وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن أمس حول الوضع في سورية: لقد نجحت سورية بالتنسيق الوثيق مع الأصدقاء في روسيا وإيران وبالتعاون مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون في التوصل إلى إنجاز تشكيل لجنة مناقشة الدستور التي أعلن عنها الأمين العام وفي الاتفاق على مرجعيات وأسس عملها بملكية وقيادة سورية بعيدا عن أي تدخل خارجي وجاء ذلك نتيجة تصميم سورية على تشكيلها بمتابعة حثيثة من السيد الرئيس بشار الأسد ليكون هذا الإنجاز نجاحا وطنيا سوريا بامتياز تجاوز كل المعوقات التي وضعتها حكومات الدول المعادية لسورية لإطالة أمد الأزمة وعرقلة الحل السياسي.
وبين الجعفري أن تزامن الإعلان عن إنجاز تشكيل لجنة مناقشة الدستور مع رئاسة روسيا لمجلس الأمن يؤكد مجددا دور موسكو المهم في السعي إلى إرساء السلم والأمن الدوليين وإعلاء مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق وفي مقدمتها مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأوضح الجعفري أن الدستور هو التشريع الأسمى الذي يعبر عن تطلعات كل شعب من شعوب العالم ويحدد رؤاه وخياراته الوطنية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولذلك فإن الملكية الوطنية للدستور هي حجر زاويته وجوهر بنيانه، مشددا على أن السوريين وحدهم من يملك الحق الحصري في مناقشة دستورهم الوطني واعتماده بإرادتهم الحرة دون أي تدخل خارجي أو شروط مسبقة أو ممارسات ابتزاز تسعى إلى تحقيقها الأطراف والحكومات التي راهنت على زعزعة أمن سورية واستقرارها وتدمير ونهب مقدراتها وانتهاك سيادتها والمساس باستقلال قرارها الوطني عبر الاستثمار في الإرهاب بكل أشكاله السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وأشار الجعفري إلى أن سورية واصلت المشاركة في اجتماعات آستنة باعتبارها إطارا حقق نتائج ملموسة على الأرض كما تعاملت بكل إيجابية مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي والمتمثلة بالاتفاق على إنشاء لجنة لمناقشة الدستور وهو ما تجلى بشكل واضح في الاتفاق مع المبعوث الخاص على مرجعيات وقواعد الإجراءات المتعلقة باللجنة والمبادئ الناظمة لعملها وفي مقدمتها عدم المساس بمبدأ الالتزام الكامل والقوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها أرضا وشعبا والملكية والقيادة السورية للعملية السياسية وألا يتم فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة ولا على التوصيات التي يمكن أن تخرج بها أو فرض أي مهل أو جداول زمنية لعملها وأن يكون كل تحرك مدروسا وواضحا باعتبار أن الدستور سيحدد مستقبل سورية لأجيال قادمة، مشددا على أن اللجنة سيدة قرارها وليس لأي دولة ولا لأي طرف آخر ولا سيما ما تسمى «المجموعة المصغرة» أن يتدخل في عملها.
وشدد الجعفري على حرص سورية على تحقيق تقدم في المسار السياسي بناء على أسس سليمة تحقق تطلعات الشعب السوري، لافتا إلى أن دور المبعوث الخاص إلى سورية سيتمثل بتيسير عمل لجنة مناقشة الدستور وتقريب وجهات النظر بين الأعضاء من خلال بذل مساعيه عند الحاجة ومجددا التأكيد على استعداد سورية للعمل النشط مع الدول الصديقة ومع المبعوث الخاص لإطلاق عمل اللجنة وهي بانتظار الزيارة التي سيقوم بها إلى دمشق بعد أيام للتحضير المشترك مع الدولة السورية لعقد الاجتماع الأول للجنة مناقشة الدستور ولتنسيق الخطوات الكفيلة بخروج اللجنة بمخرجات جادة تلبي تطلعات الشعب السوري.
وأوضح الجعفري أنه في الوقت الذي تؤكد فيه سورية استعدادها للانخراط الإيجابي في أعمال هذه اللجنة فإنها تستند في مقارباتها إلى الواقعية والمسؤولية وتدرك أن مسار العملية السياسية لن يكون معبدا بالورود، لافتا إلى أن ذاكرة مجلس الأمن تردد صدى ما كانت سورية وغيرها من الدول الأعضاء تحذر منه من إطلاق يد البعض للعبث بأحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي كما كان عليه الحال بالنسبة لغزو العراق وتدمير ليبيا.
ولفت الجعفري إلى أن أهم ما تحتاجه دولنا اليوم هو إخماد لهيب كرة النار التي سعى البعض إلى دحرجتها في منطقتنا على مدى عقود من الزمن لزعزعة أمنها واستقرارها ونهب مقدراتها وتشريد شعوبها لكن رغم كل ذلك فإننا نبقى واثقين بقدراتنا الوطنية وبدعم ومساعدة الأصدقاء والحلفاء الذين يريدون الخير والاستقرار لسورية والمنطقة والعالم ويرفضون التدخل الخارجي في شؤونها ويتمسكون بالعملية السياسية بملكية وقيادة سورية.
