تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صالون أدبي

السويداء
شباب
الأثنين 28-2-2011م
ماهر أبوحمزة

قيل لي: هناك مبدعو الكلمات والشخوص، راسمو الوقائع ومزينو الأدب وزينته، كلمات استهل بها ذاك الصديق دعوته لي لحضور صالون أدبي منذ سنوات، وهذه الكلمات أيضا دعتني لتلبية الدعوة دون تردد.

ليلة كاملة لم أنم ذاهبا مع الخيال في رحلة استثنائية إلى طقوس حضارية ووجوه جميلة وكلمات منتقاة بعناية ولباقة ولياقة إضافة إلى الحوار الأدبي الذي سيدور هناك جاعلا لحظات الزمن تجري مسرعة دون أن نستطيع إدراكها على حقيقتها وستحيل محاولاتنا لإبطاء عجلتها إلى عبث.‏

أتت الساعة المنتظرة وما زلت في نشوة، والحياة تطرق نوافذ تفكيري وروحي.‏

الأدباء والشعراء يلقون ما في جعبتهم بعد مقدمات تهيئ أسماع الحاضرين.‏

ورؤوس الحاضرين محكومة بالاهتزاز إلى الأعلى إن أخفق الأديب باختيار مقدمته ومحكومة بالاهتزاز إلى الأسفل إن كانت المقدمة تضج بالفخر والثقة ويا لها من صدفة قدرية تخلق توافقا غريبا بين الرؤوس.‏

وبعد هذا وذاك يُفتح الباب لتسجيل المواقف، فترى الشاعر أو الأديب جاحظ العينين بذهول تام عند سماع النقد فتجتاحه موجة فرح عارمة إذ تُحمّل كلماته من المعاني ما لم يُحملها إياه فيكتشف أنّه نابغة وموهبة لها مكانتها المميزة والويل لمن سيحاول كسر عنجهيته بعد اليوم.‏

ومن المبكي حال أولئك الكتاب المساكين الذين تُنقد أعمالهم في طور ملل النقاد من المدح فقد أتى دور الإذلال والاتجاه بإهانات تدوي الصالون بانفجار معرفي وثقافي هائل فيتبادل الحاضرون مصطلحات نقدية قلما فهموا معناها وأدركوا أماكن استخدامها.‏

وبين الإلقاء والنقد لا بدّ من متحذلق ينوّه إلى حضارة الجلسة وضرورة الالتزام بمواعيد الاستراحة وشرب الشاي وتنظيم الوقت والملفت في هذا التنويه أنه من تخصص سيدة يستوي في محياها الكذب وادعاء المعرفة في آن معا ومن أدواتها نظارات مكبّرة للحروف تزيلها وتعيدها في عجلة من أمرها كإشارة لخضمّ أفكارها والزخم المعرفي الهائل بالبروتوكولات الخاصة بالصالونات.‏

وكم هو محظوظ الأديب الذي يثير بلبلة وقلقلة بين النقاد ويحضّهم على مقاطعة بعضهم البعض وتبادل نعوت ضعف التحليل والتركيب والعجز عن فهم العمق الأدبي والإنساني.‏

وبدوري ذُهلت لأهمية ذاك الصالون بإثبات عجزي عن كلّ سؤال اتجه به أحدهم إليّ بعد مغادرة المكان ربما لأنه نسف فكرة طفولة بريئة حملتها في رأسي منذ أدركت الحياة وهي أن الأدب إضافة جمالية للحياة فلماذا أضحى فرصة للقلقلة والمساومة المعرفية وإثبات الذات باستخدام الأضداد والمتناقضات الفكرية ؟ .‏

وشاءت لعبة القدر أن أدعى إلى صالون آخر قبل أيام قليلة وكان الخجل من رفض الدعوى هو دافعي الوحيد لتلبيتها.‏

دخلت المجلس باحثا عن ردهة تحليق إبداعي بعيدا عما رأيته في الصالونات السابقة ولكن من جديد كان متسلقو العمل الكتابي ومتشدقو الحروف غير الناضجة وأصحاب الآفاق الضيقة والتجارب الخجولة هم أقوى اللاعبين فيما كانت كلمات الوداع التي ألقتها صاحبة الدعوة على مسامعي الأقرب إلى خاطري وإن كانت أمنياتها بتكرار الحضور واهية ومستحيلة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية