستوطنة موديعين العليا الحريدية. وتم الكشف عن عقود شراء مزيفة وعن طريقة لتبييض الاراضي. لكن التحقيق لم ينته بعد والأنكى من ذلك ان رئيس المجلس يعقوب غوترمان، المشتبه بمساعدته القائمين على المشروع، اصبح رئيس بلدية منذ ذلك الوقت.
تناول مراقب الدولة في تقريره الأخير ظاهرة سلب الفلسطينيين أراضيهم من أجل ضمها الى مناطق صناعية. ووجه المراقب نقدا إلى الادارة المدنية كونها لا تنفذ أوامر الهدم معتبرا ذلك عجزا منها وتقاعسا عن القيام بمسؤولياتها . يبدو ان لدى خبراء الجريمة تسمية لظاهرة التعاون بين مخالفي القانون والمؤسسة بالفعل أو بالعجز وهي الجريمة المنظمة. فعلى هذا الاساس كان بالإمكان إنشاء عشرات المستوطنات ومنها عوفرة وبيت إيل ونوكديم (وهي مكان سكن الوزير افيغدور ليبرمان)، بل تم إنشاء مؤسسات عامة ومراكز شرطة على أراض خاصة لفلسطينيين.
في عام 1948 فقد سكان الشيخ مؤنس بيوتهم بعد أن رفض العرب قرار الامم المتحدة رقم 181 وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، أي تأسيس دولة عربية وأخرى يهودية على تراب فلسطين وأن تقع مدينتا القدس وبيت لحم في منطقة خاصة تحت الوصاية. واليوم يقبل الفلسطينيون والدول العربية كلها بمبادئ ذلك القرار الذي اعترف بدولة يهودية. وقد وضع على طاولة الامم المتحدة وأمام حكومة اسرائيل اقتراحهم السلمي والتطبيع في حدود تُبقي في أيديهم أقل من ربع المساحة التي منحهم اياها القرار 181. واسرائيل اليوم هي التي تصر على حق العودة الى الشيخ جراح وعلى حق سلب اراضي دورا القرع.
بقلم: عكيفا الدار