عن طريق زج سورية في اتون حرب طائفية أو عرقية أملاً في التخلص من هذه الصخرة الصلبة التي تكسرت عليها الرؤوس الحامية الطامعة برؤية الشرق الأوسط وقد أصبح بحيرة هادئة يجولون ويصولون بها كما يشاؤون بعد تحويل شعوبها إلى أرقاء في سوق النخاسة الأميركي الصهيوني الرجعي.
وربما لم يدركوا حتى الآن أن الشعب السوري ذكي وواعٍ أكثر مما كانوا يظنون ومن غير الممكن أخذه بالتهويل والتخويف والتضليل الإعلامي المبرمج بدقة على إيقاع ما يخططون له ويبيتونه لسورية منذ سنوات طويلة لاشك أن خطتهم للانقضاض على سورية كانت محكمة ولكن غباءهم يكمن في جهل طبيعة الشعب السوري وتاريخه الممتد لمئات السنين وأكثر هذا الشعب الذي لم يسمح يوماً أن تكون سورية سوى قلعة شامخة ومنارة للحرية والاستقلال الوطني والدفاع عن كل ما هو شريف وطاهر وحر في دنيا العرب.
وهذا ما يزعجهم ويؤرق أحلامهم ولم يتمكنوا حتى الآن أن يجيبوا على السؤال الأكثر إلحاحاً ودهشة ما هو سر قوة سورية؟ وكيف لبلد مثل سورية قادرة أن تصمد في وجه جميع العواصف العاتية القادمة من واشنطن وعواصم الكثير من الدول الأوروبية وللأسف حتى من عواصم بعض الأشقاء العرب؟ والحقيقة أن الجواب بسيط جداً ولكنهم غير قادرين على فهمه فسورية أرقت المستعمرين على مر العصور وانتصرت عليهم وسورية لم تقبل يوماً أن تبرم معاهدة أو اتفاقية مع العدو الصهيوني إلا إذا استعادت جميع الحقوق العربية المغتصبة إن كانت في فلسطين أو الجولان العربي السوري أو الجنوب اللبناني وأن السلام الذي تناضل من أجله هو سلام الشجعان الذي رسخه الرئيس الراحل حافظ الأسد أي السلام الذي يحفظ الحقوق والكرامة الوطنية وتحرير الأرض المحتلة دون نقصان حتى لشبر واحد والمسألة الأخرى أنهم لا يفهمون الوحدة الوطنية الراسخة والقوية حول النهج الوطني السوري الذي يحظى بإجماع وطني ودعم وتأييد من قبل الجماهير العربية في كل مكان ودعم قوى الحرية في العالم أجمع ولم يتوقفوا يوماً عن محاولاتهم لإلغاء مكانة سورية ودورها المفتاحي في قضايا المنطقة والقضايا الإقليمية وحتى الدولية وأخيراً اعتقدوا أن ثمار ما زرعوه من مؤامرات وخطط لإسقاط سورية قد حانت فسارع صقور البيت الأبيض وإدارته السابقة والحالية وحكام تل أبيب وأعوانهم هنا وهناك الذين شمروا قمصانهم بعد خلع معاطفهم فرحين بأن ساعة الصفر قد دقت ولابد من استغلال ما يجري داخل سورية على خلفية مطالب محقة للانقضاض على النظام لعلهم في هذه المرة يفلحون في التخلص من جبهة المقاومة السورية الذي لم يستطيعوا ولو لمرة واحدة عدم استحضار دورها عندما يتحدثون عن كل ما يتعلق بالمنطقة وفي كل مرة يشعرون بالكآبة لأن سورية تخيب آمالهم طالبوا السيد أوباما باستغلال الحدث السوري فوراً وربما اصرارهم هذا يعود لخشيتهم من افتضاح دورهم وتدخلهم الفظ في شؤون سورية الداخلية واستغلالهم الوقح لمطالب الشعب السوري المشروعة والعادلة والتي لم تكن يوماً في أولويات سياستهم إلا بقدر ما تخدم مخططاتهم التآمرية على الشعب السوري وتوجهات القيادة السورية الوطنية التحريرية وربما من المفيد التذكير بما كتبه إليوت أبرامز نائب مستشار الأمن القومي في إدارة جورج بوش الابن في صحيفة «واشنطن بوست» دعا فيه إلى إسقاط النظام السوري لأن ذلك كما يقول أبرامز يصب في مصلحة الولايات المتحدة تماماً لماذا؟ يشير كاتب المقال:« لأن سورية ممر للمقاومين في العراق ودعماً لحزب الله وحركة حماس وغيرها التي وصفها الكاتب بالمنظمات الإرهابية» واحتضانه لقادتها وعناصرها والسماح لهم بالعيش والعمل على الأراضي السورية.
ويتابع أبرامز: «إذا ما تغير المشهد في سورية ستدخل سورية في منظومة الدول العربية وستقطع علاقتها بحزب الله وإيران».
هكذا تكون إيران قد خسرت حليفاً مهماً لها وجسر عبورها إلى حزب الله هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه المستشار السابق للأمن القومي الأميركي ومن يقرأ هذا المقال وغيره الكثير من المقالات الغربية وفي بعض الصحف العربية وما تروجه بعض الفضائيات العربية المأجورة يدرك حجم المؤامرة على سورية ويدرك أن محور الضغط على سورية يتمركز حول قضية واحدة وهي خدمة إسرائيل ومصالحها الأساسية في المنطقة هذه المصالح المتعثرة بسبب سورية ومن يطلع على بعض ما يكتب حول الحدث والأحداث السورية.
يدرك أن من يتلطى وراء المطالب الشعبية لا يهمه أصلاً هذه المطالب ولا يهمه إطلاقاً لا الإصلاح السياسي ولا الديمقراطية والحرية التي يتشدقون بها فجل ما يهمهم استباحة سورية وإسقاطها من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي وإلغاء دورها الوطني والقومي في هذه المعادلة وربما أكثر ما أزعجهم وأغضبهم استجابة القيادة السورية لمطالب الشعب المحقة وكل خطوة إيجابية تخدم مصالح الشعب السوري وقضاياه الحيوية ستشكل مسماراً آخر في نعش مؤامراتهم الدنيئة!..