تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تظاهرة العصر الذهبي لهوليوود ...درر السينما الأمريكية في دمشق

الملحق الثقافي
الثلاثاء 15-5-2012
إدريس مراد:تظاهرة سينمائية أخرى تقيمها مؤسسة العامة للسينما تحت عنوان «العصر الذهبي لهوليود» لتضع من خلالها أهم وأفضل أفلام هوليود لفترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات أمام جمهور الفن السابع في دمشق،

حيث عرض في صالة الكندي وعلى مدى عشرين يوماً أربعين فلماً بين ما هو ملحمي واجتماعي وتاريخي ورعاة بقر، وبالتالي تكون تشكيلة واسعة ترضي كل الأذواق وجاءت اختيارات المؤسسة للأفلام صائبة من حيث التنويع بين أسماء أهم المخرجين والممثلين وأهم المدارس والموضوعات التي تناولتها السينما الهوليودية في زمن غزت فيها صالات العالم، وفي فترة كان هناك مكان ما للسينما الواقعية والتي كانت تعارض سياسات أمريكا ذاتها.‏

الفساد في مجلس الشيوخ‏

ومن الأفلام المميزة التي عرضت كان «السيد سميث يذهب إلى واشنطن»، وهو من إخراج»فرانك كابرا»، يعتبر الفيلم واحداً من أقدم الكلاسيكيات التي بقي تأثيرها حتى هذه الأيام، رغم أنه من إنتاج سنة 1939 إلا أنه ما زال قادراً على اكتساح عقول المشاهدين بقصته البارعة وإخراجه المتقن، وتمثيله الخارق من قبل النجم «جيمس ستيورات».‏

تدور قصته حول «جيفرسون سميث» وهو رجل مستقيم في حياته، يتم ترشيحه ليتولى منصب سيناتور في مجلس الشيوخ الأمريكي، وتوقع رجالات السلطة في أمريكا أنه سيكون سهل الانقياد لهم، ولن يكون أكثر من لقمة سائغة في وجه مخططاتهم الاستغلالية الفاسدة. إلا أنه يكتشف خيوط الفساد التي تمتد في كل مكان لتضع كل رجل في مجلس الشيوخ تحت سيطرة قلة قليلة من الرجال المتسلطين التي لا تشبع من نهب البلاد واستغلال كل مقدرات الشعب ومشاريعهم لخدمة مصالحهم الشخصية. ولذلك يكون على السيد «سميث» مواجهة نظام كامل من العقليات المتحجرة والرجال المسيطر عليهم لإثبات أنه على حق قبل أن يتم الإطاحة به بشكل قذر يليق بدناءة الرجال الذين استولوا على كل شيء في البلاد.‏

قصة الفيلم رغم قوتها بسيطة بشكل كبير وليست بالتعقيد الذي تعودنا عليه في أفلام توصف بأنها سياسية، القضية ربما لا تهم الكثيرين إلا أنها قادرة على كسب احترام المشاهد منذ بدايات الفيلم وجذبه إلى قصة استثنائية يمكن اعتبار بطلها رجلاً من عامة الشعب، وفي نهاية الفيلم وقف السيد «سميث» بعد أن ألقى في مجلس الشيوخ خطبة فضح خلالها ممارسات كل رجل فاسد في السلطة وذكر المسؤولين بواجباتهم نحو المواطنين والبلاد. ثم جاءت أكوام الرسائل من المواطنين، اقترب السيد «سميث» من هذه الأكوام، فتح إحدى الرسائل، اكتشف التزوير، ورأى بأعينه قتل الحرية وقمع الشرفاء، نظر حوله فرأى المجلس بأكمله يتضاحك من حوله.. لا يوجد أحد معه.. حتى صديق والده قام بخيانته.. نظر إليهم نظرة متحسرة أخيرة، ثم هوى إلى الأرض.‏

الغناء تحت المطر‏

وفيلم آخر جاء بعنوان «المدينة»، صامت من إخراج «فريتز لانج»، من إنتاج 1927 وكتب له السيناريو كل من «ثيو فون هاربر، فريتز لانج»، ومن بطولة «ألفريد أبيل، وبريجيتي هيلم، وغوستاف فروهليتش»،‏

يجسد الفيلم مدينة المستقبل وكيفية عيشها في ظل التطور الصناعي والتقني والآلي حيث تنقسم هذه المدينة إلى جزأين الأول وهو عن العمال الذين يعيشون تحت سطح الأرض، والجزء الثاني هو جزء الطبقة البرجوازية التي تعيش فوق سطح الأرض، فنجد العمال يعيشون تحت وطأة الفقر بينما نرى أسيادهم يتمتعون بما تحققه جهودهم، ومن خلال الأحداث نجد شاباً ينتمي للطبقة العليا يهجر حياة الترف لينضم إلى العمال، بعد أن أحب واحدة منهم لتتحول القضية إلى صراع ثوري بين الطبقتين يورث تصادماً بينهما.‏

