تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وسائل الإعلام واللغــة العربيــة.. ثــراء هل نســتفيد منـه ..؟!

ثقافة
الاثنين 3-3-2014
دائرة الثقافة

يوم للغة الأم، ويوم للشعر، ويوم للرواية، ويوم للغة العربية وما إلى ذلك.. جميل أن نتذكر ونحن في زحمة الخطوب أننا نتكلم اللغة العربية، وأننا أبناؤها الذين لم يكونوا بررة بها، ولم يقدموا لها ما يجعلها أمّ اللغات ولا سيما بعد أن صارت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية مصدر وبال وتلوث لهذه اللغة...

بدلاً من أن تكون عاملاً موحداً في المصطلحات والمفردات، تقرّب لا تبعد، الإعلام الآن سلطة وفي مختلف المجالات تتمايز هذه السلطة بالأداء والوسائل... عقدت ندوات وحلقات دراسة، وصدرت كتب حول دور الإعلام في ارتقاء اللغة وصونها والحفاظ عليها..‏‏

‏‏

والمناقشات مازالت مستمرة وستبقى، ولكن ما فائدة الأمر إن لم نكن قادرين على تطبيق التوصيات ووضعها موضع التطبيق.. ومن الدراسات المهمة التي تناولت دور وسائل الاتصال الجماهيري ودورها في نشرلغة عربية فصيحة، دراسة أعدها مسارع الراوي ونشرت ضمن كتاب: اللغة العربية والوعي القومي يضم بحوثاً ومناقشات لندوة فكرية أقامها مركز دراسات الوحدة العربية، ومما خلص إليه الراوي قوله:‏‏‏

السؤال الذي يثار، بل يطرح نفسه للمناقشة، بعد هذه المقدمات واستقراء واقع الأنظمة الإعلامية في البلاد العربية: كيف يمكن توظيف وسائل الاتصال الجماهيري في تنمية الثقافة العربية وخاصة في نشر لغة عربية صحيحة موحدة ما يساعد على تقوية الروابط القومية بين البلاد العربية؟‏‏‏

إن الجواب عن هذا السؤال سهل وصعب في الوقت نفسه ولعل سهولة الإجابة عن هذا السؤال المطروح تأتي من الاعتراف بالواقع، وهو أن أجهزة الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري في البلاد العربية في وضعها الحالي، بحكم تبعيتها للأنظمة السياسية ووظيفتها في مسايرة رجال الحكم، غير قادرة على المساهمة الفعالة في تنمية الثقافة العربية ونشر لغتها وتيسير تعلمها أدباً ونحواً.‏‏‏

إن إجابتنا بصراحة عن السؤال بهذه الصورة قد لا تبعث على التفاؤل إلا أنها لا تنفي بأي حال من الأحوال وجود بعض المساعي الحميدة التي تقوم بها بعض أجهزة الإعلام في بعض الأقطار العربية في إعطاء أهمية لتنمية الثقافة العربية ونشر اللغة العربية، ولو بصورة محدودة ولفترات زمنية قصيرة، في محطات التلفزيون ودور الإذاعة ووكالات الأنباء والصحف المحلية.‏‏‏

أما صعوبة الإجابة عن السؤال المطروح فتكمن في السعي للانطلاق من الواقع المؤلم بعد فهمه بعمق وتحليله علمياً بتجنب الهروب من مشاكله أو الإذعان بالأمر الواقع المتحكم فيه، بقبول الحكمة القائلة ليس بالإمكان أحسن مما كان.‏‏‏

إن الانطلاق من مبدأ التكامل والأخذ بالنظرة الشمولية يتطلبان التأكيد على ضرورة إيجاد استراتيجية موحدة لأجهزة الإعلام ونظم التعليم على المستوى القومي والمستوى القطري في مجال تنمية ثقافة جماهيرية أصيلة، ونشر لغة عربية صحيحة موحدة. وهذا يعني إيجاد جو من التعاون والتنسيق بين النظام الأم المتمثل بالمدرسة بصفتها المؤسسة التربوية النظامية وبين وسائل الاتصال الجماهيري بصفتها أجهزة ثقافية معززة ومدعمة للعمل التربوي النظامي المباشر، والتعاون والتنسيق عمليتان إيجابيتان فيهما أخذ وعطاء في إطار من التغذية المتبادلة، ولكل من النظام التعليمي والنظام الإعلامي حقوق وواجبات.‏‏‏

