تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


طلاب العلم ..بين المؤسسات التعليمية و الجهود الذاتية

شباب
الأثنين 28-2-2011م
إرم ديوب

تشارك المؤسسات التعليمية الفردَ ببناء جزء كبير من معرفته من خلال المناهج و طرق التعليم التي تراها مناسبة لكل مرحلة عمرية. إذ تبني المقاييس و مستويات تقييم طلابها على متوسّط قدرة الفرد الواحد على الاستيعاب و التعلم, لذلك فإن الخطر القائم هو أن يصبح ذلك المتوسط سقفاً يعيق نمو المعرفة من جهة,

و أن يصبح قالباً جامداً ينمّط طرق التفكير من جهة أخرى. و يكون تأثير كِلا الوجهين أكبر على مراحل الطفولة و الشباب التي يبني فيها الفرد ذاته و اهتماماته متأثراً ببيئته المحيطة, فلا شك بأن المؤسسات التعليمية من مدارس و معاهد و جامعات هي الأماكن التي يقضي فيها الفرد الوقت الأكبر مكرّساً معظم طاقاته في تحقيق النجاح فيما تقدمه له تلك المؤسسة من مقررات و مناهج.‏

إنّ حتميّة اختلاف اهتمامات الطلاب و خصوصية قدرات كل منهم تجعل من إنصاف المؤسسة الكامل لكل طالب أمراً مستحيلاً. على ذلك الأساس يقع على عاتق الطالب أن يدرك تميّزه في مجالات العلوم المختلفة بنفسه ليسعى إلى تنميتها ذاتياً إلى جانب جهود المؤسسة في تطوير جوانب التميز في كل طالب و مرونتها اللازمة لاتخاذ الخطوات الملائمة لاحتواء كل جديد إبداعيّ من الأجيال. فهل يمكن التنظيم بين جهود الفرد والمؤسسة التعليمية كي يصبحا على توافق أكبر؟‏

- تقول فاطمة و هي خبيرة عملت كمشرفة تربوية وطنية في منظمة قرى الأطفال S.O.S. في سورية و التي تعمل الآن خبيرة و مستشارة لدى وزارة التنمية الاجتماعية في سلطنة عُمان بما يخص مؤسسة تقوم على رعاية الأطفال الأيتام: “أنا أؤمن بدور الفرد في التنمية الذاتية وهذا من تجربتي الشخصية إذ لم يكن هناك إنترنت أو أي وسائل توفرها الجامعة لي عندما كنت طالبة لكنني كنت أقوم بالعمل التطوعي في العديد من المؤسسات والاطلاع على الكتب والأبحاث المتواجدة في المكتبات و معارض الكتب و غيرها من المحاضرات و الدورات. لقد ضعف إيماني بما تفرضه الكثير من المؤسسات التعليمية لتطوير الأفراد لأنها تعمل على وضع برامج وأفكار مؤدلجة وموجهة لا تدعم تطوير الأفق والنهوض بنا نحو الأمام ولا توافق تطور العصر.» أما في مجال تطوير مناهج التعليم في سبيل تحضير الطالب لإكمال مسيرته في بناء ذاته بعد انتهاء فترة دراسته في المؤسسة التعليمية التي ينتسب إليها فتقترح فاطمة: «يجب أن تعتمد المناهج على جهد الطالب في البحث والاكتشاف من خلال مواضيع يقومون بالبحث فيها عن طريق المصادر المتوفرة. و من المهم أيضاً أن يتم تكليف الطلاب بتحقيق نسبة تطبيقات عملية لدراستهم في كافة المجالات بتحقيق نسبة دوام عملي كمتطوعين في أي مؤسسة أو شركة أو مستشفى ويكون ذلك بالتعاون مع تلك المؤسسات لتكليف أشخاص فيها يقع على عاتقهم نقل خبرتهم وفسح المجال للطالب أن يبني معرفته العملية.»‏

ومن الجدير بالذكر أن فكرة إلزامية الخبرة العملية في المدارس الثانوية تطبّق في معظم دول أوروبا وأن التقدّم لأي جامعة في تلك الدول من غير سكّانها يتطلّب خبرة عمليّة مدتها لا تقل عن سنتين بغض النظر عن نوعية العمل, فيكون دليلاً على مثابرة الفرد و قدرته على إفادة المجتمع مما تقدمه له الجامعة من جهة, و تقييماً لمهاراته الفعلية بعيداً عن قولبة المناهج النظرية و نظم المؤسسات التعليمية من جهة أخرى.‏