ومن الأفلام المرحة والشاعرية كان «الغناء تحت المطر» إنتاج 1952، كوميدي غنائي راقص، كتب هذا الفيلم مباشرة للسينما وعرض على الشاشة أولاً قبل أن تتخاطف قصته مسارح «برودواي»، وهو أحد أبرز أفلام هوليوود الموسيقية واشترك في إخراجه وتمثيله مصمم الرقص «جين كيلي» ويوصف بأنه متعة خالصة للعين والأذن، وفي لقطة مدهشة جميلة نرى «كيلي» يغني ويرقص تحت المطر المتدفق بعد لحظة دافئة يقضيها مع النجمة «ديبي رينولدز» التي يقع في حبها حتى الجنون، وعلى رغم أنه يحمل مظلته ولكنها تبقى مغلقة، وهو يشق طريقه في برك الماء في كل اتجاه متأرجحاً حول أعمدة المصابيح، إنه فيلم محاكاة ساخرة وشديدة الطرافة لكلا نوعي الأفلام السينمائية الصامتة والناطقة على حد سواء.‏

الثأر والسرقة‏

وحدث آخر مع فيلم «عزيمة حقيقية»، يحكي عن الغرب الأمريكي ولقد تم إنتاجه في عام 1969 للمخرج «هنري هاثواي» ولعب بطولته «جون وين» أو «الدوق» كما لقبه،‏

وحصل على أوسكار عن هذا الدور، تبدأ أحداث الفيلم بمقتل تاجر ثري، على يد لص محترف، حيث تقرر ابنته «ماتي روز» وهى في الرابعة عشرة من عمرها أن تثأر لوالدها فتستأجر أحد رجال الأمن المشهود لهم بالحرفة والقدرة على تتبع المجرمين، ليعمل لحسابها مقابل مبلغ من المال، وتشترط عليها أن تصاحبه في رحلته حتى ترى بعينيها مقتل الرجل الذي قتل والدها لتشفي غليلها منه، وتسير الأحداث على طريقة أفلام الكاوبوي، حيث تلتقي الفتاة برجل يساعدها على تحقيق هدفها وتنشأ بينهما علاقة أبوية جميلة تغير من شخصية الرجل الذي كان يسعى فقط للحصول على المال.‏

وأيضاً كان موعد مع فيلم «الصقر المالطي»، من تأليف وإخراج «جون هيوستون» مقتبس عن رواية «داشيل هامتس» تحمل ذات الاسم، قام بدور البطولة فيه الظرفاء الذين مثلوا في الكثير من أفلام شركة «ورنر براذرز»، فجسد دور الرجل السمين الممثل «سيدني غرينستريت» والذي ينصح بالخيانة والخداع، وأدى «بيتر لور» أهم دور في حياته كما يعتقد وهو المجرم التافه، أما «همفري بوجارت» فقام بدور التحري الخاص العملي والخشن، وقد اتفق الجميع على سرقة تمثال صغير لطائر أسود مليء بالجواهر الثمينة.‏

الأوسكار بفضل كابرا‏

ومن الأفلام المميزة التي عرضت في هذه التظاهرة كان «السيد ديدز يذهب إلى البلدة»،‏

من إخراج عملاق هوليوود «فرانك كابرا»، كتب له السيناريو «روبرت ريسكين» عن قصة للكاتب «كلرانس بادينغتون»، وأنتجته هوليوود عام 1936. ويذكر أن في هذه الفترة تم إضراب الكتاب في هوليوود وكان الأخطر في تاريخها وكادت الأكاديمية الأمريكية للفنون وعلوم السينما أن تعلق أعمالها تضامناً مع الكتاب المضربين، إلا أن كابرا تدخل وترأس الأكاديمية بنفسه بتلك الفترة وحرص على استمرار جوائز الأوسكار حيث استضاف الحفل بنفسه وأشرف عليه، وبعد أن انتهت الأزمة ترك الأكاديمية، وبذلك تدين هوليوود لكابرا باستمرار الأوسكار إلى يومنا هذا، وباستمرار هذا المهرجان الأهم على مستوى العالم.‏

وأثناء رئاسة كابرا للأكاديمية أخرج فيلمه المذكور الذي يتحدث عن شخص ساذج وبريء يرث مبلغاً كبيراً من المال وينتقل للمدينة حيث يصاب بصدمة الحياة المدينة القائمة على المصالح والتي تفتقد للمبادئ البسيطة التي يتربى عليها الأطفال. الفيلم من بطولة «غاري كوبر، جين آرثر»، وحصل على أوسكار أفضل إخراج.‏

ولقاء آخر كان مع فيلم «حول العالم في ثمانين يوماً» إنتاج عام 1956 من إخراج «مايكل أندرسون» مأخوذ من رواية للمؤلف «جول فيرن» ويلعب الأدوار الرئيسية فيه كل من «جين كيلي، كانتينفلاس، روبرت نيوتون، شارل بوير»، وتدور أحداثه في عام 1872،‏