فنظام المعلومات والإعلام يطالب النظام التعليمي ببعض الواجبات، والنظام التعليمي يطالب نظام الإعلام ببعض الواجبات أيضاً، ولكل منهما حقوق والتزامات، فأجهزة الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري تطالب النظام التعليمي بإعداد وتهيئة الأطر الفنية الكفوءة لتتولى قيادة وتسيير شؤون أجهزة الإعلام من تلفزيون وإذاعة وصحف على المستويات كافة: تخطيطاً وتنفيذاً وإشرافاً وإدارة، هذا بالإضافة إلى ضرورة المتابعة المستمرة في التدريب على الجديد والحديث في مجال تقنيات الإعلام والاتصال الجماهيري كما يطالب نظام الإعلام وأجهزة النظام التعليمي التحرر من التبعية والاغتراب في فلسفته وأهدافه وبرامجه ومناهجه، فالنظام الإعلامي يريد من المدرسة في البلاد العربية أن تكون عربية حقاً في أهدافها وسياستها، فتهتم بالثقافة العربية الإسلامية، وتغرس في المواطنين روح الاعتزاز بالقيم العربية الأصيلة، والاهتمام باللغة العربية وعاء فكرياً لهذه الثقافة الواسعة، فاللغة العربية تدرس في المدارس العربية على الرغم من كثرة حصصها في الأسبوع الواحد وكأنها لغة أجنبية في أدبها ونحوها وصرفها، وعليه فالمطلوب هو تيسير تعلمها وتبسيط أصول نحوها للدارسين لتشويقهم لها، وترغيبهم بها، كما أن المطلوب من المدرسة أن تتماشى مع التطور الحديث والتقدم العلمي في مجال استخدام التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال الجماهيري المتنوع، فتسعى لتوظيف هذه التقنيات الحديثة، والوسائل الإعلامية المتنوعة في طرق التدريس وأساليب التعليم الذاتي والمبرمج، وعملية انتقاء هذه التقنيات واختبار الوسائل يحددها عمر المتعلم وبيئته المحلية. إن الانتفاع من التقنيات الحديثة وتوظيف وسائل الاتصال الجماهيري في عمليتي التعلم والتعليم لا يقلل من شأن المعلم بل يعزز دوره ويعين في تحقيق رسالته وأهدافه في إحداث تغييرات سلوكية في شخصية المتعلم.‏‏‏

وإذا كنا قد تعرفنا على الالتزامات المطلوبة من المدرسة ونظامها التعليمي تجاه نظام المعلومات وأجهزة الاتصال في مجال تنمية الثقافة العربية ونشر لغة عربية صحيحة، فما علينا إلا أن نحاول إدارة الحوار حول التزامات وسائل الإعلام الجماهيرية في نشر لغة عربية صحيحة موحدة ما يساعد على تقوية الروابط القومية بين أبناء الأمة العربية.‏‏‏

ويجدر بنا في هذا المقام أن نؤكد على نتائج المسح الميداني الذي أجرته المنظمات العالمية وخاصة (اليونسكو) والذي كشف أن البلاد العربية فقيرة في استخدام أجهزة الإعلام وتكنولوجيا الاتصال في التعليم مقارنة بالدول المتقدمة بل بالدول المتخلفة في إفريقيا وآسيا ودول أميركا اللاتينية.‏‏‏

وتأتي أهمية وسائل الاتصال وتكنولوجيا الاتصال وفاعلية تأثيرها في الجماهير العربية في مجال تنمية الثقافة العربية ونشر اللغة العربية الصحيحة بحكم تفشي الأمية بين عامة الناس حيث وصلت نسبة الأمية إلى 50 بالمئة وبحدود ثلاثين مليون أمي.‏‏‏

أما النصف الآخر من المتعلمين الذين يملكون مهارات القراءة والكتابة، فيمكن توظيف وسائل الإعلام من صحف وإذاعة وتلفزيون، في التعاون مع المدرسة ونظامها التعليمي في تنفيذ استراتيجية موحدة هدفها تنمية الثقافة العربية ونشر اللغة العربية بين أبناء الأمة العربية لتقوية الشعور القومي وتكوين فكر عربي موحد، وهذا يتطلب إعداد برنامج خاص باللغة العربية والتفنن في إخراجه، بحيث يثير شوق القراء ويرغب المستمعين والمشاهدين، كما يمكن استخدام وسائل الإعلام كالتلفزيون في إعداد برامج تربوية خاصة بالأطفال ما قبل المدرسة وأثناء مرحلة المدرسة الابتدائية يكون التركيز فيها على استخدام اللغة العربية الفصحى الميسرة ذات النحو الواضح والأسلوب اليسير والمعاني المفهومة بعيدة عن الحشو والمفردات الغامضة. أما الطلبة في المراحل المتقدمة الأخرى، فيمكن أن توجه إليهم برامج في اللغة العربية - أدباً ونحواً وشعراً وتراثاً- بطريقة مباشرة وغير مباشرة، من خلال وسائل الاتصال الجماهيرية وأجهزة الثقافة.‏‏‏

إن المهم هو أن تكون الأهداف واضحة ومحددة وتكون البرامج ميسرة محتوى وأسلوباً، وطريقة إخراجها مشوقة، وأن يكون مقدمو هذه البرامج التربوية أصحاب خبرة وكفاءة وقدرة لغوية يمثلون نماذج يقتدى بها في التعبير واختيار المفردات وتفهم المعاني واستيعاب الأفكار وفهم القواعد والأصول النحوية واللغوية، ولابدّ من العمل على تحقيق الأهداف التالية التي أقرتها معظم مؤتمرات المجامع اللغوية:‏‏‏

- أن تيسر وزارات التربية في البلاد العربية تعليم النحو فيما تعده لطلابها من كتب في قواعد اللغة العربية.‏‏‏

- أن تهتم وزارات التربية في البلاد العربية بدروس المطالعة في تعليم اللغة العربية لطلبتها مع تقديم مختارات من النصوص القديمة الملائمة لمستواهم.‏‏‏

- أن تعتني الجامعات والمعاهد في البلاد العربية باستخدام اللغة العربية في تدريس المواد الدراسية (تعريب التعليم الجامعي).‏‏‏

- أن تعود الصحف العربية إلى تقليدها القديم في تكليف مراجعين متخصصين في اللغة العربية يطمئنون إلى صحة ما يقدم للنشر من مقالات ومواد صحافية.‏‏‏

- ضرورة التزام وسائل الإعلام بقواعد اللغة العربية ونطق الكلمات نطقاً سليماً وإعداد من يضطلع بذلك لغوياً وصوتياً.‏‏‏

- العناية بإحياء التراث العربي وإعداد المؤهلين له وبسط مداه.‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية