استغرقت مباحثات المنظمة الدولية مع الأطراف وعلى رأسها الحكومة السورية ثمانية عشر شهراً، مارست خلالها بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة شتى أنواع الضغوط على المبعوث الأممي ووضعت العديد من العراقيل لكنها فشلت جميعها في إعاقة تشكيل اللجنة أو في فرض صيغ تتنافى مع المصلحة الوطنية السورية.
مجرد تشكيل اللجنة يعني أنها تجاوزت تلك العراقيل ولكن التحدي اليوم أن تبقى اللجنة سيدة نفسها بعيدة عن الضغوط التي ستحاول الدول ذاتها ممارستها لتعطيل عملها أو حرفه عن مساره بما يحقق مصالح تلك الدول التي فشلت أدواتها الإرهابية في تحقيقها.
تشكيل لجنة مناقشة الدستور مهم، لكن الأهم أن يواصل الجيش العربي السوري بالتوازي حربه ضد التنظيمات الإرهابية وبسط سلطة الدولة على جميع أراضي الجمهورية العربية السورية، لتصبح مخرجات اللجنة أي الدستور المعدل قابل للتطبيق على أرض الواقع لأن تلك التنظيمات لا تفقه لغة الدساتير ولا تعيها.
وعلى الدول التي لطالما شرخت آذاننا بالحديث والمطالبة بتشكيل اللجنة كمسار للخروج من الأزمة، أن تتوقف عن ممارساتها ضد الجمهورية العربية السورية وأن ترفع الحصار الاقتصادي عنها وتوقف دعمها للتنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية، ليس هذا فقط، بل من واجبها أيضاً أن تساعد في عودة المهجرين السوريين إلى ديارهم ليكونوا شركاء في عملية إعادة البناء والإعمار بدل أن تعرقل عودتهم وتمارس الابتزاز بقضيتهم.
قطار اللجنة أطلق صافرته وربما ينطلق من محطته الأولى في جنيف نهاية الشهر المقبل، لكن أمامه محطات كثيرة، وقد يتعرض لعراقيل ومطبات تحاول إعاقة مساره وحرف وجهته، وعلى المنظمة الدولية التي أوكلت لها مهمة تسهيل الحوار السوري- السوري عبر هذه اللجنة أن تمارس دورها في منع الضغوط عليها أو التدخل في عملها للقيام بمهامها بكل مسؤولية واستقلالية، فهل تنجح؟.