تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تحوُّلاتْ المجنون

الملحق الثقافي
19-2-2013م
أحمد محمود حسن :إلى امرأةٍ بطعمِ الخبزِ

دافئةٍ كما تمُّوزَ‏

باردةٍ كعصفِ الرِّيحِ في كانونْ‏

إلى ليلى منَ المجنونْ:‏

سلاماً يا بني عامرْ،‏

سلاماً يا بني الأعمامِ‏

قد جفَّتْ ضروعُ الأرضِ‏

مات الوردُ في الأكمامْ،‏

أرادوا الحبَّ بترولاً‏

وفَحْماً حَوَّلوا الأحلامْ،‏

وإنِّي راحِلٌ عنكُمْ‏

لأرضِ محبَّتي في الشَّامْ.‏

••‏

إلى امرأةٍ كغصنِ الفجرِ‏

تِيْهَ الدَّلِّ والعجَبِ،‏

إذا هبَّتْ رياحُ الشَّوقِ‏

مَيسَ البانِ والقصبِ،‏

أُخَبِّئُها معَ الذِّكرى‏

وأُظهِرُها معَ العَتَبِ،‏

وأُشعِلُ شمعَ أحرُفِها‏

نجوماً في سما هُدُبي،‏

إلى امرأةٍ بطعمِ الحبِّ‏

عنها قيسُ لم يتُبِ.‏

••‏

إلى ليلى منَ المجنونْ:‏

رسالةُ أهلكُمْ وصلتْ‏

قرأنا بين أسطُرها‏

بأنَّ الخيلَ ما صهلَتْ‏

وأنَّ فوارِسَ الهيجا‏

عن الأوطانِ قدْ رحلَتْ‏

وأنَّ رجالكُمْ جَبُنوا‏

وأنَّ خيولكُمْ قُتِلَتْ.‏

••‏

إلى ليلى منَ المجنونْ:‏

سلاماً من ربوعِ الشَّامْ،‏

سليني كيفَ يا ليلى وصلتُ الشَّامْ‏

وأيُّ قوافِلٍ حملَتْ‏

جنوني فيكِ‏

طالَ الدَّربُ‏

طالَ الدَّربُ يا ليلى‏

وأغرَقَ وجديَ الطُّوفانْ،‏

هزمتُ الخوفَ طُولَ الدَّربِ‏

والقفراءَ،‏

والنَّفراءَ،‏

والذُّؤبانْ،‏

ونمتُ على الغضى حيناً،‏

على الأشواكِ أحياناً،‏

وكالأفعى..‏

على الكثبانْ،‏

سرحتُ معَ القطا يوماً..‏

وأيَّاماً معَ الرُّعيانْ،‏

ببعضِ الخُبزِ يا ليلى‏

شرحتُ الحوتَ،‏

والعذراءَ للرُّعيانِ،‏

والميزانْ،‏

بِمِلء فمي منَ الألبانْ‏

قرأتُ عليهِمُ شِعراً‏

تشيخُ وتهرَمُ الأزمانْ‏

ويخلدُ فيكِ يا ليلى‏

كما الإنجيلِ‏

والقرآنْ.‏

قطعتُ البيدَ،‏

والقفراءَ،‏

والنَّفراءَ،‏

يُفزِعُ منظري الشَّيطانْ،‏

وكنتُ أحسُّ أنَّ الحبَّ لا يحتاجُ‏

لا بيتاً،‏

ولا أهلاً،‏

ولا عنوانْ،‏

وأنِّي في طريقِ الشَّامِ‏

لا أحتاجُ نجمَ القُطْبِ يَهديني‏

ولا لمنارةِ الرُّبَّانْ،‏

وأنِّي في طريق الشَّامْ‏

كانَ اللهُ في عَوني‏

فكنتُ أُحِسُّ باطمئنانْ،‏

كنتُ أشمُّ ريحَ الخُلدِ‏

في النِّسرينِ،‏

في الجُوريِّ،‏

والرَّيحانْ،‏

سلامَ الحبِّ يا ليلى‏

سلامَ العاشِقِ الولهانْ.‏

••‏

أنا في نجدْ‏

لا آسى على شيءٍ‏

أنا من نجد‏

لم أحملْ معي شيئاً‏

سواكِ‏

سواكِ يا ليلى،‏

وريحَ صَبا،‏

وذِكرى...‏

ليس بالإمكانْ،‏

وباقي نجدْ...‏

للنِّسيانْ.‏

••‏

أنا في الشَّامِ يا ليلى‏

أمامي «سوقُ ساروجا»‏

يغَصُّ بأجملِ الأثوابْ‏

فيهِ الجنزُ،‏

البْروكارُ،‏

والتُّركالُ،‏

والصيني،‏

حريرُ الشَّامِ يملأُ أيَّما دُكَّانْ.‏

أنا في الشَّامْ،‏

أنا في السُّوقِ‏

حيثُ تَزَاحُمُ الأزمانْ،‏

فهذا الجامعُ الأمويُّ قدَّامي‏

سأدخُلُهُ،‏

فمنذُ هُنيهةٍ قد كنتُ في الحَمَّامْ‏

نظيفاً صرتُ من نجدٍ‏

ومن بيدائها العجفاءِ‏

من حطَبٍ،‏

ومن نارٍ،‏

وريحِ سَخَامْ،‏

أنا في الجامعِ الأمويِّ‏

حيثُ اللهُ والإسلامْ‏

أصلّيِ الجُمعةَ الغرَّاءْ،‏

هنا وجهَ الوليدِ أرى،‏

وأمَّ الجمعَ شيخُ هشامْ،‏

هنا أحفادُ عبد الله‏

والعبَّاسِ‏

صلَّى جعفرٌ فيهم لوحدةِ كِلمةِ الإسلامْ.‏

••‏

أنا في الشَّامِ منْ زَمَنٍ،‏

حَفِظتُ بها جميعَ مواضِعِ التقديس والإلهامْ،‏

أنا في الرَّبوةِ الفيحاءِ يا ليلى‏

مع الأصحابِ‏

ـ كم مقهى على بردى _‏

نُديرُ الرَّاحَ والأنخابْ،‏

دارَ الرَّقصُ...‏

يا اللهُ !‏

يا اللهُ كمْ هزَّتْ خُصُورُ الحُورِ ليلَ الشَّامْ !‏

أنا مع خيرةِ النُّدماءِ في أبهى جنائنها،‏

ينابيعُ منَ الصَّهباءِ في أرضٍ منَ الأقمارْ،‏

هنا للحُسنِ آلهةٌ‏

هنا لا يعبدونَ النِّفطَ والدُّولارْ،‏

هنا في الشَّامْ‏

ليتَ ترى رِيامُ البيدِ ما قد يخطفُ الأبصارْ،‏

ونحنُ الآنَ في فرحٍ‏

نُغَنِّي...‏

نُنشِدُ الأشعارْ،‏

ليالي الأُنسِ يا ليلى‏

ليالي الأُنسِ والسُّمَّارْ،‏

نامي الآنَ،‏

نامي واضبُطي المِرياعْ‏

على الرُّعيانِ،‏

والقطعانْ،‏

وحَلْبِ التَّيسِ في الأخبارْ،‏

هنا لا يحلبونَ التَّيسَ يا ليلى،‏

هنا لا يشربونَ العارَ في الأخبارْ.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية