فالحياة أصبحت قاسية بكل معنى الكلمة والمدخول اقل من المصروف بكثير عند الأغلبية، فكيف يتدبر الشباب مصروفه؟
هذا مجمل ما حصلنا عليه من استطلاع لآراء بعض الشباب :
تأثير سلبي
بشار الطالب الجامعي في كلية الحقوق تعليم مفتوح يؤكد أن عدم توفر المال يؤثر سلبا على دراسته التي تحتاج إلى مصاريف كثيرة , ويقول :أنا أعمل حاليا في إحدى المؤسسات بعقد مؤقت وبراتب قليل , و هذا لا يكفي لتأمين مصاريف الدراسة التي تزداد , ومع ذلك فإنني اضطر في أحيان كثيرة للعمل بعد دوامي في مكان آخر، إضافة للاستعانة بالأهل, لأكون قادرا على متابعة تعليمي، فالحالة المادية السيئة تجعلني أستغرق وقتا أطول للتخرج من الجامعة .
هموم متواصلة
أما أحمد ع الموظف فيوضح أنه في الثلاثين من عمره , ويعيش بعيدا عن أهله، وهو يسكن في إحدى مناطق دمشق مع أخيه الذي يدرس في الجامعة و يعتمدان سوية على الراتب الذي بالكاد يكفي مصاريفه لتغطية أجرة المنزل ومصاريفهم ويضيف : ومع كل المتاعب التي نتعرض لها أضطر للعمل الإضافي في أوقات فراغي لتأمين باقي المصاريف وأدخر جزءاً منها لتامين حياتي المستقبلية .
بعكس بعض الشباب الذين ينفقون رواتبهم على انفسهم فقط ودون تقديم أي مساعدة لاهلهم أو التفكير في توفير بعض المال لأيام قادمة .
مصروف باهظ
أما إسراء م طالبة بكالوريا فتقول : أنا من أسرة مكونة من خمسة أفراد , وأنا غير موظفة , ولا أعمل شيئا , ولذلك فأنا اعتمد على والدي في مصروفي , وكما تعلمون ان مصروف الفتاة عال , وهذا ما ينهك جيوب الأسرة، الأمر الذي غالبا ما يكون على حساب إخوتي ومصروفهم ومصروف المنزل , من مأكل ,ومشرب, وفواتير, وكل شيء غال وباهظ الثمن , حتى إنك لا تستطيع أن تدخر شيئا من المال لوقت آخر , بشكل عام .
وتوافقها الرأي الطالبة الجامعية نور المتخرجة حديثاً من كلية الآثار في جامعة دمشق، مشيرة إلى أنها حاليا تبحث عن عمل تستطيع من خلاله تأمين ما تحتاج إليه و لتخفيف الضغط عن أسرتها وتحسين مستوى معيشتهم والتي أنفقت عليها طوال السنوات السابقة لتعتمد على نفسها، مؤكدة انها لا تنفق أكثر من حاجتها .
مظاهر
أما رشا فتوضح قائلة : كثيرة هي المظاهر التي نراها ولكن لا تنخدعوا بها فأحياناً يكون البعض في وضع يجبر فيه على الظهور بمظهر يوحي أنه من فئة عالية المستوى, ولكن في الحقيقة هو ليس كذلك ولكنه مضطر ,فنحن كشباب قد لا يكون لدينا المال الكافي للظهور بشكل لائق جدا بشكل يومي ومستمر- ولكن متواضع أغلبية الوقت -حتى نفرض أنفسنا لأننا في مجتمع يحب المظاهر , مثلاً : إذا ما كنت تريد الذهاب إلى مكان للحصول على عمل , فإذا لم يكن مظهرك جميلاً جدا فإنهم قد لا يستقبلونك لأن المنظر هو الأهم بالنسبة لهم، وبالتأكيد فإن أسهمك سوف تنخفض كثيرا وبصراحة هذا هو الحال.
لذلك فإن الكثير منا قد يضطر أحيانا للاستعارة والاستدانة من رفاقه بالمقابل هناك شباب وهم من الفئة الغنية والتي تحب أن تلفت الأنظار إليها من خلال ما تنفقه على ملابسها وعطرها, ومفاخرتها بالأسعار المرتفعة جدا التي تنفقها والسهر وركوب السيارات الفاخرة وتبديلها ومحاولة جمع الآخرين حولهم، وهؤلاء غالباً ما يكونون من الفئة الغنية وهؤلاء أغلبيتهم إن صح التعبير مغرورون وحياتهم فارغة.
استهتار
الشاب فراس ص عاطل عن العمل وهو في 29 من العمر يقول: أنا اعتمد على والدي في كل نفقاتي أياً كانت ,من تدخين وارتياد المطاعم والنوادي الرياضية وألبسة الماركات والعطورات المشهورة وغيرها ,فإنا شاب واريد أن أعيش كل لحظاتي دون عناء .
الدكتور طلال عبد المعطي مصطفى أستاذ الخدمة الاجتماعية في قسم علم الاجتماع جامعة دمشق قال: في ظل ظروف معيشية صعبة تحتاج إلى كثير من الجهد والتعب والمعاناة والعمل ,و في ظل تفاوت طبقي كبير ,فإن هناك فئة محدودة فقط قادرة على تحمل الأعباء التي تفرضها الحياة المعاصرة. وأضاف: لا نستطيع أن نحدد اتجاهاً واحداً للشباب في مجتمعنا وإنما هناك عدة فئات أو تبعا للشرائح الاجتماعية التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب ,فهناك من ينتمي إلى الفئات الغنية جدا وهناك من ينتمي إلى المتوسطة والفقيرة .
وأشار إلى أنه عادة ما نلحظ أن الشباب المنتمين للفئات الغنية جدا لديهم سلوكيات استهلاكية في الوقت الحاضر، وخاصة أننا نعيش في مجتمع استهلاكي وفي المقابل هناك فئة أخرى تعيش عند خط الفقر أو فوقه بقليل . ففي كل يوم هناك ما هو جديد على صعيد السلع الاستهلاكية الخاصة بالشباب كالتكنولوجيا والموضة ........... وغيرها . وقد ترغب فئات شابة خاصة العاطلة عن العمل باقتنائها ولكن ليس لديها الإمكانية المادية للحصول عليها .وهنا قد يحاول البعض الحصول على هذه السلع الاستهلاكية بأساليب أو بطرق ربما تكون غير مقبولة اجتماعيا ,أي ربما يتجه إلى سلوكيات انحرافية للوصول إليها وخاصة عند الإناث .
وأيضا في الوقت نفسه لا بد من الاعتراف أن هناك من الشباب من يحاول الاعتماد على نفسه ومن خلال العمل بأكثر من مهنه للتأسيس لأسرته في المستقبل من خلال الحالة التوازنية ما بين الدخل الذي يحصل عليه وما بين اقتناء السلع الضرورية لحياته المعيشية بشكل عام .
وبالتالي لا نستطيع أن نطلق توصيفاً عاماً سلباً أم إيجاباً على مختلف الشباب السوري .