تاج حيدر.. حضور لا يحتاج إلى جواز عبور
فنون الأربعاء 16-2-2011م غصون سليمان حين تفرد خارطة الفن السوري أجنحتها على مجموع الأعمال الفنية بكل أشكالها وأبعادها، فإن لصناعتها الحصة الأكبر في ولادتها، حيث رأس المال البشري هو حجر الرحى في إظهار ما تريد إظهاره لحاجات المجتمع ومشكلاته، والسؤال المطروح أيهما يضفي على الآخر هيبة الفن وعمقه ومبتغاه هل هو النص قوياً كان أم متواضعاً ؟
هل هو المخرج ودرجات موهبته وإبداعاته أم الفنان الممثل ذاته..؟ قد يكون الجواب في توافر العناصر الثلاثة وإن كانت الغالبية ترجح على الدوام قوة النص، وقد يكون إحداهما هو الأقوى ، وربما يستطيع الفنان أو الفنانة أن يظفرا بحضورهما ومهارتهما بأن يرفعا العمل درجات إلى الأمام.
ما نريد تأكيده في هذه السطور هو إلى أي حد يبدو وجه الفنان وقامته وفهمه مؤثرات في الأعمال الفنية؟ وإذا ما أخذنا الفنانة الشابة تاج حيدر نموذجاً فإن براءة وجهها وطفولته تمنحانها جواز سفر عابر للحواجز والتأشيرات دون المرور إلى ورشة التجميل وإضفاء بعض الرتوش ، وهذا ليس إطراء أو مجاملة وإنما الكاريزما التي تمتلكها وتميزها هي التي توحي للمشاهد بذلك فهي واحدة من عشرات الفنانات والممثلات السوريات اللواتي أضفن باقة من تنوع الأدوار والجمال والذكاء وإبراز الفن الهادف إلى سلسلة حلقات الدراما السورية حيث جسدت تاج حيدر في أدوارها المختلفة أصنافاً متعددة للفتاة عبر مراحل متفاوتة في إطار مجتمعها الذي تعيشه فكانت الطفلة الناضجة ، المظلومة ، العاشقة الحالمة، المتمردة، ، الحكيمة، العفوية وغيرها الكثير من الصفات فقد أبدعت في مسلسل أهل الراية بدور قطر الندى والتي تجاوزت بشخصيتها حصار الظلم والقهر الاجتماعي حدود الزمان والمكان للمسلسل في بيئة معقدة من العادات والتقاليد وكذلك في قاع المدينة، وأعطت في مسلسل رجال الحسم على سبيل المثال لا الحصر البعد الجمعي لحالة النضج والإدراك والوعي لعنصر الوفاء والحب والصبر والألفة داخل الأسرة التي عانت من ظلم العدو الاسرائيلي وغياب الأخ الصديق والعاشق المتواري عن الأنظار والناصحة لابنة عمها والوقوف الى جانبها حيث تعرضت لخذلان من تحب ، كما استطاعت أن تجسد وعبر أدوار كثيرة أيضاً بوجه آخر أظهره مسلسل أبو جانتي الكوميدي بدور الأخت الظريفة الشقية، خفيفة الظل عبر أداء سلس بعيد عن التكلف والتصنع ما أعطى لعفويتها وكاريزما شخصيتها ومهارتها الفنية صكاً للولوج إلى العديد من الأدوار المعقدة التي تحتمل الصفات المركبة حسب مقومات النص ولغة بنائه .
ولعل ما يساعدها أيضاً للقيام بأدوار تناسب محيط شخصيتها ذلك السحر الذي تمتلكه الفنانة تاج حيدر إ ذ يختصره مساحة وجهها الذي يخبىء وراءه الطموح وصدق الإحساس والمشاعر الذي تبرزه نظرات العيون وقسمات الوجه في حالتي الفرح والحزن والتي ترمق في أفقهما الكثير من الخطوط والعناوين لأحداث العمل الذي توظفه محطات الدراما ، ومع كل ذلك فإن المطلوب بشكل عام من الفنان ألا يقف عند حدود الأدوار التقليدية المناسبة لسنه وعمره، وإنما يجرب في حدود الممكن كل ما هو مستطاع لتنوع واختلاف الأدوار بمعنى تقديم لوحات أخرى مغايرة تحرض على إيقاظ المواهب النائمة إلى حين...
|