- أما لؤي, ماجستير تجارة و اقتصاد من جامعة دمشق, و هو يعمل مديراً مالياً في كبرى الشركات في منطقة الخليج, فيقترح وجود صفوف للمتميزين في الكليات و الجامعات, و يقول: «إن المحاضر الجامعي مثلاً لا يملك الوقت ليستمع لإبداعات و أفكار كل الطلاب, فوظيفته هي أن يوصل مستوىً معيناً من المعلومات إلى عدد الطلاب الكبير دون توافر إمكانية إعطاء الفرصة للقادر منهم على الإبداع أو التساؤل أو تخطّي المستوى المفروض من المعلومات إلى أعلى منه. فغالباً ما يصبح ذلك الطالب السابق لأقرانه عبئاً عليهم و على المحاضر.» إنّ استحالة الإنصاف التام لتميّز الطلاب في مؤسسة ما هو أمر قائم حتى في أكثر الدول تقدماً, لكنّ ذلك لا يعفي المؤسسات من وجوب السعي الدائم للاهتمام الأكبر بطلابها. فعلى سبيل المثال, كلما زاد عدد الطلاب في الصف الواحد قلّت نسبة المعرفة و توسعِ المعلومات التي يمكن للطالب تلقيها من المدرس. لذلك فإن معظم دول العالم الثالث تعاني من تدنٍّ في مستوى المعرفة المقدَّمة في مؤسسات العلم مقارنة بباقي الدول. مثلاً فإنّ معظم قاعات المحاضرات الجامعية في دمشق يحضرها أكثر من مئة طالب بينما يكون عدد الطلاب في أي محاضرة في جامعات الدول المتقدمة لا يزيد عن عشرين طالباً.‏

- تقول زبيدة و هي طالبة أدب إنكليزي في جامعة دمشق (سنة رابعة): «آمل أن أقوم بنشاط مميز خارج نطاق المنهاج الدراسي قبل تخرجي, نشاطٍ أختبر فيه قدراتي غير علامات الامتحانات النهائية و التي هي المبرهن الوحيد على وجود الطالب في قسم الأدب الإنكليزي. أتمنى أن يكون لكلية الآداب نوادٍ للاهتمامات المختلفة يتبادل فيها الطلاب خبراتهم و مواهبهم.»‏

إنّ استبعاد إنجاز خطوات ملموسة في سبيل توحيد جهود المؤسسة و الفرد هو أمر معيق لتطور كليهما, فلا بد من توحيد مفهوم الطالب الذكي مع مفهوم الفرد المبدع, و المتلقّي البارع مع المتسائل و المفكر, فمن دون قدرة على التحليل و التفكير و الإبداع الذاتي تسير المجتمعات إلى اللا جدوى. و مما لا شك فيه أنه مهما تطورت مؤسسات التعليم و منهجياتها, يقع على عاتق الفرد الجزء الأكبر من بناء ذاته, و لعلّ قول غاليليو غاليلي هو أفضل الوصف: «لا يمكننا أن نعلّم شيئاً لأحد, كل ما بوسعنا فعله هو أن نساعده للبحث عن الجواب في داخله.»‏

تعليقات الزوار

لؤي |  loaim000@yahoo.com | 28/02/2011 09:39

شكرا لأسلوبك اللطيف ارم ديوب ولحس المسؤولية لديك الذي طالما تعودنا عليه

خالد السيابي |  khalidnassaj@hotmail.com | 28/02/2011 11:33

أنا أتفق مع الأستاذة فاطمة في ما طرحته من مقترحات تتناسب مع متطلبات العصر والواقع الحالي لهذا العصر حيث أن توجيه الطالب عبر مناهج جامدة وثابتة وغير متجددة بل وعلى العكس فإن منهجية البحث والإستكشاف لصقل المهارات والابداعات الفكرية لدى الطالب لنفع الانسانية

فاطمة |  fatema1122@hotmail.com | 28/02/2011 11:47

ما اضافته ارم كان موفق جدا الا وهو توحيد الجهود من قبل الطلاب بكافة ميولهم وابداعاتهم وطريقة تلقيهم مع ارضية علمية من قبل المناهج تسهم في تطوير قدرات الطلاب وتطوير مفهومهم عن النجاح والابداع لأنها تنمي العمليات العقلية العليا من تفكير وربط وتحليل ....وتساهم في تطوير مهارات وقدرات طلابنا

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية