تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نائمون

الملحق الثقافي
الثلاثاء 15-5-2012
مانيا سويد

نعم.. مثقفونا نائمون، بل يغطون في سبات عميق، وفي الأوقات التي يفيقون فيها لسويعات قليلة يبحثون عن أمور لا علاقة لها بالواقع، وإذا بحثوا في بعض الواقع فإنهم يختارون الأقل أهمية قياساً إلى الراهن،

يحلو لهم التغريد والتحليق أحياناً خارج السرب، وكأن شيئاً في القضايا الأهم، قضايا الساعة، يخيفهم، أصبحوا مترقبين، لا يريدون أن يورطوا أنفسهم في تبني قضية بعينها فتأتي النتائج على غير ما يشتهون. حاولت مراراً أن أبرر لهم موقفهم حين سيطرت حالة من الحزن الشديد والرغبة في الانطواء عليهم بسبب ما يجري في مجتمعاتنا، لكنني وجدت أن ذلك العذر غير مقبول عقلاً ومنطقاً لأن الطبيب الحق لا يكتفي بالحزن لرؤية مريضه يتألم لكنه يعد عدته لمعالجته وتخليصه من ألمه.‏

مثقفونا ينتظرون النتائج عوضاً عن أن يقدموا الفكر الذي يفترض أن تبنى عليه النتائج.. يختلسون النظر من خلف الستار ليروا آخر التطورات وقد قرروا ألا يزيحوا الستار إلا بعد انتهاء الأحداث وتخييم الهدوء، توقفت ألسنتهم عن الكلام، وتمردت أقلامهم على الحق، تعطلت عندهم كل الحواس إلا حاسة البصر، ويحزنني القول إن الاستمرار على هذا الحال يعني خلع عباءة الثقافة عن كل من أصر على البقاء مشاهدا فحسب.‏

ومع إيماني بكثرتهم ووفرتهم في كل الفنون والآداب قد يرى البعض أن هؤلاء مجرد فئة قليلة لا تأثير لرأيها ولا حجة في وجهة نظرها وأن ظهورهم واختفاءهم سواء، لكن هذا الرأي مردود ولا يمكن قبوله ولو جزئياً، فالحديث لا يجري عن فئة مجتمعية زائدة ولا عن جماعة ذات طابع موسمي، بل عن ركن أساسي من أركان المجتمع، من دونه لا يكتب لقيم نبيلة أن تنتشر ولا لأخلاق سامية أن تعم، فكيف نتصور أن يكون هذا الركن معطلاً، ليس عندي شك في أن تفاقم أزماتنا وتصاعد خلافاتنا ما هما إلا ردتا فعل حتميتان لانعزال المثقفين وتواريهم عن الأحداث وعزوفهم عن قول كلمة الحق.‏

المثقفون تركوا الساحة لمن توهموا أنهم حاملو لواء الثقافة، ليغتنموا، بل لينتهزوا، الفرصة فيرفعوا أصواتهم بفكر أجوف عقيم، وفي كثير من الأحيان بفكر هدام مبني على جهل وسوء تقدير، فبعض ممن أعجب به الناس مطرباً، مع تقديري واحترامي لموهبته الغنائية، صنف نفسه على غير الحقيقة مثقفاً، وبعض ممن تابعه الناس ممثلاً، مع تقديري واحترامي لموهبته التعبيرية، صنف نفسه على غير الحقيقة مثقفاً، وبعض ممن حقق شهرة في ملاعب كرة القدم، مع تقديري واحترامي لموهبته الرياضية، صنف نفسه على غير الحقيقة مثقفاً، اختلطت الأوراق حين غاب المثقفون الحقيقيون، فإلى متى الانتظار في قضايا لا تحتمل الانتظار؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية