فباءت كل محاولاتها بالفشل، فالدولة السورية تسقط احجار الدومينو الصهيواميركية عن الرقعة الجغرافية السورية تباعاً، وتؤسس لإعادة صياغة المشهد وفق رؤية المحور المقاوم ومد جسور التواصل والتلاقي على الثوابت بين اطرافه على عكس تمنيات واوهام محور العدوان الاميركي الصهيوني على المنطقة.
فما كانت تخشاه أميركا ومحور ارهابها وتسعى لمنع حدوثه على الحدود السورية العراقية قد حصل، اذ تمكنت سورية والعراق من اعادة فتح معبر القائم قاطعين بذلك الطريق على رغبات واشنطن الهادفة لمنع هذا الالتقاء لما يوفره من نقاط قوة تعزز جهود البلدين بمحارية الارهاب، لذلك عملت واشنطن خلال وجودها في العراق على صناعة تنظيم «داعش» الإرهابي وتسهيل عمله في هذه المنطقة الاستراتيجية وسخّرت أدواتها لمساعدته في التمدد والانتشار في منطقة الأنبار العراقية وصولاً إلى الجزيرة السورية فالبادية، وكل ذلك يصب في خدمة المخططات والمشاريع الأميركية لضرب محور المقاومة بخلق شرق اوسط جديد ممزق ومفكك وهزيل وعديم المقاومة يرضي الكيان الصهيوني ويسهل الهيمنة عليه .
رسائل عسكرية وسياسية قبل أن تكون اقتصادية من وراء الخطوة التي خطتها سورية والعراق لفتح معبر القائم - البوكمال ويمكن القول إنها تحمل أهمية كبرى لمحور المقاومة تتجاوز في ابعادها وفي مضامينها الفكرة الاقتصادية وكسر قيد الحصار الاقتصادي الجائر الذي تفرضه الولايات المتحدة الاميركية على دوله الرافضة للهيمنة والبلطجة الاميركية.
فافتتاح المعبر السوري العراقي خطوة استراتيجية تستكمل بها حلقات الانتصار الاستراتيجي لسورية وحلفائها، وقطع الذراع الأميركي شرقاً وهذا ما يفسر السباق الذي جرى نحو البوكمال بين الأميركيين الذين تمركزوا في التنف وحاولوا عرقلة تقدم الجيش العربي السوري، وزحف مرتزقة «قسد» بأوامر أميركية من شرق دير الزور باتجاه البوكمال، وقد تمكن الجيش العربي السوري والحلفاء آنذاك من اجتياز بادية الشام بوقت قياسي واحكام السيطرة على المدينة.
ولطالما عمل حلف العدوان بقيادة واشنطن على عرقلة كل المحاولات والجهود التي ترمي للوصول الى هذه الخطوة الاستثنائية والتي اصابتهم في الصميم.. ومما لا شك فيه أن الاعتداءات الأخيرة بالطائرات المسيرة، التي تحمل بصمة الأميركيين والإسرائيليين، هي لعرقلة فتح الحدود العراقية السورية وتحديداً من البوكمال.
ويمكن القول بأن السيطرة على البوكمال مهد طريق الوصول للمعبر، كما يفسر ايضاً الأهمية الكبيرة للبوابة الشرقية لسورية، حيث حررت وحدات الجيش العربي السوري مدينة البوكمال ومحيطها في الـ 19 من تشرين الثاني عام 2017 بعد القضاء على آخر بؤر تنظيم «داعش»، يذكر أنه يربط سورية بالعراق ثلاثة معابر حدودية وأهمها معبر القائم - البوكمال الذي تم افتتاحه والذي يعد المعبر الرئيس بين سورية والعراق حيث كان قبل إغلاقه يستقبل المسافرين القادمين والمغادرين بمركباتهم الخاصة أو بوسائط النقل العمومية إضافة إلى الشاحنات القادمة والمغادرة من وإلى سورية.
ونظراً لما تتمتع به مدينة البوكمال من أهمية استراتيجية بالنسبة لوقوعها على الحدود السورية العراقية وكونها أحد أهم طرق الوصل الاقتصادية ظلت تلك المنطقة تحت انظار تحالف اميركا الارهابي وخاصة بعد سيطرة «داعش» عليها عام 2014، معلناً آنذاك ما اسماه كسر الحدود، الأمر الذي قابله الجيش العربي السوري والحلفاء بعمليات الفجر الكبرى وهي نتاج عمليات بدأت من حمص والرقة وريف حلب الشرقي لتحرير كامل الصحراء الشرقية، حيث تم الإعلان عن القضاء على آخر معاقل «داعش» الارهابية الرئيسية في سورية من الجهة الغربية لنهر الفرات في البوكمال بتاريخ 19/11/2017، بعد هجوم مضاد ومحكم بدأه الجيش العربي السوري والحلفاء قبل 4 ايام من تاريخ تحرير المعبر.
