شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا عنيفا للإرهاب بشقيه المسلح والإعلامي، حيث تكفل المسلحون على الأرض بتنفيذ عدد من التفجيرات الإرهابية التي استهدفت موظفين ومواطنين مدنيين في عدد من المناطق متسببة بمقتل وجرح المئات، في حين تولّى الإعلام العربي المتصهين الشريك بهذه الجرائم بث حملات التضليل والافتراء من أجل رفع معنويات أدواته الإرهابية المنهارة بسبب الضربات التي وجهها أبطال الجيش العربي السوري ضد بنية وأوكار الجماعات المسلحة ومتزعميها في العديد من المناطق السورية وخصوصا في محيط العاصمة دمشق.
فعلى مدى أيام خلت جرّب المسلحون كل ما بحوزتهم من أفكار وأساليب إرهابية وحشية لنقل صورة مختلفة عن وضعهم البائس، وإحداث ثغرة في جدار فشلهم المتكرر أمام صمود الدولة السورية بشعبها وجيشها ومؤسساتها، لكن خزعبلاتهم الفارغة في إطار ما يسمى «تحرير دمشق» أو «ملحمة دمشق» سقطت عند أقدام أبناء الجيش العربي السوري المصممين على حماية الأمن والاستقرار والدفاع عن الوطن والمواطنين، وبفضل تعاون الأهالي الغيارى على وطنهم ومؤسساته، فانقلب السحر على الساحر وتلقى الإرهابيون ضربات قاسية من شأنها أن تعجل بانهيارهم واستسلامهم، ومن ثم استعادة السلام والأمان في المناطق التي عاث فيها الإرهابيون فسادا وانحطاطا سواء في محيط العاصمة أو في ضواحيها وريفها أو في بقية المناطق، وفي الجانب الآخر كان الإعلام العربي الشريك بقتل السوريين وتخريب بلدهم يواصل هذيانه المعتاد على أمل أن يعلق في الذاكرة الدولية والمحلية بعض ما يتم تلفيقه من أخبار وأكاذيب تصنع لهذا الإعلام مواد تغطي ساعات بثه الفضائي المملة والمكرورة.
غير أن التطورات الميدانية الأخيرة أثبتت من جديد أن الدولة السورية القائمة بمؤسساتها الشرعية مازالت قوية وقادرة على امتلاك زمام المبادرة في كل ما يخصها محليا وعربيا ودوليا، فالثبات والرؤية الواضحة اللذان بدت عليهما سورية وقيادتها منذ بداية الأحداث ما زالا كما هما دون تغيير لا بل يمكن القول إنهما تعززا أكثر فأكثر، حيث بقي مشروع الحل الوطني المرتكز على المصالحة والإصلاح والحوار ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب هو المشروع الأوحد الذي يعكس تطلعات الشارع ويلبي طموح الغالبية العظمى من أبناء شعبنا، في حين أن السقوف المرتفعة التي وضعها الغرب وأدواته في داخل سورية وخارجها بدأت بالسقوط والتلاشي، فمن كان يتحدث عن أيام معدودة لإسقاط الدولة السورية ويضع جداول زمنية من وحي خياله لهذا السقوط غير لكنته وخفّض نبرته وراح يتحدث عن الحوار والمفاوضات وشيئا فشيئا تخلى عن شروطه التعجيزية، وهذا ما كان ليحدث أو يتم لولا صمود السوريين واحتضانهم لدولتهم ومؤسساتهم وعلى رأسها الجيش العربي السوري البطل الذي ظل على الدوام عنوان وحدة وقوة سورية ومصدر اعتزازها وفخرها.
وبناء على ذلك بدأت الأجواء الدولية الملبدة بالتغير والانكشاف لمصلحة عودة الأمن والاستقرار في سورية واتاحة المجال أمام السوريين لتخطيط مستقبلهم، لتسقط الكثير من الرهانات الخارجية ومن بينها التدخل الخارجي المباشر لدعم المسلحين، كما سقطت رهانات الغرب على نجاح الجماعات المسلحة في حسم المعركة لمصلحتها ضمن الجداول المعلنة، كما سقط رهان جوقة العملاء في مجلس اسطنبول والدوحة وتل أبيب على تغيير مواقف كل من روسيا والصين وإيران وبعض الأصدقاء الأوفياء للشعب السوري، بينما تمسك بعض الصهاينة العرب بأدوارهم القذرة ورهاناتهم الفاشلة حول تدمير سورية وضرب عوامل صمودها وقوتها لكي تتخلى عن مواقفها القومية المشرفة وتلتحق بزمرتهم الاستسلامية الخانعة والتابعة للإرادة الأميركية والصهيونية، وانسجاما مع هذا الرهان الخاسر دافع إعلامهم المأجور عن العدوان الإسرائيلي على مركز البحث العلمي في منطقة جمرايا، وتبنى جملة وتفصيلا الرواية الإسرائيلية حول استهداف الطيران الإسرائيلي لمنظومات دفاع صاروخي كان يجري نقلها إلى حزب الله في لبنان.
ورغم الصمت الإسرائيلي المعتاد إزاء هذه الاعتداءات والتي مردها التوجس والخوف من عواقب الرد السوري، فقد تبرع الإعلام «الجهادي» للدفاع عن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة باعتبارها كانت تستهدف شحنات من الصواريخ الروسية المتطورة المضادة للطائرات والتي كان وقوعها في أيدي حزب الله سيؤدي حسب إعلامهم إلى نزع وإنهاء سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي على الأجواء اللبنانية، وهذا من المحرمات بالنسبة إليهم لأنه سيغير قواعد اللعبة التي يستسلم المستعربون العرب لشروطها، ألا وهي ضمان تفوق إسرائيل أمام كل من يقاومها ويحدّ من عدوانها وإرهابها، فهؤلاء الأعراب أخذوا على عاتقهم حماية أمن إسرائيل ولو اضطرهم الأمر لضرب وتفتيت دول عربية أخرى كما حدث مؤخرا في ليبيا وكذلك في تحالفهم مع الأميركيين أثناء غزو العراق وفي تآمرهم مع إسرائيل خلال عدوان تموز عام 2006 وما يجري اليوم في سورية، أو اضطرهم ذلك لخلق عدو آخر كإيران والتحالف مع الشيطان لإلحاق الأذى بها كما هو حال موقفهم من برنامجها النووي السلمي وتحريضهم المستمر ضده.