حتى ان معارضا يزعم الليبرالية والتقدمية سن لسانه وشحذه بقوة ليقول ان مجموعة تابعة لكتيبة غرباء الشام وأحفاد الرسول وأحفاد عائشة وجبهة النصرة استقبلته شمال سورية بمودة كبيرة.
وحملت لهجة ميشيل كيلو الكثير من الدهشة حيث بدا غير مصدق ان من يحاول تلميع صورتهم لم يقتلوه رغم ولائه لهم والسبب ان الترضية التي قدمها لهم كانت مجزية عندما قال لوكالة انباء الاناضول ان جبهة النصرة لا تشكل تهديدا على الساحة السياسية في سورية ليتقاطع في ذلك مع دعاة الحرب والتدمير والتدخل الخارجي في مجلس اسطنبول وائتلاف الدوحة الذين لم يرق لهم وصف جبهة النصرة بانها ارهابية رغم انها تعترف بمسؤوليتها عن التفجيرات الارهابية ضد السوريين وخاصة التي طالت التجمعات السكنية ومؤسسات الدولة.
كيلو الذي وجد نفسه خارج حسابات السوريين لفقدانه المصداقية الوطنية وتعلقه بأذيال باريس صدم بتحولات المشهد السوري باتجاه الحل السياسي وبدل ان يبادر للانسجام مع دعوات الحوار وتبني الحل السياسي قفز إلى التطرف المسلح بعد ان تطرف سياسيا ولم يجد من ينقله إلى قلب الحسابات سوى جبهة النصرة فقرر ان يدفع الجزية وكذلك حصل ليعطي الجبهة شهادة حسن سلوك تناقضها العبوات الناسفة وقذائف الهاون التي سقطت على احياء دمشق ومنها الحي الذي كان يسكنه كيلو نفسه الذي لم يسمع تهديدات النصرة وشقيقاتها باستباحة مدينة السقيلبية فقط لانها لم تسمح لمقاتليها بالتمدد إلى القرى الامنة ولولا وجود الجيش العربي السوري وصمود ابناء المدينة لنفذوا تهديدهم.
وكان كيلو حريصاً على سمعة الميليشيات المسلحة ولا يهمه سواها اذ زعم انه التقى بالمسلحين شمال سورية ولمس انهم ليسوا كما تصفهم الولايات المتحدة بأنهم ارهابيون معتبراً ان الولايات المتحدة تعمل على اخافة السوريين من جبهة النصرة وادعي انه اقنعها برؤيته فلماذا لا يطلب منها وقف العنف والقاء السلاح والتوقف عن قتل السوريين وتدمير بناهم التحتية ولكن يبدو واضحا ان كيلو اقتنع برأي جبهة النصرة وليس العكس كما يزعم.
وكان كيلو اقرب إلى امير الحرب منه إلى السياسي عندما تحدث عن ادارة ما يسمى المناطق المحررة وأمنها عبر مجالس يتوافق عليها السكان والسؤال هنا هل تحررت هذه المناطق من العدو الاسرائيلي ام ان مرتزقة من كل اصقاع الأرض استباحوا حرماتها ولولا تصدي الجيش العربي السوري لهم لما تركوا اخضر ولا يابسا وهل سألهم عن تمثال ابي العلاء المعري لماذا قطعوا راسه وكيف يضرهم هذا التمثال.
وكان كيلو حريصا على التلاعب بالمشاعر عبر الحديث عن مكونات مختلفة للشعب السوري ليكرس انقساما لم يكن موجودا قبل فورته المزعومة فتارة يشير إلى صعوبة الموقف الكردي وأخرى يلفت إلى الخطر الطائفي وبدل ان يدعو للحوار يرقص على الدماء ويدعو للاعتبار مما سماه تغير موازين القوى في سورية.
ومن الغريب ان كيلو وجه مديحه لطرفين فقط هما جبهة النصرة والحكومة التركية وهاجم كل ما عداها حتى تيارات المعارضة الأخرى لم تسلم منه اذ اتهمها بانها لا تستند إلى حامل اجتماعي ولا تملك برنامجا سياسيا ليفهم من ذلك ان النصرة لديها برنامج مقنع له وربما اتحفته بميزات التجربة الافغانية او الصومالية او التجارب الحديثة في مالي وليبيا وكلها تجارب تنسجم مع الدولة الحديثة ومعايير التقدم والحرية والا لما اقتنع بها.
واذا كان لكيلو ما يضيفه فهو التذكير بعقليته الاقصائية فكل من يقف مع النظام هو شبيح وهؤلاء غالبية الشعب السوري حسب الاحصاءات الحيادية ومع ذلك يسمح فرد معزول يستجدي دورا من هنا وهبة من هناك بتقييمهم بدل ان يقبل بتقييمهم له.