فلا يمكن تصور أن يكون موقف مصر تجاه سورية منساقاً وراء مواقف آخرين فالعلاقة بينهما لها خصوصية من نوع ما على طول التاريخ، هذا ما أكده الكاتب والصحفي المصري محمد حسنين هيكل في حواره مع صحيفة الأهرام.
هيكل قال: «لا أتصور أن مصر يمكن أن تقطع اتصالاتها أو علاقاتها السياسية والتجارية والثقافية مع سورية مهما كان أو يكن لأن سورية هي سورية بصرف النظر عن طبائع النظام الحاكم»، وأعلم أن هناك أغلبية واسعة في سورية لها تصوراتها ولها رؤاها ومطالبها، وأولها أن لا يحدث في سورية مثلما حدث في ليبيا وأنها لا تريد ربيعاً من صنع حلف الأطلسي وفي الوقت نفسه اعرف ما يكفي عن معارضين في الخارج وصلاتهم وعن حملة محمومة تشن بالمبالغة وبالتأكيد فإن لها أصلاً لكن عملية المبالغة والتهويل أكبر من الحقائق.
هيكل حذر من حدوث فراغ استراتيجي كامل في المشرق يمتد من شرق العراق إلى شاطىء المتوسط، وقال: أنا واحد من الذين يلمحون تأثير وجود تنظيم القاعدة في سورية ولست أعرف منطق الذين سهلوا للقاعدة أن تنفذ إلى سورية لكي تنسف وتقتل، مشيراً إلى أن شركة بلاك ووتر الشهيرة بتاريخها الخفي والدامي ببيع خدمات السلاح موجودة وإن باسم جديد حول سورية وفي داخلها أيضاً وان هناك قرابة 6 آلاف فرد يتبعون لها يوجدون على الساحة في الداخل والخارج.
وأوضح هيكل أن بعض الأطراف في حلف الأطلسي بما فيه تركيا أصبح لها موقف مختلف ولو جزئياً عن مواقف أطراف عربية وقال: «الغريب أن أطرافاً في حلف الأطلسي ذاته في دهشة من تحول بعض النظم العربية المحافظة فجأة إلى قيادات ثورية تقدمية تدعو إلى الثورة المسلحة» مضيفاً أن الحملة على سورية وعلى إيران توشك أن تحول الصراع الرئيسي في الشرق الأوسط من صراع عربي إسرائيلي إلى صراع طائفي وفتنة أخرى في دار الإسلام نفسه وفي قلبه واصفاً ذلك بالخطيئة الكبرى.
وقال هيكل متهكماً «اسمع مرات وزير خارجية السعودية يتكلم وأغمض عيني فيخيل إلي أن الصوت ليس لسيد محافظ من السعودية ولكنه لرمز الثورة العالمية ارنستو غيفارا».
وقد دعا هيكل جميع العرب إلى أن يسألوا أنفسهم قبل اتخاذ أي موقف: ماذا يجري بدقة؟! أين مصالح شعب هذا البلد وأمانه في ظروف الواقع؟! ما القوى المتصارعة فيه وأصحابها؟! ما المصلحة للدولة المعنية على المدى البعيد؟!
وختم هيكل حواره بقوله: إن صوتاً من الماضي لا يزال في سمعي وهو صوت جمال عبد الناصر يوم الانفصال يقول ليس مهماً أن تبقى سورية في الجمهورية العربية المتحدة ولكن المهم أن تبقى سورية وقال «هناك من يتدخل الآن في الشأن السوري بما يهدد بقاء سورية وهذا جزء من ملف خطير وبالغ الخطورة».