وخلال متابعتنا للحملات المتتالية لكثير من الجمعيات الأهلية التي تعنى بالشؤون البيئية لاحظنا أن أغلبية المشاركين هم من الشباب الذين يتسابقون لتنظيف شواطئ بحرهم وساحات مدينتهم والحفاظ على الغطاء الأخضر لغاباتهم سواء كانوا من المنتمين للجمعيات أم غير المنتمين..
تنظيف و استكشاف
لا يزال المبدأ الأساسي لتأمين القوى البشرية في جمعية طبيعة بلا حدود هو استثمار جزء من أوقات فراغ الشباب في أعمال تطوعية ذات طابع ترفيهي تصب في المصلحة العامة وتحديداً حماية البيئة وصون الطبيعة ليكون عملهم رديفاً للجهات الحكومية المختصة. حسب ما أوضحه الشاب حازم سليمان من جمعية طبيعة بلا حدود.
وأضاف: تنفذ جمعية طبيعة بلا حدود عدداً من الأنشطة الخارجية المتنوعة التي تتوزع على مدار العام بما يتوافق مع كل فصل من فصوله. ففي الشتاء نقوم كشبان بحملات تشجير للأراضي الجرداء والمنحدرات والغابات المحروقة، نركز فيها على تشجير الأصناف المتأصلة في بيئتنا كالسنديان والبلوط والغار والخرنوب المهدد بالانقراض، وخصوصاً أن لهذه الأصناف ثماراً تتغذى بها الطيور والحيوانات البرية، ما يجعلها تساهم في حفظ التنوع الحيوي واغنائه. وفي فصل الربيع نشرك الأطفال واليافعين في حملاتنا ضمن برنامج محدد لعمل بيئي مرافق لمسابقة رياضية وأخرى ثقافية وفترة حوار يتم خلالها التركيز على تعزيز ثقافة العمل التطوعي وإذكاء المبادرات الفردية حتى من الصغار.. كما نقوم بمسير لمسافة 4 كم للاستجمام. ونسعى ليرافقنا مشرفون للنظافة والرياضة وتربويون ومرشد نفسي وطبيب لينفذ هذا الكادر ورشة عمل تسبق النشاط هدفها توزيع المهام وشرحها وتستقطب هذه الحملات أعداداً كبيرة من المحافظات السورية.
بينما في الصيف نقوم بحملات تنظيف للغابات الحراجية. إضافة إلى تثبيت لوحات معدنية على سوق الأشجار كتبت عليها عبارات تحض زوار الغابة على الالتزام بالنظافة.ويضاف إلى هذا حملات أخرى لزراعة ورود وأشجار وتوزيع سلات للمهملات في بعض المناطق الريفية المأهولة.
ويتابع الشاب سليمان: أعداد كبيرة من الشبان يشاركون برحلات استكشافية ربيعية خريفية، يغلب عليها الطابع الترفيهي والمشي (7 - 30) كم بهدف تعريف المشاركين بطبيعة المنطقة من خلال استكشاف مناطق طبيعية وحضرية جديدة واختراقها سيرا ً على الأقدام.
وأشار: خلقت هذه النشاطات حراكاً اجتماعياً وتبادلاً ثقافياً وتوجيهياً باتجاه خدمة قضايا البيئة والتنمية عموماً. وكذلك روجت لسلوكيات بيئية حسنة تبدد الإساءة العفوية للطبيعة الموجودة بقوة بين أفراد مجتمعنا.
أما حملات التقليم فننفذها على أطراف الغابات من جهة الأراضي الزراعية المتاخمة لها لتخفيف خطر الحرائق التي يمكن أن تمتد إليها من الأراضي المجاورة نتيجة الحرق العشوائي للمخلفات الزراعية. والمساعدة في مكافحة الآفات. وتحسين نمو بعض أنواع الأشجار. ويضاف إلى كل ما سبق أن هناك أنشطة غير جماعية ينفذها بعض المتطوعين والمهتمين لرصد حالات التعدي على الغابات والحراج التي تتمثل بشكل أساسي بقطع أخشاب أشجار الغابات بقصد التفحيم أو التوسع الزراعي أو الاحتطاب الجائر أو سرقة الأخشاب والاتجار بها. وعند كشف حالات من هذا النوع نتدخل مباشرة مع أصحابها ونؤرشف الحالة بالصور ونقنعهم بالتراجع عن هكذا أنشطة، وفي حال عدم الاستجابة نبلغ الجهات الحكومية المعنية وكذلك نقوم برصد حالات التنوع الحيوي من نباتات وحيوانات وطيور وتحديد النطاقات الجغرافية التي تتواجد فيها وإنشاء أرشيف فوتوغرافي لها يوضع في خدمة الباحثين والدارسين. وبذلك يلعب الشباب دوراً حيوياً في حماية الطبيعة وصون ثرواتها كدور رديف لدور الجهات الحكومية المختصة.
