تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عودة الديمقراطية إلى النيجر

شؤون سياسية
الاثنين 11-4-2011
بقلم : توفيق المديني

لكي يصعد مرشح القوى الديمقراطية المعارضة محمدو يوسوفو الذي فاز في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 12 آذار 2011 بنحو 57.95 في المئة، إلى سدة الرئاسة في النيجر،

تطلب الأمر منه الترشيح لأربع مرات في سنوات : 1992و 1999 و2004 وانتظار عقدين من الزمن.‏

الآن، وقد استلم الرئيس النيجري الجديد محمدو يوسوفو البالغ من العمر 59 عاماً، مهامه الرئاسية يوم 7 نيسان 2011، بعد أن التزم المجلس العسكري الذي حكم النيجر منذ الانقلاب العسكري الذي حصل في سنة 2010 بتسليم السلطة إلى المدنيين عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، فإن الرئيس الجديد مطالب بمواجهة المرض الطفولي المنتشر في الديمقراطيات الإفريقية الفتية، والمتمثل في عدم استقرار وهشاشة المؤسسات الديمقراطية.‏

-خلال نصف قرن من وجوده، حصلت في النيجر أربعة انقلابات عسكرية، إذ حكم العسكر البلاد ما يقارب ثلاثة وثلاثين عاماً، فقد حكم العقيد سايني كونتشيه النيجر طيلة 18 عاماً من عام 1974 ولغاية 1992 وحكم الجنرال ابراهيم ماينسارا باري من عام 1996 ولغاية 1999، أما المقدم داود مالام وانكي فقد ظل في السلطة لمدة ثمانية أشهر/ من نيسان ولغاية كانون الأول عام 1999/ وحكم العقيد مامادو تانجا الذي وصل إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع في كانون الأول عام 1999، النيجر لمدة عشرة أعوام، إلى أن تمت إزاحته من قبل الانقلاب العسكري الذي حصل في شباط 201٠.‏

ويعتبر الرئيس الجديد محمدو يوسوفو، ثاني رئيس مدني يأتي لرئاسة جمهورية النيجر عن طريق الاقتراع العام، أما الرئيس المدني الآخر، فهو ماحامان عصمان الذي ترأس النيجر من آذار 1993 ولغاية آذار 1996، ولم يحطم الجيش في النيجر الرقم القياسي في حكم البلاد فحسب، بل أيضاً في إدارة الشؤون المحلية. فسواء أكان الرئيس مدنياً أو عسكرياً، فإن حكام المحافظات كانوا دائماً من القيادات العسكرية العليا، ويبرر الجيش النيجري هذا الخيار بسبب المساحة الشاسعة للبلاد/1267000كيلو متر مربعاً/ في ظل عدد السكان الذي لا يتجاوز 16 مليون نسمة، منهم 49 في المئة أقل من 15 سنة، و21 في المئة يعيشون في المدن أولاً، وهشاشة الوضع الاقتصادي حيث يحتل النيجر المرتبة 167 في سلم مؤشر التنمية البشرية من أصل 169 دولة، ويعيش 65.9 في المئة من سكانه تحت خط الفقر/ بما يعادل 1.25 دولار يومياً/ تغذيها الصراعات الإثنية والحركات المسلحة المتمردة التي فرضت هذا الخيار ثانياً.‏

وفضلاً عن ذلك، فإن شمال النيجر يعاني من الجفاف منذ سنوات، والسكان المحليون يتعرضون لمجاعات مزمنة، وفي هذه المنطقة الصعبة، ينشط المتمردون« الطوارق» وكذلك العصابات المسلحة المتكونة من رجال خارجين عن القانون، ويبحثون دائماً عن اختطاف رهائن غربيين، ليتم تسليمهم إلى تنظيم« القاعدة» مقابل مبالغ مالية.‏

وهناك المقاتلون من« حركة النيجيريين للعدالة» وهي أبرز حركة متمردة للطوارق تنشط في شمال النيجر الغني باليورانيوم، منذ ظهورها في سنة 2007، وقد اختاروا السلام في احتفال رمزي أقيم لإلقاء السلام وحضره وزير الداخلية النيجيري البادي أبوبا والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، إلى جانب أغالي الامبو رئيس« حركة النيجيريين للعدالة» وهو الجناح العسكري الرئيسي في طوارق النيجر، إضافة إلى ابراهيم بهانغا القائد السابق لمتمردي الطوارق في مالي في أيار 2009.‏