الأهمية الجغرافية
يشكل معبر البوكمال أهم معبر بري حيوي يربط بين سورية والعراق «البوابة الشرقية»، فهو يتصل شرقاً بالمدن العراقية، أنكا، والقائم، والناحية، وعانة، والحديثة، وهيث وعقبة، ويتصل غرباً بخط يؤدي إلى حمص، التي تتصل بدورها بمدينة تلكلخ على الحدود اللبنانية الشمالية وكذلك بالساحل السوري، وهناك طريق آخر يربط البوكمال بمدينة الرقة ومنها إلى حلب العاصمة الاقتصادية، وبالتالي فإن معبر البوكمال يؤمن طريقاً برياً هاماً.
الأهمية العسكرية
أهمية المعبر الجغرافية، تعطيه ميزة عسكرية مهمة تضاف إلى كونه المعبر الحدودي الوحيد الذي سيفتح حالياً في الوسط الشرقي لسورية، وبالتالي يؤمن القدرة والإمكانية للدولة السورية للتدخل في أكثر من اتجاه لحماية الحدود ومراقبتها، فضلاً عن إمكانية امساك كامل الحدود الممتدة من التنف إلى مدينة البوكمال من الجهة الجنوبية للمدينة عدا عن اهميته باعتباره عقدة المواصلات للمنطقة الشرقية لسورية.
الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية لفتح المعبر
يتمتع المعبر باهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، ويأتي على رأس تلك الأهمية افشال المشروع الأميركي في المنطقة الذي كان يريد أن تتحول الحدود إلى منصة تهديد دائمة للعراق وسورية، وإثارة الحروب والفتن في الدولتين، وبالتالي القضاء على مساعي تقسيم سورية، التي روجت لها الإدارة الأميركية، تحت عناوين عديدة، وكذلك للتأكيد على وحدة وقوة محور المقاومة في محاربة الإرهاب وفي الحفاظ على استقرار المنطقة.
وإضافة لذلك فأهمية المعبر تكمن في الوصول إلى موارد الطاقة الموجودة في المنطقة لتوفير الوقود للمواطنين السوريين وزيادة الإيرادات الحكومية، وبالتالي انعاش الدولة السورية اقتصادياً والتقليل من أهمية الحصار الاقتصادي الأميركي على دول محور المقاومة.
ولا يخفى على من شهد تلك المرحلة أن هذا المعبر كان يشكل شريان الضخ التجاري بين سورية والعراق، وانتقال التجار وفق اتفاقيات بين البلدين على المستوى الاقتصادي، إذ كانت تعبر كافة البضائع على الطريق البري بشكل تبادلي.
كل ما سبق يفسر بشكل واضح الضربات الجوية العديدة للقوات الأميركية، التي حاولت من خلالها منع تقدم الجيش العربي السوري والحلفاء باتجاه شرق سورية، والوصول للحدود، فهي تعلم جيداً ما تعنيه أهمية فتح الحدود الشرقية لسورية، ناهيك عن المحاولات المستمرة لضرب قوات الحشد الشعبي والجيش العربي السوري وحلفائهما عند جانبي الحدود من قبل الطائرات المسيرة.
في موازاة ذلك فإن الاهمية الاستراتيجية المتعلقة بموقع هذا المعبر، جعلت منه هدفاً مهماً للإرهابيين حين انتشر تنظيم «داعش» الارهابي في شمال شرق وشرق سورية امتدادا إلى العراق لوصل المنطقة كاملة، وكان هذا المعبر واحداً من أهم ما عمد الإرهاب الى السيطرة عليه بعد احتلاله دير الزور وتمدده في العراق.
بالمقابل كانت هذه النقطة أهم نقاط الانطلاق لتحرير وتطهير المنطقة من الإرهاب الداعشي، وكانت أهم نقاط الالتقاء بين الجيشين العربي السوري والعراقي عام 2017.
وبذلك يكون طريق دمشق - بغداد سالكاً بمباركة وجهود من حكومتي البلدين ما يسهل على المواطن الانتقال البري بأقل تكلفة من تنقله أثناء انتشار الارهاب ودون أي عوائق، لتصل الرسالة السياسية من عاصمتين في محور المقاومة على متانة العلاقات الرسمية والشعبية السورية العراقية.