أيضاً كان للكائنات المهددة بالانقراض نصيب من اهتمامات الشباب كزهرة الأوركيد، وخصوصاً الأوركيد الأناضولي وحيوان السمندل الذي يظهر في فصل الخريف في البيئات الرطبة والنظيفة من الملوثات.وكذلك أنواع كثيرة من الأفاعي غير السامة والمفيدة جداً ضمن سلاسلها الغذائية الطبيعية إلا أن المزارعين أنفسهم يعتدون عليها في الريف ويساهمون في تراجع أعدادها وتدهورها نتيجة غياب الوعي والموروث الثقافي والمعرفي السيئ الذي يخص الأفاعي في مجتمعنا. وهنا يأتي دورنا وسط غياب الجهات الحكومية بدراسة وحصر أنواع الأفاعي الموجودة في الساحل السوري. وتحديد الأنواع غير السامة منها وتعريف سكان الريف بها من خلال الصور عالية الجودة.
وأنهى حديثه بالقول: إن التركيز على شريحة الشباب كان لأسباب عدّة أهمها وفرة وقت الفراغ، وفرة الحيوية والنشاط والإبداع الإمكانية الأكبر للتأثير وتغيير السلوك وتبني سلوكيات جديدة.أما التركيز على الريف في أنشطة واهتمامات جمعيةطبيعة بلا حدود جاء لقلة نصيب الريف من الاهتمام الحكومي قياساً بالمدينة وللتلاصق الكبير بين الطبيعة وأبناء الريف، وبالتالي الإمكانية المضاعفة لتأثير كل فرد من أفراد الريف إذا ما قورن بتأثير أبناء المدينة على الطبيعة.
مدينتنا نحن
مجموعة من الشبان يتشاركون كفريق متطوع منذ 2005 يقول الشاب مضر شيبان الطبيب المتخرج حديثاً: يهدف عملنا للتخلص من ظاهرة أصبحت تقليداً وهي رمي القمامة في شوارع المدينة.. مدينتنا نحن، لذلك سعينا ليكون لدينا نشاط واحد أسبوعياً نختار خلاله أحد أحياء مدينة اللاذقية، واستمرارية هذا العمل قائمة على استقطاب متطوعين بشكل دائم، حيث نقوم بتنظيف الشارع لإعطاء الفرصة لسكان الحي لبدء حياة جديدة نظيفة. نعرّف خلاله بأهداف الشبان الذين يحتجون على تحويل شوارع مدينتهم القاطنين فيها إلى حاويات كبيرة للقمامة، في نهاية العمل نقيّم النشاط لتطوير عملنا في المرات المتتالية من خلال اقتراحات جديدة. وكانت هناك خطوات فريدة من نوعها تقوم على تركيب سلال للمهملات في باصات النقل الداخلي. ولا يزال العمل مستمراً. وقد اخترنا مناطق عديدة لتنظيفها منها شارع إنطاكيا، العوينة، حي السجن، المشروع السابع والزراعة وبعض الشواطئ كما بعض الغابات التي نسعى لإقامة نشاط فيها أثناء تواجد السياح لتوعيتهم بأهمية عدم رمي القمامة والاحتراز من إشعال الحرائق..
اللافت للنظر بشبان اللاذقية اعتماد مبدأ العمل بصمت دون اللجوء إلى ما يفسد عملهم.. ويعتبرون ما يقومون به واجباً.. شبان واعون لخطر التلوث البيئي وغياب التنوع الحيوي في محيطنا. نأمل أن نعطي عملهم الاهتمام ومد يد العون لهم.