بيد أن المنشقين من « حركة النيجيريين للعدالة» ولاسيما أموموني كالاكوا: قائد الجناح العسكري في « حركة النيجيريين للعدالة» قام بفصل أغالي الامبو متهماً إياه بالانفصال كلياً عما يجري ميدانياً للإقامة في طرابلس. من جهة أخرى، قالت:« جبهة قوى النهوض» وهي جناح عسكري آخر تابع للطوارق بقيادة ريسا أغ بولا الذي يعتبر رمز الحركة التمردية الأولى، إن ما جرى هو مهزلة سلام، واعتبرت الجبهة أن السلام الحقيقي الوحيد هو الذي يأخذ في الاعتبار مطالبنا المشروعة، ويطالب كل من المنشقين عن حركة النيجيريين للعدالة وجبهة قوى النهوض بمفاوضات جوهرية رسمية على أرض حيادية، ولإرساء السلام يطالبون بانخراط أفضل للطوارق في الجيش والهيئات شبه العسكرية والقطاع المنجمي في منطقة النزاع« شمال النيجر».‏

لقدكان النيجر لوقت طويل ألدورادو هادئ ل« فرانس أفريك» بالنسبة لمجموعة« أريفا» النووية الفرنسية ، قبل أن يصبح خلال بضع سنوات مصدراً للمشكلات: تهديدات متمردي الطوارق وعمليات خطف رهائن. ففي أرليت( ألف كيلو متر شمال نيامي عاصمة النيجر) التي تشكل موقعاً لاستخراج اليورانيوم، تسيطر المجموعتان الفرنسيتان« أريفا»و« فينسي» على عملية استخراج اليورانيوم، وعلى عملية تسويقه.‏

ويعيش النيجر من ريع صادراته من اليورانيوم البالغة 3000 طن سنوياً، التي تشكل 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وخلال سنة 2013 ستتضاعف هذه الإيرادات مع دخول منجم إيمورارين العملاق والمكشوف في الهواء الطلق حيز الإنتاج، الذي يعتبر ثاني أكبر منجم في العالم، والأول في إفريقيا وقد استثمرت مجموعة « أريفا» التي يرأسها آن لوفيرجون نحو 1.2 مليار يورو في منجم إيمورارين.‏

وتحتاج مجموعة « أريفا» النووية الفرنسية إلى علاقات دبلوماسية مستقرة بين باريس ونيامي، لضمان أنشطتها وتأمين مستقبل استثماراتها: أكثر إنتاجها العالمي( 8600 طن من اليورانيوم في سنة 2009) يأتي من مناجم سمير وكوميناك وتقدر مجموعة« أريفا» قسماً من اليورانيوم الضروري لتشغيل 58 مفاعلاً لشركة الكهرباء الفرنسية، وتزويد مفاعلات كهربائية أخرى في العالم.‏

يعتبر النيجر بلداً مهماً بالنسبة «لأريفا» في المدى المنظور، لأنها تستخرج حوالي 40 في المئة من إنتاجها العالمي من اليورانيوم.. وفي سنة 2009 تمكنت مجموعة «أريفا» من الحصول من السلطات النيجيرية على الموافقة لاستغلال منجم أمورارين، الذي يعتبر ثاني أكبر منجم في العالم لليورانيوم ، فهذا المنجم الاستراتيجي، سيمكن «أريفا» من رفع إنتاجها من 6000 طن في سنة 2007 إلى 12000 طن في سنة 2012، ما يمكنها من المحافظة على مركزها الأول كأول منتج لليورانيوم، الذي نالته في سنة 2009.‏

رغم أن اليورانيوم يعتبر بترول الصحارى النيجيرية، والذي بدأ استغلاله منذ ما يزيد عن أربعين عاماً، وأن عائداته قادرة على تحقيق تنمية متماسكة، فإن هذا لم يمنع النيجر من الانتقال في نهاية السبعينيات من القرن الماضي من الفقر إلى حالة البؤس.‏

كاتب تونسي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية