فرغم الحرب القاسية والمريرة التي تعرضت لها البلاد ومنها هذه المؤسسات وما أصابها من ضرر وأذى وتخريب وما لحق بها من حصار نهضت كطائر الفينيق وانتفضت ضد العبثية الظالمة وبقيت تعطي وتستمر في خدماتها المواطنين ولو أن هذه الخدمات تقلصت بعض الشيء أو لنقل تراجعت، فهذا أمر طبيعي جداً في مثل تلك الأحوال والظروف.
مؤسساتنا أثبتت وكما كانت ثقتنا بها أنها عصية على الانهيار والتلاشي ورسخت مفهوم المعادلة الثابتة وأن لا شيء من هذا وارد في قواميسها، فالتجارب السابقة والتجربة التي مرت بها خلال سنوات الحرب أكدت بما لا يدع مجالاً للريبة والشك بأنها قادرة على تجاوز الصعاب ومجابهة التحديات مهما كانت فرغم تعبها والخطر الذي كان محدقاً بها تسامت وضمدت الجراح وتعافت وانطلقت إلى ميادين العمل والإنتاج والعطاء.
وهنا لا بد لنا من التوجه إلى أصحاب القرار فيها ومن هم على رأس الهرم في إدراتها بأن يأخذوا هذه الأمور بعين الاعتبار وألا يقصروا في سبيل النهوض بهذه المؤسسات وتطويرها واتباع شتى الوسائل والطرق التي تجعل منها ملاذاً آمناً للمواطنين، فهناك العديد من المؤسسات الحكومية التي تعاني من ضعف أداء وترهل إداراتها ومزاجية العاملين فيها الذين يشكلون عبئاً عليها وعلى المواطنين الذين يراجعونها بهدف الحصول على خدماتها أو إنجاز معاملة ما فيها أو لطلب حاجة خدمية ضرورية وحساسة تقتضي السرعة والمتابعة وحسّ المسؤولية خاصة في مجال الصحة والتعليم والعدل وما شابه..!!
تخيل على سبيل المثال لا الحصر دخول مواطن بحالة إسعاف خطرة إلى مشفى ما ويبقى أياماً وليس ساعات دون متابعة حثيثة أو تواصل مع الأطباء الاختصاصيين فقط لإجراءات عادية روتينية، أو أن تحتاج لإنجاز معاملة محددة بهدف متابعة التحصيل العلمي كسفر مثلاً أو حتى مصدقة تخرج أو كشف علامات وما إلى ذلك وتبقى أسابيع وربما عدة أشهر كي تحصل عليها و... و.... الخ رغم أن الدولة تخصص ملايين الليرات بل المليارات في سبيل تأمين احتياجات المواطنين وخدماتهم وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالصحة والتعليم وغيرها..!!
إذاً نحن نحتاج إلى حسن إدارة، وحسٍّ بالمسؤولية، ومضاعفة واستثمار الكفاءات جميعها كي لا نبخس هذه المؤسسات حقها.