تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مصر ونفاق الغرب

هآرتس
ترجمة
الأربعاء 16-2-2011م
ترجمة : ريما الرفاعي

تتسارع التطورات في مصر . وبعد لحظة ستحط في ميدان التحرير طائرات تقل باراك أوباما وأنجيلا ميركل ونيكولا ساركوزي وبنيامين نتنياهو. وسيرفع هؤلاء لافتات كتبت بسرعة ويلوحون بأيديهم في الهواء صارخين مع المتظاهرين « العالم يريد إسقاط مبارك».

لكن ، لندع النفاق جانباً، فالحديث يدور حول زعماء لا تصدر عنهم أي كلمة حول حلفاء آخرين في المنطقة يشبهون نظام مبارك. وهؤلاء الزعماء كانوا حتى قبل لحظة يعتبرون مبارك جزيرة سلام موالية للغرب وسداً منيعاً في وجه ايران . وفجأة أصبحت حقوق المواطن في مقدمة اهتماماتهم. وحرية التعبير وحرية التظاهر باتت كلمة السر لمن عارضوا بقوة نتائج الانتخابات في السلطة الفلسطينية، التي حملت حركة حماس إلى السلطة، ولمن يقفون اليوم شهود زور حول «الديمقراطية» الرائعة في العراق الممتزجة بدماء العراقيين .‏

الثورة أمر رومانسي. ومن المدهش أن نرى نساء محجبات إلى جانب رجال ذوي لحى شبابية، ومن ليس لديهم بيوت يحتفلون قرب أبناء الطبقة الوسطى، والمتدينين إلى جانب العلمانيين. هذه في الحقيقة ثورة مدنية تعكس قوة الجمهور وقوة التكنولوجيا الحديثة المعتمدة على الانترنت باعتباره مجال مقاومة، فاعلاً جديداً .‏

يمكن أن نجمع مبارك مع القذافي وعمر البشير ومحمود أحمدي نجاد، ونقدم نسخة جديدة ل «محور الشر» يقوم على أن الدولة التي لا تحترم حقوق الانسان أو التي تحتل شعباً آخر هي دولة إرهابية. لكن ما يحدث في مصر يجب أن يثير الخوف عند من يتمعن في الخريطة السياسية للمنطقة.‏

أخفقت مصر في عهد مبارك في حل الصراعات الإقليمية، من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني إلى الازمة في لبنان. ولم تستطع أن تمنع الحرب في العراق . كانت قوة مصر مبارك، الزعيم الذي يفتقر للعقيدة والذي سعى دائماً إلى إقامة توازنات، في إعطاء المسارات السياسية الشرعية أو سلبها هذه الشرعية. فرعاية مصر للمفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية، ودعمها للمبادرة العربية، وتأييدها لاستفتاء جنوب السودان، ودعمها للأردن في مواجهة الفكرة الاسرائيلية بشأن «الوطن البديل»، والنضال الذي لا هوادة فيه لمكافحة السياسة الايرانية، كل هذه الأشياء رسمت حدود السياسة المصرية في عهد مبارك والتي كانت ضعيفة الفاعلية بوجه عام.‏

اليوم، إذا أُبعد مبارك جراء ثورة لا في نطاق نقل منظم للسلطة حتى لو كان أطول مما يطلب المتظاهرون، فسوف تصبح مصر مختلفة ومنطوية على نفسها. ففي حين ستكون مشغولة بالصراعات الداخلية، وجمع التبرعات من أجل التغلب على الخسائر الضخمة التي سببتها الأيام الأخيرة ومحاسبة الولايات المتحدة، ستأخذ دولة أخرى مكانها في قيادة المنطقة. سوف تتقدم السعودية في أفضل الحالات (وهي دولة ديمقراطية على نحو رائع ) تعتمد في حمايتها على الولايات المتحدة. وفي أسوأ الحالات ستتقدم سورية بمساعدة المحور التركي العراقي الايراني الذي لم يتمكن حتى الان من تمرير برنامج عمله في الشرق الأوسط لأن مصر والسعودية صدتا بمساعدة دول الخليج ،عدا قطر.‏

ومن دون مصر مبارك، سوف تضعف جداً قدرة الغرب على الحديث عن «سياسة عربية» تجاه أي قضية. صحيح أن هذه السياسة كانت دائماً عبارة عن وهم، لكن العادة السياسية قضت بأنك إذا نجحت في إقناع مصر فإن أكثر الدول العربية ستتبعك.‏

مبارك لم يذهب بعد رغم الحجارة التي يرمى بها من واشنطن. يمكن فقط أن نتوقع ما الذي يشعر به نحو أوباما الذي جدد مبارك العلاقة به بعد خمس سنوات من القطيعة مع سلفه جورج بوش. لكن هذا الأمر أقل أهمية الآن. والسؤال كيف يشعر الآن كل زعيم مصري محتمل وكل زعيم عربي نحو واشنطن؟. أي درس تعلمه الزعماء المعتدلون الآخرون في المنطقة ؟.‏

وعندما تتكشف الولايات المتحدة الشعب المصري فجأة، وحتى لو لم يكن لها أي مصلحة سياسية أخرى في المنطقة، عليها أن تطمح إلى إجراء انتقال تدريجي كما يقترح مبارك. قد يرى هو الأمر أمر كرامة، أما بالنسبة لواشنطن والمنطقة، فتلك مصلحة استراتيجية.‏

 تسفي برئيل‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية