يؤكدون على أن المحاولات لتحقيق الأهداف هي بحد ذاتها آليات إيجابية تشعر الشباب بقيمة الإنجاز على أرض الواقع، حتى خلال سيرورتها المرحلية وصولاً إلى تحقيق الهدف، كما أن التجارب من جهة أخرى تشكل الخبرة الإنسانية الضرورية لهم ترى هل يعتمد شبابنا
التخطيط لأهدافهم..؟ والأصح هل تتوفر لهم مقومات تشجعهم على التخطيط..؟ ثم هل يتأمن لهم ما يجعل تلك الأهداف واضحة أمام أعينهم للعمل عليها والوصول إليها..؟
هذه الأسئلة توجهنا بها لأكثر من شاب.
هدف بلا نتيجة
------------------
كانت البداية مع الشابة دانا جي خريجة حقوق فقالت:
دخلت كلية الحقوق عن رغبة لتحقيق طموحاتي والعمل في مجال الدفاع عن الناس ثم عملت أستاذة في المحاماة أيضاً وفق أهدافي التي خططت لها منذ أن كنت طفلة ودون حرج أقول لم أستفد بشيء من تحقيق أهدافي واستكمال دراستي باجتهاد وجد فأنا حصلت على تلك الشهادة ووضعتها في البيت دون أي ترجمة حقيقية لطموحاتي التي خططت لها وعملت كثيراً من أجل تحقيقها وكان كل هذا كلاماً بلا معنى لأنه لم يتوافر لي واقع عملي يفعل هذا الطموح حتى لم أعمل بشهادة ضمن وظيفة ما ولم أتمكن من فتح مكتب محاماة خاص بسبب الوضع المادي لذلك ما الفائدة من التخطيط لأهدافي وما الفائدة من أن أحمل طموحاً ما طالما أنه بلا نتيجة.
الأهداف
يحددها المحيط
-------------------
أما الشاب قصي ابراهيم يقول: طبعاً لابد من وجود هدف وطموح كي يعمل الشاب للوصول إليه لأن ذلك يشجعه على العمل لكن ظروف الحياة وبيئتنا تتدخل في كل شيء لتسير أهدافنا ضمن الطريق المرسوم لها . مثلاً دراستي وخياراتي تتآثر بما هو سائد ومألوف فالجميع يفضلون الطب وأتأثر أنا لتكون أفضل طموحاتي تلك التي يراها المجتمع فأرغب بدوري بها إضافة إلى الكثير من المعايير الأخرى التي اقتدي بها أنا وغيري من الشباب فالأهداف يحددها محيطنا.
رأي الأهل
------------
سألنا إحدى الأمهات وهي أم لثلاث شابات عن هذا وهي السيدة فاتنة خباز فقالت: أي وسيلة تساعد الشاب على تحقيق ذاته وأهدافه نحن معها وهي ضرورية لكن من واقع بناتي أدرك أنه من الضروري بمكان أيضاً استيعاب هؤلاء الشباب ،فنحن في القرن الواحد والعشرين، ويحتاج الشاب ليكون فاعلاً وحاضراً في مجتمعه، يحتاج إلى فرص العمل، فما الفائدة إن اجتهد وحقق طموحاته في الدراسة لكن من دون أن يجد عملاً، أقول هذا لأنه في بيتي ثلاث شابات واحدة تدرس صيدلة وتحب المجال العلمي أما أختاها فقد درستا وتخرجتا من الجامعة منذ 2004، ولم تعملا إلى الوقت الحالي تأخذان المصروف من الوالد، إذ تشعران بالحرج والانزعاج، إلى حد لا يطاق خصوصاً أن بناتي نشأن في بيت متعلم وواع ويدركن أن المال وسيلة وليس غاية ولا يردن الكثير منه، لكن لا بد منه، فقلة المال يمكن أن تبرمج، أما عدمه مصيبة، إضافة إلى الفراغ الذي تعيشانه بعد التخرج خصوصاً أن الفراغ مرعب في حياة الشباب ويجعلهم عرضة لكل السلبيات المحتملة، التي لا يرضاها لا الأهل ولا المجتمع، خصوصاً بوجود وسائل كثيرة تستفز ذلك الشاب للاستهلاك، لذلك أقول ما فائدة حضور الطموح والعمل عليه إن لم يصل إلى آخر الطريق
رأي الاختصاصية الاجتماعية
----------------------------------
أما الاختصاصية الاجتماعية هيفاء أحمد تحدثت عن أهمية التخطيط للأهداف شرط توفر ظروف ملائمة فقالت: الأهداف والطموحات الفردية في حياة أي شاب حالة هامة جداً، لأنها تساهم بشكل أو بآخر في توجيهه إلى العمل والانجاز، لكن التخطيط للأهداف والتخطيط للمستقبل يحتاج إلى ظروف موضوعية كي تحتضن هذه الحالة الإيجابية، فالتخطيط بحد ذاته في حياة الشاب من شأنه أن يشعره بقيمة ما يفعله كي يحقق النتائج المضمونة، بالتالي امتلاكه مقدرة التركيز للوصول إلى النجاح، لأن التخطيط والوصول إلى الأهداف يحتم وجود آليات نفسية وسلوكية، وتوفر الإرادة والتصميم والاختيار ، وهذه سمات رائعة إن توفرت الثقة بالمستقبل وتوفرت عوامل مجتمعية تشجع هذه الحالة وتحتويها، كما أن مراحل العمل على الأهداف هي آليات محرضة نحو الفعل الحقيقي، وتوجيه الشاب، لأن يكون دؤوباً لتحقيق طموحه وتجاوز الإنتظار والسلبية، من هنا فإن إيجاد الحل لمشكلات الشباب وعلى الأكثر فرص العمل وإتاحة المجالات التي يحبها أمامه، ثم تأمين ظروف مريحة مادياً ومعنوياً قد تساعده في كل اتجاهات حياته، وتحفزه على التخطيط الصحيح، لأن الهدف واضح أمامه ومضمون إن صح القول، ومن جهة ثانية فإن الفراغ في حياة الشاب وإحساسه بعجزه، قضية تدخله في كثير من الإرباكات، قد تبدأ ولا تنتهي، لذلك وإن حضرت الدوافع وآليات التفكير الإيجابية عند الشاب، فإن العقبات الحياتية الأخرى قد تترك أثرها سلفاً على أسلوب حياته ككل وعلى دراسته وعمله وطموحاته.