أيام السينما الروسية بدمشق .. التألق سيد الموقف
سينما الاثنين 11-4-2011 قصي بدر اختُتمت مساء أمس بسينما كندي دمشق عروض (أيام السينما الروسية) التي أقيمت ضمن فعاليات الأيام الثقافية الروسية في سورية بالتعاون بين وزارة الثقافة السورية ونظيرتها الروسية ، وتضمنت الفعالية عرض خمسة أفلام روسية هي :
(الياس موراميتس ) اخراج ألكساندر بيتوشكو وأناتولي بيترسكي ، (الفجر هنا هادىء ) إخراج ستانسلاف روستوتسكي، (اغنية لجندي ) إخراج غريغوري تشوخراي، (اللقالق تحلق) إخراج ميخائيل كالاتوزوف ، ( تسار سلطان ) .
وكان لفيلم ( اللقالق تحلق ) وقع مؤثر لدى الجمهور وذلك جراء قصته التي تنقل بواقعية ظروف المجتمع السوفييتي أثناء الحرب التي خاضها في مواجهة الألمان في النصف الأول من القرن الماضي والتي تعرف بالحرب العالمية والتي خلفت آلاما ودمارا هائلا وجاء التناول من زاوية إنسانية عبر حالة حب بين الشاب بوريس الذي سيذهب فيما بعد إلى الجبهة وحبيبته فيولينكا التي تربعت عرش الظهور حتى نهاية الفيلم لتؤدي دور البطولة ببراعة لا مثيل لها ، وفي البداية يظهران في أجواء يلفها الفرح تحت ظلال الطيور المهاجرة هذه الطيور التي ستختفي فيما بعد لتظهر بدلا عنها أسراب من نوع آخر تحلق مخلفة الخراب والموت ، تحرق كل ما يبدو أمامها من أهداف . وبالطبع يبدأ الشابان برسم أولى الخطوات لمستقبلهما ولكن سرعان ما يُستدعى بوريس إلى الجبهة ليُترك مصيرهما إلى القدر ، ولم يكن بمقدورهما اللقاء لحظة مغادرته من مركز تجمع الجنود ليكون هذا الأمر نذير شؤم ، ومع بداية الحرب يتعرض منزلها للقصف ليخطف الموت أبويها ، وهنا لم تجد سوى بيت حبيبها ملجأً حيث يلزمها الطبيب كبير العائلة بذلك وبقلب واسع ، لكن يقوم أحد أفراد العائلة بالتعدي عليها ما يدفعها لقبول الزواج منه ، لتعيش تعاسة حقيقية تعادل لهيب الحرب ، وتبقى تنتظر رسالة من حبيبها حتى اللحظة التي أدركت فيها أنه فارق الحياة في الجبهة مع نهاية الفيلم اثر انتهاء الحرب وعودة من نجا منها .
تم إنتاج الفيلم في العام 1957 وبالرغم أن أدوات الإنتاج وتقنياته في ذلك الوقت كانت محدودة قياسا بما هي عليه اليوم الا أن الفيلم يتمتع بنتائج اخراجية وأدائية هائلة تجعله يضاهي بل ويتقدم على الكثير مما ينتج اليوم بالاعتماد على أحدث التقنيات، فالمؤثرات على اختلافها من بصرية وصوتية أدت وظيفتها بنوعية ملفتة ولم تكن أي تفصيلة في أي مشهد دخيلة أو مبتذلة ، وتخلل سياق الأحداث التي بدت متسارعة ومتصاعدة في حدتها وغناها مشاهد تعبيرية تخيلية مؤثرة من قبيل ما تراءى له في اللحظة التي أُصيب بها والتي ترجمت علاقته بحبيبته ، هذه اللحظة كانت كفيلة بتصوير عدة مشاهد أحلاها زفافهما ، حيث قدم المخرج هذا المقطع بحرفية عالية وحساسية رومانسية مؤثرة ، وهناك مشاهد أخرى تصرح بوجود كاميرا غاية في الدينامية والحيوية تجعل معظم الأحداث على درجة عالية من المحاكاة لواقع مؤرق لأي مخرج أو ممثل . وفي الفيلم ما يشير إلى أسلوب متفرد يميز ميخائيل كالاتوزوف عن مخرجي عصره والمخرجين المعاصرين وهو بفيلمه هذا يعكس تألق السينما الروسية منذ بداية القرن الماضي وأواسطه .. يّذكر أن الفيلم يعتبر اليوم أحد كلاسيكيات السينما السوفييتية في موضوع الحرب وسبق أن نال السعفة الذهبية لمهرجان كان 1958 وجائزة خاصة لبطلته تاتيانا سامويلوفا .
|