هكذا بدأت لمعان عزمت مواليد 1944 في العدنانية المعلمة المتقاعدة التي أخذت الكفاءة والبكالوريا والإجازة الجامعية بعد أن تزوجت وتعود الذاكرة بالسيدة لمعان إلى بيتها في القرية الذي تقول عنه: بيتنا من الطراز الحديث مؤلف من ثلاثة مطابخ في الطابق الأرضي وغرف النوم في الطابق الفوقاني ومضافة بمساحة عشرة أمتار بخمسة أمتار ونحن من أكبر العائلات في المنطقة وكنا نحن البنات نجلس في الطابق الثاني المطل على القرية المتميزة بأشجارها الكثيفة التي تتخللها البيوت القرميدية التي تظهر بلونها الأحمر بين الاشجار وكان القرميد يتميز بلونه الأحمر القاني، إنه منظر جميل جداً ولاأروع، أما أهل القرية فكانوا يعملون في الزراعة التي يعتمد عيشهم عليها ومن المزروعات الحبوب والحمص والعدس والقمح والشعير.. أما دار السيدة «لمعان» فتصفها بالقول: مساحة دارنا حوالي خمسة دونمات فيها سبع شجرات جوز وكل شجرة تشغل مساحة نصف دونم تقريباً إضافة إلى أشجار التين وبعض الأشجار المثمرة ويخطر على بال «لمعان» والدتها التي كانت تعجن وتخبز بالفرن إذ يوجد في القرية نحو ثلاثة أفران تجتمع النسوة في أحد البيوت المتواجد فيها الفرن وهو لايشبه التنور وإنما فرن له دائرة صغيرة يخبز فيه الخبز المدور «الصمون» نأكل معه الجبنة وتصبح «كالحلفا» وهي المعروفة بفطائر الجبنة وسألنا «لمعان» عن أكثر الأشياء التي تحن إليها فتنهدت وقالت : أيام الشباب عندما كنت شابة كالوردة وتتابع القول: آخ ياأبو الزلف..؟! وتردف قائلة: أيضاً أيام الربيع التي لها وقع خاص فالشباب والصبايا يلعبون بالكرة ويجتمعون ومساء كل يوم يذهب الشباب مع الصبايا حيث يتم التعارف فيما بينهم.. وتتذكر «لمعان» والدتها التي تربي الدواجن وكل يوم تحمل السلة المليئة بالبيض الطازج الذي كنا نقليه بالسمن البلدي المصنوع على اليد كون القرية غنية بالأبقار والأغنام وأيضاً اللبن والحليب وكان الفطور في القرية كما تصفه «لمعان» عبارة عن لبن وحليب وبيض مقلي وجبن مقلي بالسمن البلدي وتتابع قولها: ياحسرة أصبحت هذه الأكلات خيالاً وأتمنى لو تعود تلك الأيام ونجتمع على سفرة الفطور من جديد.
أما العلاقات الاجتماعية في القرية فكانت ودية ولايوجد تكلّف بين جار وآخر إذا جاء لأحدهم ضيف يأتي جاره بالضيافة ويعد هذا من باب الكرم ويظلون مع صاحب البيت حتى يذهب الضيف ويرسخ هذا السلوك الألفة والمحبة إضافة إلى تقديم العون والمساعدة في الأفراح والأتراح.
وتخبرنا «لمعان» عن زواجها في سن السادسة عشرة وتقول: عادات العرس كانت «خطيفة» بعلم الأهل إذ يُودع العريس عروسه عند أحد أقاربه ريثما يعقد القران ثم تقام حفلة العرس وتزف العروس إلى بيت العريس ومما أذكره أيضاً من عاداتنا أن أم العروس لاتحضر عرس ابنتها هكذا هي العادات..
وتؤكد «لمعان» حرصها على تمسك ابنائها بالعادات التي تراها ايجابية ودائماً تتحدث عن أيامها في الجولان الحبيب وأواصر المحبة التي تجمع أهل القرية وتعلم أولادها حتى الآن محبة الانسان لأخيه الانسان ومساعدة الجيران.. وأن يبقى الجولان حبهم الكبير.. فلاشيء يعادل حب الوطن..