حيث يراهن فوغ عدداً من زملائه في نادي الإصلاح اللندني بمبلغ عشرين ألف جنيه على أنه يستطيع القيام بجولة حول العالم بثمانين يوماً، ينطلق فوغ في رحلته العالمية من باريس بواسطة المنطاد مصطحباً معه خادمه الذكي باسبارتو، في تلك الأثناء يشتبه بأن فوغ قد سرق مبلغ الرهان من مصرف إنكلترا فيقوم مدير المصرف بإرسال المفتش النشيط «فيكس» لإحضار فوغ للمثول أمام العدالة، أثناء تنقل فوغ من مكان إلى آخر في أصقاع العالم، يتوقف في إسبانيا حيث يشترك باسبارتو في مباراة مصارعة الثيران، وفي الهند يقوم فوغ وباسبارتو بإنقاذ الأميرة الأرملة الشابة «عوده» من محاولة إرغامها على الانتحار كي تنضم إلى زوجها الراحل إلى العالم الآخر، وترافق الأميرة الرجلين في رحلتهما عبر هونغ كونغ واليابان وسان فرانسيسكو ومناطق الغرب الأمريكي، وقبل ساعات قليلة من فوز فوغ بالرهان يلقى القبض عليه، وبالرغم من إثبات براءته من تهمة سرقة البنك إلا أنه يخسر كل شي باستثناء حبه للأميرة الجميلة، في حوزة فيلم «حول العالم في ثمانين يوماً» خمسة أوسكارات بما فيها جائزتا أفضل فيلم وأفضل تصوير.‏

خسارة مالية كبيرة‏

«إنها حياة رائعة» عنوان فيلم أخر من تظاهرة العصر الذهبي لهوليوود، من إنتاج 1946،‏

إخراج «فرانك كابرا» وكتب السيناريو كل من «فرانسيس غوودرريتش، ألبيرت هاكيت» عن قصة قصيرة للكاتب «فيليب فان دورين ستيرن»، ومن تمثيل «جيمس ستيوارت، دونا ريد، لايونيل باريمور، توماس ميتشل، هنري ترافيرس، بيولاه بوندي..»، تدور الحكاية في عشية عيد الميلاد من عام 1946 حيث يتوجه سكان بلدة بيدفورد فولز الصغيرة بالدعاء إلى السماء لمساعدة «جورج بيلي» عندما يواجه خسارة مالية كبيرة تؤدي إلى اعتقاله، فيتم إرسال الملاك «كلارنس اودبادي» الذي ما يزال بحاجة لاكتساب جناحي الملاك لمساعدة بيلي في محنته، لكنه ينبغي أن يعرف كل شيء عن بيلي، فيخضع كلارنس قبل هبوطه على الأرض لدورة مكثفة حول حياة جورج الذي نشأ في هذه المدينة الصغيرة ويحلم بأن يغادرها في يوم من الأيام ليتعرف على العالم الواسع، وطبيعة عمل عائلة «جورج» هي التي تقف حائلاً بين السكان الصالحين و»بوتر» الرجل البخيل واسع الثراء الذي يستمتع بسلب الناس ولا يأبه لما قد يحصل لهم، كان جورج يرتب أموره لمغادرة المدينة لولا وفاة والده، فاضطر للاهتمام بشؤون العمل بنفسه، ويبدو أن مخططات جورج لمغادرة البلدة يكون نصيبها الفشل دائماً وهذا ما يجعله يجزم بأنه فاشل ويقرر الانتحار، وهنا يتدخل كلارنس ويحاول إقناعه بأنه حقق أشياء مهمة وبأن حياته رائعة.‏

الملك آرثر مرة أخرى‏

وكانت قد افتتحت واختتمت أيضاً هذه التظاهرة بفيلم «كاميلوت» إنتاج هوليوود عام 1967 من إخراج «لجوشوا لوغان» ونال أوسكار أفضل تصميم فني وأفضل موسيقا وهو من الكلاسيكيات الهوليوودية الخالدة التي ناقشت أسطورة الملك البريطاني آرثر الذي يتعرض لمؤامرة تمس عرشه من خلال علاقة بين زوجته وصديقة لانسلوت فيلجأ بعد تفكير طويل ومعاناة نفسية شاقة إلى فرسان الطاولة المستديرة الذين ينقسمون بين الملك ولانسلوت لتكون النهاية هي الحرب ضد الصديق الخائن. ويعود الفيلم بأسلوب الفلاش باك إلى بدايات حياة الملك وعلاقته بزوجته جينيفيري بعد أن يلهمه الساحر ميرلين بأساس مشكلته من خلال قراءة تاريخ حياته بشكل صحيح لنجد أن الحرب هي القرار الأخير الذي يتخذه الملك تجاه مأساته.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية