قسوة درامية
مشاكسات الأربعاء 16-2-2011م فؤاد مسعد يبدو أن صنّاع الدراما بعد أن طرقوا العديد من الأبواب واستنفدوا العديد من الموضات الدرامية بدؤوا في السنوات الأخيرة يبحثون عما يمكن أن يحقق نوعاً من الصدمة باسم (الواقعية) أو الغوص إلى عمق المجتمع وتقديم الوجه الحقيقي له (!!.) لا أعرف لماذا هذه الأحداث التي نراها في العديد من الأعمال التي ينادي منجزوها أنها شديدة الواقعية والمعاصرة،
لا أجد أحداً بجواري يشبهها ، وفي أحسن الأحوال هي تعتمد على أرضية واقعية للشخصيات ليتم بعد ذلك الإبحار في القضايا المطروحة إلى مستوى يصل إلى مرحلة القسوة غير المبررة ، وهنا ليس المقصود بالقسوة العنف الجسدي ، وإنما العنف النفسي والذوقي واشتداد الصراع الذي يذهب فيه الكاتب إلى مكامن يرى أنها تحبس الأنفاس في حين أنها تحبس الروح وتزيد الهموم على كاهل المشاهد هموماً أخرى .
وبالطبع تلك الواقعية أو التي أرى أن جزءاً منها يُصنف تحت عنوان قسوة الدراما تتطلب جرأة في العديد من مشاهدها لتضفي نوعاً من المصداقية والقبول ، لا بل لتكون تلك الجرأة هي جواز مرورها إلى المشاهد بحجة أنها تخترق التابوهات والخطوط الحمر في حين أن العديد منها يخترق الذائقة الإبداعية وليس الجرأة ، فهناك اختلاف في مفهوم ووظيفة الجرأة بين صناع الدراما، فمنهم من يرى أن بمقدورها أن تسوق العمل وبالتالي يتطلب ذلك منها أن تكون صادمة وقاسية لتصبح أشد تأثيراً ، ومنهم يرى أنها غوص حقيقي ومنطقي لعمق المجتمع لتلقي الضوء على أسباب المشكلة المطروحة و تثير الأسئلة شرط أن تكون ضمن قالب إبداعي لا يخدش الذائقة أو الإحساس ، أي أن تأتي القسوة فيها غير منفّرة وبعيدة عن الفبركات والشحن العاطفي المجاني .
fmassad@scs.net.org
|