بين قيمة الفن الموسيقي وقيمه
فنون الأربعاء 13-2-2013 علي الأحمد سعى الموسيقي في كافة الأزمنة ، الى أن تتحقق قيمة الفن الموسيقي في بعده التعبيري الحداثي عبر حالة من الكشف والقراءة الجوانية المحضة التي تضيء سر الجمال في النغم والايقاع
كما في الأبعاد الجمالية والذوقية التي تأطرت ضمن معايير نقدية وتراكمات فكرية ومعرفية رأت في هذا الفن طريقا ومسارا ثقافيا يغني ويثري الحياة بكل ما هو جميل وجليل .
ومن أجل هذه الفرادة في قيمة الموسيقى نراها تأخذ حيزا كبيرا وممتدا في بحوث المفكرين والفلاسفة ممن اقترب كثيرا من أسرارها الخبيئة وأضاء وجه السحر والغموض فيها بما جعل منها فنا أثيرا لدى الانسان في كل زمان ومكان ،فقد عدها الفيلسوف الاغريقي بمثابة عنصر مهم من عناصر فهم الكون حيث يلعب العدد والنغم الدور الأساس في بناء معمار هذا الفن كما نرى عند «فيثاغورث » وأتباعه وهو ما امتد أيضا الى بحوث الفلسفة العربية القديمة مع الكندي والفارابي وابن سينا وجماعة اخوان الصفا وغيرهم في تأكيد على قيمة الدور والرسالة الانسانية العالية التي لخصها الفيلسوف « الكندي » حين قال :الموسيقار الباهر الفيلسوف يعرف ما يشاكل كل من يلتمس إطرابه من صنوف الإيقاع والنغم والشعر ،مثل حاجة الطبيب الفيلسوف إلى أن يعرف أحوال من يلتمس علاجه وحفظ صحته .وهكذا أثمرت العلاقة مابين العدد والنغم وما تلاها من فتوحات ممتدة في البحث المعمق في دراسة الصوت الطبيعي وتصانيف الآلات الموسيقية وتفكيك الخلايا النغمية ودراسات السلم الموسيقي وقراءات متعددة في منظومتي المقام والايقاع إلى ولوج هذا الفن ميدان العلم المنهجي الذي حقق منجزا وعطاءات مشرقة في التأليف والكتابة العلمية المبنية على بحوث مستفيضة ودراسات معمقة وضعت الموسيقى كعلم وفن في قلب الحداثة والتجديد الذي بدأ مبكرا مع الأمير ابراهيم بن المهدي رائد مدرسة التجديد في الموسيقى العربية القديمة وارتحالات “زرياب “في بلاد الأندلس وإغناءات «الأرموي» في البحث العلمي وغيرهم من مبدعين ورواد حافظوا على قيمة هذا الفن وقيمه الانسانية المنشودة في كل أزمنته الابداعية السامقة .
هذه القيم النبيلة تناولتها الكتابات الموسيقية المعاصرة في كثير من منتوج الفن الحديث والحداثي بمعناه الابداعي وليس الزمني بالرغم من سطوة وحصار اللغة التجارية التي تسفه هذه القيم وتحاول أن تطردها من المشهد الموسيقي السائد وهي كتابات تحاول وتسعى الى تغيير الكثير من الحقائق القديمة التي لم يعد لها مكان ومكانة في هذا المشهد وهوما توفره الموسيقى التعبيرية التي بدأت مسارها الابداعي مع العديد من الموسيقيين ممن آمن بالحداثة كنهج عقلاني يقود الى بوابة المستقبل المنشود .
|