وبين الجعفري أن سورية تتطلع للعمل مع شركاء وطنيين مخلصين يسعون إلى شراكة حقيقية في بناء مستقبل الدولة السورية ويلتزمون بمصلحة شعبها العليا وبسيادة واستقلال الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها وهي لا تريد شركاء وهميين يسعون إلى فرض أجندات مشغليهم أو شروط خارجية تدخلية وتبرير أعمال العدوان والاحتلال والإرهاب تحت أي مسمى كان، كما تتطلع إلى العمل مع شركاء وطنيين حقيقيين يتصدون لسياسات وممارسات حكومات الدول المعروفة التي تسعى إلى فرض إرادتها على حساب القرار الوطني السوري عبر دعم الإرهاب والميليشيات الانفصالية المسماة «قسد» واستغلال منبر مجلس الأمن للإساءة للدولة السورية وحلفائها وكذلك عبر الاستمرار في فرض إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب على الشعب السوري والسعي إلى عرقلة عملية إعادة الإعمار ومنع عودة المهجرين السوريين إلى مدنهم وبيوتهم.
وأكد الجعفري أن نجاح أي مسار سياسي في سورية يتطلب إنهاء وجود القوات الأجنبية الأميركية والبريطانية والفرنسية والتركية غير الشرعي على الأراضي السورية، مشيرا إلى أن إيمان سورية بضرورة المضي قدما في العملية السياسية لا يعني بأي حال من الأحوال تخليها عن حقها والتزامها الدستوري بتحرير كل شبر من أراضيها من الإرهاب ومن الوجود العسكري غير الشرعي.
وأشار الجعفري إلى أن سورية ستواصل العمل بشكل متزامن على مسارات عدة تتمثل بمسار الحل السياسي ومكافحة الإرهاب والوجود الأجنبي غير الشرعي وإرساء المزيد من المصالحات وإعادة إعمار ما دمره الإرهاب وما يسمى «التحالف الدولي» معتمدة في ذلك على إمكانياتها الذاتية ودعم حلفائها الحقيقيين، لافتا إلى أن ما يريده السوريون اليوم من أجل دعم تحقيق حل سياسي جاد ومستدام هو دعم جهود الدولة وحلفائها لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع دعمه وتمويله ووضع حد للإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على الشعب السوري.
ولفت الجعفري إلى أن أعداء مسار الحل السياسي لن يتخلوا عن توظيف أي خيار أو خيال غير علمي لديهم لعرقلة أعمال لجنة مناقشة الدستور وهو ما تجلى بمجرد الإعلان عن تشكيل اللجنة في الترويج لأكاذيب وافتراءات كتلك التي سمعنا عنها قبل يومين والمتعلقة باتهام الحكومة السورية باستخدام مواد كيميائية ضد مواطنيها، مؤكدا أن من يسعى الى عرقلة عمل اللجنة يتحمل مسؤولية أفعاله وأن التوصل إلى مخرجات جادة للجنة مناقشة الدستور يستلزم توقف حكومات الدول المعروفة عن ممارساتها العدوانية وعن فبركة الاتهامات والأكاذيب وكذلك عن محاولة إقحام نفسها في شؤون سورية الداخلية.
بيدرسون: احترام سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها
من جانبه جدد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون التأكيد على ضرورة احترام سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها، مشددا على أنه لا حل عسكريا للأزمة فيها وأن السوريين هم من سيعدون الدستور.
وأوضح بيدرسون خلال الجلسة أنه بعد شهر من الآن أي في الثلاثين من الشهر القادم تبدأ لجنة مناقشة الدستور بقيادة وملكية سورية عملها في جنيف بتيسير من الأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن 2254 ويمكنها أن تستعرض دستور عام 2012 وتعديله أو إعداد دستور جديد.
وقال بيدرسون: إن اتفاق تشكيل اللجنة يستند إلى مبادئ أساسية يجب أن تتضمن احترام سيادة سورية ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها والالتزام بميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، مبينا أن ما تتوصل إليه اللجنة سيطرح للموافقة الشعبية، ومعتبرا أن هذه العملية من شأنها الإسهام بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وشدد بيدرسون على أن دستور سورية ملك لشعبها وحده وأن دور الأمم المتحدة مجرد ميسر لعمل لجنة مناقشة الدستور، داعيا مجلس الأمن إلى توحيد الجهود والعمل مع كل الأطراف للمضي قدما بدعم العملية بقيادة وملكية سورية.
وأشار بيدرسون إلى أن وجود التنظيمات الإرهابية في إدلب يهدد مناطق أخرى في سورية مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة تسهيل عودة المهجرين السوريين بفعل الإرهاب إلى بلدهم.
فيرشينين : دعم العملية السياسية والحوار السوري السوري
بدوره جدد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين التأكيد على ضرورة الالتزام بوحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها ومواصلة مكافحة الإرهاب فيها حتى القضاء عليه نهائياً.
ودعا فيرشينين خلال الجلسة إلى دعم عمل لجنة مناقشة الدستور الذي من المقرر أن يبدأ نهاية الشهر القادم بملكية سورية ودون أي تدخل خارجي، مشدداً على دفع العملية السياسية في سورية قدماً إلى الأمام على أساس القرار الأممي 2254.
ودعا فيرشينين المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود والعمل على دعم العملية السياسية والحوار السوري السوري، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الاجتماع القادم بصيغة آستنة حول تسوية الأزمة في سورية سيعقد «قريباً» في عاصمة كازاخستان نور سلطان.